السَّيدُ الرئيس: لعلها المرةُ الأولى التي أتابع فيها الانتخابات في الولايات المتحدة باهتمام، كما أنها المرة الأولى التي أتابع احتفالات تنصيب رئيس أمريكي.. وكما أسعدني وأسعد الملايين من العرب والمسلمين وغيرهم من بني البشر فوزك الساحق في الانتخابات، فقد أسعدني وأسعدهم جميعاً ما رأوه من حفاوة بالغة في احتفال تنصيبك رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. وأفرحني وأفرحهم ذلك الالتفاف منقطع النظير من حولك وأنت تخطو نحو البيت الأبيض في اللحظة التي كان سلفك مجرم الحرب "جورج دبليو بوش"
يغادره مصحوباً بلعنات الملايين من أبناء الولايات المتحدة أولاً ومن بقية أنحاء العالمk ثانياً. وكان من أهم الأشياء التي لفتت الانتباه في حفل تنصيبك رئيساً، ذلك التجاهل الجماهيري المخزي والمهين لسلفك ونظرات الاحتقار والازدراء التي رافقت دخوله إلى المنصة وخروجه منها.
لقد كادت الأكف تتشقق وهي تصفق عند ظهورك وأثناء أدائك القسم وخلال إلقاء بيانك الرئاسي الرفيع في المعنى والمبنى، وكادت الحناجر تلتهب وهي تهتف باسمك، ولم يكن ذلك الاحتفاء ليعبّر عن الأمل في عهدك الجديد فحسب، وإنما كان يعبّر أيضاً عن مشاعر الغضب الذي يكنه الشعب الأمريكي تجاه ذلك المغامر "التكساسي" الذي أفقد الشعب الأمريكي ودولة الولايات المتحدة احترام العالم بتصرفاته الخرقاء وعدوانيته وأساليبه الهوجاء في مواجهة أحداث 11 سبتمبر واستعدائه لكل مسلمي العالم بل لكل إنسان شريف في العالم. وإقفاله كل وسائل الحوار والتواصل مع الشعب الأمريكي العظيم الذي أثبت باختيارك رئيساً أنه على درجة عالية من الوعي والتسامح والإيمان بمبادئ الحق والعدل والحرية والمساواة بين الأفراد والشعوب.
السيد الرئيس: أعرف أن وقتك ثمين للغاية وأن ملايين الرسائل المباشرة وغير المباشرة سوف تصل إلى مكتبك البيضاوي، لهذا سأحاول أن أوجز في خطابي مبتدئاً بأصدق التهاني بوصولك إلى البيت الذي لم يكن أجدادك يحلمون بالمرور من عند أبواب حديقته، ثم أتقدم إليك برجاءين اثنين خلاصة أولهما: أن نجاح عهدك مرهون بإحراق الأجندة العدوانية والتقارير السياسية والأمنية والاقتصادية التي تركتها الإدارة البائدة على طاولتك لكي تواصل الغرق في دهاليزها المعتمة، وثانيهما: أن تبدأ بتشكيل لجنة من حكماء الأمة الأمريكية وعقلائها، وهم كثر، لإيجاد تعريف دقيق للإرهاب وتوضيح الفارق الكبير بينه وبين المقاومة المشروعة للشعوب المضطهدة.
وسوف يتبين لك ولمواطنيك جميعاً أن مقاومة الشعوب في فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان والصومال مشروعة وضرورة يحتمها الواجب الوطني والتاريخي والأخلاقي. وأن واجب الولايات المتحدة "زعيمة العالم الحر" وبقية الدول التي تدعي أنها تؤمن بالحرية وحقوق الإنسان أن تقف إلى جانب هذه الشعوب وأن تناصر قضاياها العادلة بدلاً من أن تقف إلى جانب أعدائها وتساعد على خذلان المطالب المشروعة لكل شعب يسعى إلى تحرير وطنه والخلاص من طغيان الاحتلال والغزاة.
السيد الرئيس: العالم كله يعرف أنك كنت أستاذاً للقانون ومحامياً عن العدالة قبل أن تكون حاكماً لولاية الينوي ثم سيناتوراً في الكونجرس، وخطاباتك السابقة كما في خطاب التنصيب تكشف عن ثقافة أصيلة ووعي بمشكلات العالم ومعرفة عميقة بالأخطاء، أو بالأحرى الآثام التي يرتكبها الإمبرياليون والمحافظون الجدد في حق الشعوب الباحثة عن مكان متقدم في خريطة المستقبل، والدور الذي لعبه هؤلاء في التجني على الإسلام بخاصة، واضح وقائم، علماً بأنه الدين الذي ارتقى بالإنسان روحياً وعقلياً وساوى بين الأجناس وجعل قيمة الإنسان في عمله الصالح لا في لونه أو عرقه، كما كان شعاره "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". وإذا كان قد حدث خلل ما في التطبيق أو انحراف من بعض الحاكمين المحسوبين على الإسلام فذلك لا يُدين هذه العقيدة السمحاء ولا يعكس هدفها الأسمى والرامي إلى إسعاد البشرية ونشر المحبة والتعاون بين أبنائها على اختلاف عقائدهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية، وتاريخُ الحضارة العربية الإسلامية يثبت بجلاء لا لبس فيه أنها كانت حضارة إنسانية شاَرَك في إقامتها مسيحيون ويهود وغيرهم من الذين انضووا باقتناع تحت نظام الحكم الإسلامي في أوج عظمته وازدهاره.
الأستاذ علي محمد أحمد صبرة في كتابه الفكري الأول:
كان في الجامعة واحداً من أبرز الطلاب. وربما حالت أسباب دون التحاقه بالدراسات العليا، لكنه واصل كتابة أبحاثه العلمية الجادة. وفي كتابه الأول، وعنوانه (مقدمة في فلسفة التاريخ من وحي القرآن الكريم) باكورة فكرية تستحق الاهتمام بما تطرحه من رؤى عميقة وتحليل موضوعي لكثير من القضايا الشائكة في التاريخ الإسلامي. يقع الكتاب في 161 صفحة من القطع الكبير.
تأملات شعرية:
الكبير هو الله،
لا شيء أكبر منه على الأرض
أو في السماء
هو البدء والمنتهى
وإليه مصير الزعامات خاضعة
ومصير الشعوب.
كل ما هو أبيض
في هذيان الكلام يصير سواداً
وما هو أسود يغدو شديد البياض
إذا الله أعطاه من ضوئه
لمعة من صفاء القلوب.