arpo28

معوّقون وسط الحرب

تختلف معاناة الأشخاص المعوّقين في اليمن اليوم عن سواهم من المدنيّين، في ظل استمرار عمليات "عاصفة الحزم" والمواجهات المسلحة في البلاد، وتفاقم الوضع الإنساني الناجم عن فقدان خدمات كثيرة.

علي إسماعيل يعاني من إعاقة حركية، يقطن في أحد المساكن الشعبيّة في شمال العاصمة صنعاء. هو كبير إخوته الثلاثة ويتخوّف من اتساع رقعة العنف في صنعاء، إذ "أعجز عن التصرّف في مثل هذه الحالات". ويشير إلى أن جيرانه يساعدونه على توفير احتياجات العائلة في أوقات القصف. فمذ بدأت "عاصفة الحزم" قبل نحو أربعة أسابيع، لم يعد يخرج من منزله.

دارس البعداني كفيف، يعمل مقدّم برامج في إذاعة محلية. يشدّد على أن المعوّقين في اليمن يواجهون مشكلات مختلفة ومضاعفة، نتيجة استمرار الحرب، لا سيّما ذوي الإعاقة الحركيّة الذين يعجزون عن التنقل. ويلفت إلى أنهم في الظروف العادية يعانون.

ويوضح البعداني إلى أن أكثر ما "يقلق المعوّق حركياً، هو تعرّض المحيط الذي يسكن فيه لقصف أو لاشتباكات مسلحة. فهو يعجز عن التحرّك في مثل هذه الظروف كالناس الأصحاء". يضيف أن المعوقين في اليمن لا يتلقون التوعية المناسبة، ولا يتدرّبون على إجراءات السلامة في ظروف الحرب، إلى جانب افتقار البلاد إلى البنية التحتية الخاصة بذوي الإعاقة.

من جهتها، تقول رئيسة قسم ذوي الاحتياجات الخاصة في مكتب التربية والتعليم في محافظة تعز، (وسط) منال الأشول، إن "معظم المعوّقين هم من الأسر الأشد فقراً، التي لا تستطيع توفير احتياجاتها العادية في ظل الظروف الطبيعية. ومعاناتها في الحروب تتضاعف في ظل القصف وندرة المواد الغذائية".

تضيف أن "الحرب تسبّبت في توقف مراكز العلاج الطبيعي التي كانت تستقبل الأطفال الذين يعانون من إعاقات حركية، ومن الشلل الدماغي، وفي توقّف أنشطة الجمعيات التي تعنى بهؤلاء". وتتابع أن "الحرب تسببت في توقف خدمات الصندوق اليمني للمعوّقين بشكل تام، بالرغم من احتياجات عدد كبير من المعوّقين لخدمات الصندوق ودعمه".

وتتحدّث الأشول التي تعاني من إعاقة سمعية، عن "فتيات كفيفات في كل من عدن ولحج (الجنوب) محتجزات في مركز سكن خاص بهن. فهن غير قادرات على العودة إلى ذويهن أو الانتقال إلى أماكن أكثر أماناً". فصندوق رعاية المعوقين عجز عن توفير وسيلة مواصلات آمنة لنقلهن.

إلى ذلك، يشير معاذ الصوفي الذي يعمل كمستشار للأشخاص المعوّقين، إلى المخاطر التي تواجه الذين يعانون من إعاقات سمعية في خلال القصف. يقول: "في حال كانوا في الشارع واشتد القصف، فهم لن يسمعوا ماذا يدور من حولهم. لذا لا يحتاطون، فيتعرّضون أكثر من سواهم إلى الخطر".

يضيف أن توقف عمل مراكز صحية كثيرة "انعكس سلباً على عدد كبير من المعوّقين الذين يحتاجون إلى مراجعة الأطباء والمتخصصين من حين إلى آخر، وبعض المعوّقين ذهنياً قد يتعرّضون إلى انتكاسة في حال توقفوا عن تلقي العلاج الدوائي".

إلى ذلك، يقول الأمين العام لجمعية المعوّقين حركياً في صنعاء فهيم القدسي، إن الجمعية توقفت تماماً عن العمل منذ أكثر من شهر. ويوضح أن "أكثر من 300 جمعية ومركز متخصص في رعاية ذوي الإعاقة في اليمن، أقفلت أبوابها وتوقفت عن تقديم خدمات الرعاية والتأهيل والعلاج، وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي يحتاجها المعوّق".

ويشير القدسي إلى أن "أحداث العنف الدائرة في مواقع مختلفة في اليمن، ستضاعف ولا شك أعداد المعوّقين في البلاد. فتشكّل بذلك حملاً إضافياً على الدولة وعلى المؤسسات العاملة في هذا المجال مستقبلاً". يضيف أن جرحى كثراً نتيجة القصف والمواجهات المسلحة، فقدوا أطرافاً عليا أو سفلى.

12% من عدد السكان

يقدّر متخصصون نسبة المعوّقين في اليمن بنحو 12% من إجمالي عدد السكان، مع أكثر من ثلاثة ملايين شخص يعانون من إعاقات مختلفة. وكان اليمن قد أنشأ الصندوق اليمني للمعوّقين في عام 2002، في حين أصدرت الحكومة اليمنية قانون رعاية وتأهيل المعوّقين الذي نصّ على تخصيص 5% من الدرجات الوظيفية الحكومية لهم. تجدر الإشارة إلى أن مقار تابعة لجمعيات ومؤسسات تعمل في رعاية المعوّقين في عدن وأبين، قد تضررت نتيجة العمليات العسكرية الأخيرة.

زر الذهاب إلى الأعلى