[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

الإصلاح وقضايا المرأة

عبدالفتاح البتول

يحسب للتجمع اليمني للإصلاح ذلكم النقاش والجدل والمجادلة التي دارت في ثنايا مؤتمره العام الرابع –الدورة الثانية- والإيجابية تكمن في شكل الحوار وأسلوب التحاور الذي قدم نموذجاً، أما بخصوص مادة الحوار وعنوان التحاور الذي تركز حول المكتب النسوي وتحويله إلى دائرة، فالأمر لا يستحق كل هذا العناء والخلاف، باعتباره خلافاً صورياً لا جوهرياً، فلا يوجد فرق جوهري بين المكتب والدائرة، خاصة من الناحية الشرعية والفقهية بل أن تخصيص دائرة للمرأة أفضل من المكتب، حيث أن رئيسة المكتب النسوي تتواصل تنظيمياً وإدارياً مع الأمين العام كشخص بينما رئيسة الدائرة تتواصل مع الأمانة العامة كهيئة فالمسألة كما تحدث رئيس الهيئة العليا الأستاذ محمد اليدومي إدارية تحكمها الأنظمة واللوائح.

بل أنني أقول أن وجود دائرة للمرأة في هيكل الأمانة العامة لا يعتبر تطوراً ولا يشكل خطوة كبيرة، فالمسألة الأساسية هي تفعيل دور المرأة في إطار الإصلاح بشكل عام والدفع نحو مشاركة حقيقية للمرأة بعيداً عن الرؤية التقليدية ومن إطار التعاليم الشرعية، وإعطاء المرأة دائرة من دوائر الأمانة العامة تميز لها وتقليل من دورها ووظيفتها.. فهل إعطائها دائرة يعني أن بقية الدوائر للرجال؟! أليس للمرأة نشاطاً إعلامياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً.. الخ يجعل من الضروري أن تكون مشاركتها في التنظيم مشاركة فعل وإدارة في إطار التكامل بين الرجل والمرأة، لأجل ذلك فإن وجود دائرة للمرأة يشكل عائقاً لها لا حافزاً،

والحديث عن قطاع نسوي يعني وجود تنظيم موازي ومقابل لتنظيم رجالي، وهذا التقسيم والتوزيع ليس له أي أساس تنظيمي ولا إداري ولا حتى سند شرعي وديني، وهذا ينطبق على صفحة المرأة من أي صحيفة، وعلى وجود اتحاد للنساء أو جمعية للمرأة، وعلى كوتا الانتخابات وإغلاق بعض الدوائر للنساء لوصولهن للبرلمان، كل هذه الأشكال والمحددات والأنماط تعتبر تمييزاً سلبياً ضد المرأة والمشكلة أن المرأة والذين يدعون أنهم معها يناضلون ويطالبون بنظم ومطالب وقوانين تمييزية سلبية لا تخدم المرأة والتجمع ولا المجتمع.

والغريب أن يطغى النقاش حول دائرة المرأة على تعديلات النظام الأساسي بشكل عام، وعلى المواد التي تم التصويت على تعديلها مادة مادة، وهل كانت التعديلات مهمة وضرورية وصائبة أم العكس؟ وعلى سبيل المثال فإن الانتقال من الهرم المقلوب إلى الوضع الطبيعي وأن تكون المؤتمرات المحلية سابقة للمؤتمر العام، فهذا تعديل صائب وأمر مطلوب ولكن هل انتخاب أعضاء مجلس الشورى من المؤتمرات المحلية بدلاً عن المؤتمر العام تعديل صائب أم خاطئ، شخصياً لا أعرف ولا أعلم الحكمة من هذا التعديل والمسوغات التي دعت لإقراره، وهل لذلك علاقة بتعزيز وتوطيد اللامركزية التنظيمية؟ والتخفيف من المركزية، وهل سيكون لهذا التعديل آثار سلبية مثل المناطقية وكيف سيتم مراعاة وجود الكفاءات والتخصصات والتنوع المعرفي والسياسي عندما يكون أعضاء مجلس الشورى منتخبين من المحافظات والمناطق؟ أسئلة تحتاج لإجابات وتساؤلات تتطلب توضيحات.

