arpo28

العطش يفتك بأهالي عدن

دمر قصف عشوائي شديد في مدينة عدن خزان مياه رئيسيّاً، مما أدى إلى توقف خدمة توصيل المياه عن نصف سكان المدينة، وسط صيف حار تصل درجته إلى 50 درجة مئوية.

وقال رئيس مجلس عدن الأهلي، المهندس خالد نعمان، إن القصف دمر الخزان بشقيه، الجزء الذي يقوم بتوفير الماء لمديرية كريتر كاملة، وهي أكثف مديريات المدينة سكاناً، والجزء الآخر المزود لمديريات المعلا والقلوعة والتواهي بكل مناطقها.

ووجه نعمان نداء عاجلا للحكومة اليمنية وقوات التحالف بسرعة توفير أكثر من خمسين شاحنة نقل مياه بسعات كبيرة لإنقاذ السكان في عدن، بعد أن تم استهداف وتفجير خزان المياه الرئيسي الواقع في أعلى قمة "باب عدن".

وقال نعمان، وهو الرئيس السابق للهيئة العامة للمياه في جنوب اليمن قبل الوحدة اليمنية، إن قصفا عشوائيا شديدا دمر الخزان بشكل كلي، بالاضافة إلى تدمير كل التوصيلات والتركيبات الملحقة بمنظومة الأنابيب المرتبطة بها من محطة الضخ الرئيسية في جبل حديد، واصفا ما حدث بال "الكارثة".

[b]كارثة بأربع مديريات[/b]

وأوضح نعمان أن "كل تموينات المياه لأربع مديريات كبرى من هذا الخزان"، وهذا "ما يعني عمليا الانقطاع النهائي لتموينات المياه لهذه المديريات عبر شبكات الأنابيب بالكامل، لمدة تقارب السنتين على أقل تقدير ما لم يشرع في تنفيذ مشروع طوارئ سريع لبناء خزان بديل، عبر الضخ المباشر من حقول بئر ناصر والفيوش في محافظة لحج المجاورة "، لافتاً إلى أن هذه الحلول ترقيعية، ولن تصل المياه في ظل هذه الحلول إلا إلى المناطق السفلية في هذه المديريات، وستستغرق أكثر من ستة أشهر لتنفيذها إذا توفر التمويل اللازم.

وأوضح نعمان أن المكتب قام باتخاذ حلول مؤقتة لتوفير المياه لمديرية خورمكسر وجزء من مدينة كريتر، عبر الضخ المباشر للشبكة، لكنه أكد أن هذا الحل لن يستمر لفترة طويلة.

وتأسست شبكات توصيل المياه بالأنابيب في مدينة عدن عام 1915، لكن سكانها اليوم وبعد مائة عام، يقومون بتوفير ونقل الماء عن طريق الحمير والنقل اليدوي وأنواع مختلفة من طرق النقل التقليدي، بسبب طول فترة الحصار والحرب، الذي طال كافة مديريات المدينة منذ أربعة أشهر.

[b]معاناة الأهالي[/b]

في السياق، يضطر عبد الخالق الضالعي لقطع مسافة أكثر من كيلومتر يوميا، لجلب الماء من إحدى الآبار في منطقة التواهي.

يقول الضالعي، ل "العربي الجديد": "الماء مقطوع عن الأحياء التي نسكن فيها لأكثر من ثلاثة أشهر، وهذا ما يزيد من معاناتنا مع ازدياد درجة حرارة الصيف"، مبينا أنهم يضطرون لشراء الماء بمبالغ تتجاوز أربعة أضعاف قيمتها في الظروف العادية.

ويضيف: "ننتظر ما يقدمه لنا أهل الخير كل شهر، حيث يتم إرسال بعض الوايتات (صهاريج المياه المتحركة) إلى منطقتنا، كي يقوم المواطنون بأخذ ما يحتاجونه من المياه".
ويرى الضالعي أن مشكلة نقص المياه هي الأكثر تأثيرا على أهالي عدن.

وذكر سكان في المديريات، التي لم تتأثر بتدمير الخزان، أنهم أيضا لا تصلهم المياه بسبب انعدام الكهرباء تماما، وكذلك المشتقات النفطية اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء من أجل ضخ المياه.

ويضيفون أن الحصار المستمر منذ بدء الحرب القائمة، رفع قيمة قنينة المياه إلى 500 ريال (نحو 2.5 دولارين) وهو الأعلى للقنينة في أية منطقة يمنية أخرى.

وأدى انعدام مياه الشرب في كامل المدينة إلى تفشٍّ سريع لأمراض كانت منعدمة في المدينة وبعض المدن المجاورة، مثل حمى الضنك والإسهالات وكثير من الأمراض والوبائيات المرتبطة بالمياه الملوثة، وعلى رأسها الضنك والملاريا.

وتواجه المدينة حصارا بحريا وبريا خلال هذه الحرب، منعها من استقبال كافة أنواع المساعدات الإنسانية، حتى أثناء الهدنة الإنسانية التي أعلنت في منتصف شهر مايو/ أيار الماضي، حيث تقول تقارير الأمم المتحدة إن المسلحين المسيطرين على نقاط التفتيش المؤدية إلى المدينة، وهم يتبعون أنصار الله (الحوثيين) وحلفاءهم من قوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، يمنعون إدخال أية مساعدات لأهالي المدينة، مما جعل الوضع الإنساني ككل يتعقد بشكل غير مسبوق.

[b]نصف السكان[/b]

الجدير بالذكر أن منظمة أوكسفام البريطانية كانت قد أشارت، في تقرير نشر مؤخرا، إلى أن نحو 16 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على مياه صالحة للشرب أو الاستفادة من الصرف الصحي، بالتزامن مع نقص الوقود واستمرار القتال والقصف الجوي، مؤكدة أن الرقم الجديد زاد بنحو 3 ملايين نسمة مقارنة بالوضع السابق.

وقالت المنظمة إن عدد اليمنيين الذين كانوا لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة قبل الحرب بلغ نحو 13 مليوناً (نصف السكان)، لكن العدد زاد بعد اندلاع المواجهات المسلحة الأخيرة، وأن "نظام توزيع المياه الحكومي يغطي ثلث السكان فقط، بينما 20 في المائة، كان لديهم إمكانية للحصول على المياه عبر الآبار العامة أو بطرق أخرى".

وحسب التقرير الوطني الأول لرصد الحماية الاجتماعية في اليمن، الصادر العام الماضي، فإن 43 في المائة من اليمنيين يحتاجون للمشي لمدة 30 دقيقة للوصول إلى مصادر المياه.

زر الذهاب إلى الأعلى