أرشيف محلي

التفجيرات تُفرغ مساجد صنعاء

تُسجَّل مشاهد مذهبية جديدة في اليمن، هي الأعنف في البلاد منذ منتصف شهر مارس/آذار الماضي. وتأتي شبيهة بما يحدث في العراق من تفجير للمساجد.

وقد شكّل تفجيران انتحاريان استهدفا مسجدَين يكثر فيهما مؤيّدو جماعة أنصار الله (الحوثيون) في مدينة صنعاء، مبرراً للجماعة لإعلان التعبئة العامة واقتحام المدن الجنوبية. لكن ذلك لم يمنع وقوع عدد من التفجيرات في خلال شهر رمضان الجاري، على مقربة من مساجد يقصدها أنصار الجماعة في العاصمة، خلفت عشرات القتلى والجرحى.

وصار كثيرون من سكان المدينة يخشون التوجه إلى المساجد لأداء الصلوات أو النوافل أو الاعتكاف في آخر أيام رمضان، بعدما تزايدت العمليات الانتحارية التي تنوّعت ما بين استخدام سيارات مفخخة تفجّر أمام بوابات المساجد، أو عبر انتحاريين يفجّرون أنفسهم بين المصلين في المساجد، لا سيّما في أثناء صلاة الجمعة وسط الاكتظاظ.

يشير عبد الوهاب محمد إلى تناقص ملحوظ في أعداد المصلين في مسجد المشهد في منطقة سوق مسيك، قائلاً إن هذا "المسجد هو من أكبر المساجد في المنطقة، والمصلون فيه لم يكملوا الصف الواحد في إحدى صلوات القيام". يضيف ل "العربي الجديد" أنه "لم يحدث من قبل أن وصلت أعداد المصلين في هذا المسجد إلى هذا الحدّ المتدنّي، على الرغم من أنه لا يتبع للحوثيين. ظروف الحرب تسببت بذلك".

من جهته، يخبر صلاح البعداني أنه يضطر إلى الابتعاد عن المساجد الكبيرة القريبة من منزله في شارع هايل وسط العاصمة، ويقصد أحد المساجد الصغيرة البعيدة، لأن احتمال وقوع عمليات انتحارية فيها منخفض. ويقول ل "العربي الجديد": "كانت محاولة لتفجير مسجد القبة في المنطقة قبل أسبوع. وقد توقفت عن اصطحاب أبنائي إلى المسجد حرصاً على حياتهم"، مضيفاً أنه يفكر في عدم الخروج نهائياً للصلاة في مساجد صنعاء حتى تنتهي الحرب.

الأمر نفسه بالنسبة إلى محمد الأرحبي الذي أحجم عن التوجّه إلى المسجد الموجود في منطقة الصياح، بعدما اعترف تنظيم "داعش" باستهداف أكثر من مسجد ينشط فيه الحوثيون، بحسب قوله. يضيف ل "العربي الجديد": "أنا وغيري من الناس امتنعنا عن الذهاب للصلاة في بعض مساجد المنطقة، نظراً لاحتمال تعرّضها لخطر التفجير".

لكن آخرين يحرصون على زيارة المساجد والصلاة فيها على الرغم من هذه التهديدات، وحتى في المساجد التي تعرضت لعمليات انتحارية سابقة. هناك، يحرص مسلحون من الأهالي على تفتيش المصلين عند أبواب المساجد، في محاولة للحد من أي أعمال انتحارية أخرى.

وكان الحوثيون قد عملوا على وضع حواجز وعلى قطع شوارع على مسافات مختلفة من المساجد التي ينشطون فيها، للحد من استهدافها مثل مسجد البليلي ومسجد النهرين في صنعاء القديمة. وهو الأمر الذي تسبب في ازدحام سير، فصارت الحافلات تسلك شوارع وأحياء ضيقة، ما أثار غضب السكان والسائقين على حد سواء.

في السياق، يؤكد نائب مدير التوجيه والعلاقات في وزارة الداخلية، العقيد محمد حزام، على أن "الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها الأمني والوقائي بالإضافة إلى عمليات ملاحقة الخلايا والجماعات التي تنفذ هذه العمليات". وطالب سكان صنعاء "بتفويت الفرصة على هذه التيارات المتطرفة، وعدم الانجرار لأي أعمال تخل بالأمن والتعايش الموجود في العاصمة منذ القدم".

وينفي حزام في حديث إلى "العربي الجديد" وجود "مساجد خاصة بالسنة وأخرى للشيعة في اليمن، كما هي الحال في بعض الدول العربية والإسلامية". ويوضح أن "اليمني الزيدي والشافعي يصليان صلاة الجماعة الواحدة في المساجد نفسها. ومن بين الذين توفوا نتيجة العمليات الانتحارية التي استهدفت بعض مساجد صنعاء في خلال الفترة الماضية، يمنيّون من الزيود والشوافع".

ويسري قلق شعبي ورسمي واسعان بعد ازدياد وتيرة الهجمات المتطرفة وتحولها نحو المذهبية، مع توسع الجماعات المتطرفة أخيراً أكثر فأكثر، وظهور تنظيم "داعش" لأول مرة في اليمن في خلال الأحداث الأخيرة. وكان الجيش اليمني قد نجح في حربه على تنظيم "القاعدة" بشكل واسع ولأول مرة في منطقة أبين في منتصف عام 2012، ومن ثم في أبين وشبوة في منتصف عام 2014. لكن تراجعاً سُجّل مع اقتحام مسلحي الحوثيين مدينة عمران في تلك الفترة.

زر الذهاب إلى الأعلى