وبخصوص بقية المكاتب التي تحولت إلى دوائر بعد التعديلات فإن وجود دائرة قانونية خطوة صحيحة وسليمة ولا غبار عليها، ولكن الأمر لا ينطبق على المكتب الطلابي والانتخابي وتحويلهما إلى دائرتين، فأما المكتب الانتخابي فالأصل أنه جزء أو مكمل للدائرة السياسية، وإذا أصبح للانتخابات دائرة فماذا سيكون للدائرة السياسية من عمل أو نشاط، ومن هذا التعديل تهويل للعمل الانتخابي وتهوين من الدائرة السياسية وأنشطتها، وسيؤدي ذلك إلى وجود تناقض وتضارب بين الدائرتين واختصاصاتهما، والأصل أن تكون الانتخابات شعبة من شعب الدائرة السياسية، بالإضافة إلى ذلك فإن التوسع وزيادة عدد الدوائر قد يؤدي إلى ترهل العمل التنظيمي وتضخم الرأس على حساب الأطراف، وينسحب الأمر نفسه على دائرة الطلاب التي استحدثت وفق التعديلات على النظام الأساسي للتجمع اليمني للإصلاح والتي تم التصويت عليها في الدورة الثانية من المؤتمر العام الرابع، صحيح أن القطاع الطلابي مهم والعناية به ضرورة ملحة وحاجة ماسة.

ولكن الصحيح ان الاهتمام والعناية به لا يكون فقط هيكلياً وإدارياً وإنما فعليا وواقعياً، ثم أن النشاط الطلابي جزء من العمل التعليمي والتربوي وهناك دائرة للتعليم فيكون الوضع الصحيح والطبيعي ترك الطلاب كمكتب أو شعبة من شعب دائرة التعليم، بالإضافة إلى ذلك فإن تخصيص دائرة للطلاب يفتح الباب والدعوة لوجود دائرة للمعلمين والاهتمام بالمعلمين لا يقل عن الاهتمام بالطلاب بل أن قضايا ومشاكل المعلمين أكثر وأخطر وحل ومعالجة قضاياهم يؤدي إلى تحسين أوضاع الطلاب، ونقصد بالطلاب هنا طلاب المدارس والجامعات والمعلمين المدرسين في المدارس والجامعات ويشمل ذلك التعليم العام والجامعي والمهني والفني وغير ذلك من أنواع التعليم والدراسة وعليه فوجود دائرة للتعليم تشمل كل ما يتعلق بالقضية التعليمية، يغني عن وجود دائرة للطلاب وأخرى للمعلمين.. وتضخم وتوسع في العمل الإداري والهيكل التنظيمي الذي سيكون على حساب القضية الأساسية والمطالب الجوهرية والأهداف الواقعية، المطلوب هو تحسين وتطوير هيكل الأمانة العامة لا توسيعه، ومتابعة المكاتب والشعب يتم عبر الدوائر الموجودة والتي هي في حدود عشر دوائر، وهذا رقم منطقي ومطلوب كقيادة عليا للتنظيم يتفرع عنها شعب ومكاتب وقطاعات ووحدات تنظيمية مختلفة في إطار تسلسل إداري منظم يسهل العمل ويعزز الأداء، أما بعد التعديلات فإن الأمانة تتكون من 17 دائرة بالإضافة إلى الأمين العام والأمينين العامين المساعدين وهذا تضخم قد لا يساعد على تطوير الأداء وتفعيل العمل بقدر ما يعرقله ويضع العوائق أمامه.

أما إضافة التنمية البشرية لدائرة التخطيط والحقوق والحريات للدائرة القانونية فإنه لزوم ما لا يلزم ومن باب الكماليات والجماليات والتحسينات التي قد لا تكون مقبولة ولا مستساغة بهذا الشكل وأما التنمية البشرية فأنها موضة جديدة وظاهرة صوتية تم تهويلها وتضخيم شأنها والمبالغة بأهميتها، مما جعل الإصلاح يضيفها إلى دائرة التخطيط، مع عدم وجود أي تلاؤم أو تناسب بين التخطيط في إطار الحزب السياسي والتنمية البشرية.

أما إضافة الحقوق والحريات إلى الدائرة القانونية فأنه عمل جمالي، وإلا فإن الحقوق والحريات من مهام وأعمال الدائرة القانونية من الناحية العملية، والعبرة بالمقاصد والغايات لا بالعناوين والشعارات وفي كل الأحوال فأن هذه التعديلات تدخل في نطاق الأمور الإدارية الاجتهادية التي لها سلبيات مثلما لها إيجابيات قد ينظر إليها البعض من زاوية والبعض من زاوية أخرى وهكذا، وفي الأخير فإن القيام بتعديلات على النظام الأساسي وما دار من نقاشات في جلسات المؤتمر العام الرابع للإصلاح تؤكد على حيوية هذا الحزب وقابليته للتطور والتقدم والاستفادة من المتغيرات والمستجدات والجمع بين الأصالة والمعاصرة.

كاتب ومحلل يمني - الناس

زر الذهاب إلى الأعلى