الطفل أحمد سامي، عمره 13 عاماً فقط، "اخترع"، أخيراً، سلاح كلاشينكوف على طريقته البدائية الخاصة. فهو يريد اللعب، لكنّ الوسائل التي أمامه أصبحت معدومة، وتفاصيل الحرب الدائرة في صنعاء جعلته يكتشف فكرة اختراع جديد للتنفيس عن ملله، وللترويح عن ضجره، مثله مثل آلاف الأطفال اليمنيين الذين لا يجدون سبيلاً إلى التسلية في يوميات الحرب الصعبة.
يشرح سامي في حديث، كيف حصّل في البداية على كرتون مقوّى، وكيف بدأ يصنّعه على شكل سلاح كلاشنكوف، يشبه هذا الذي يحمله المسلّحون ويجوبون به شوارع المدينة.
بطريقة محكمة غطّى سامي هذا الكرتون باللاصق الأسود، وفي مؤخّرة قصبة الكرتون المستديرة وضع سامي بالونة عادية، أدخل بعدها الخرزات، أو حصى الأحجار الصغيرة إليها. ومجرّد أن يشدّ البالونة تنطلق منها تلك الخرزات والحصى إلى مسافة بعيدة. كما لو أنّها رصاصة. وهي قد تحدث إصابات خفيفة في حال أصابت وجهاً أو رأساً.
ليس الطفل اليمني الوحيد الذي لجأ إلى هذه الطريقة الجديدة في اللعب. في جولة سريعة في شوارع المدينة ستلتقي بمجموعات متفرّقة من أطفال يحملون أسلحة مصنوعة من الكراتين ذاتها والعلب الفارغة.
ليث محمّد (11 عاماً) هو الآخر معروف بين أطفال الحيّ ب"القائد". يقول إنّه يستمتع جدّاً بهذه اللعبة التي يداوم عليها يومياً. ولديه خطّة خطيرة في الاختباء بأمكنة مختلفة. أما حسام الريمي، ابن العشرة أعوام، فهو أكثر من يتفاخر بأنّ السلاح الذي لديه يعتبر الأضخم والأكبر بين أسلحة زملائه الصغار.
ويؤكّد أنّه لم يصنع بندقيته من الكرتون، بل من علب المشروبات البلاستكية الفارغة. ويتوزّع مع بقية الأطفال على شكل فريقين متحاربين ينتشرون في أزقّة الحيّ ويضعون المتاريس الترابية أو يبحثون عن أماكن سرية للاختباء.
يلعب على طريقة الكبار. حتّى طريقة كلامهم وألفاظهم تحاكي ما يسمعونه في البيت أو وسائل الإعلام. لا يفعلون أكثر من مجاراة الواقع. لا يفعلون أكثر من الحلم باستمرار الحرب، من دون أن يعرفوا أنّها في الحقيقة ستقتلهم.