بقلم/ محمد صالح الرميم
إن أحداً لا يستطيع أن يكبت غيظة وحنقه أمام تصرفات لا مسئولة من جهات يفترض فيها أن تكون أشد الناس حرصاً على الوحدة والتوحد عملاً لا قولاً فحسب، وما أثار حفيظتي هو ماحصل من تكريس للإنقسام الفلسطيني على الأرض أثناء بث البرنامج الإحتفالي ليوم الأرض مساء السبت الموافق 4/4/2009م في قناتنا الفضائية بمناسبة "القدس عاصمة الثقافة العربية" والذي كان يفترض أن تمثل كل الفصائل الفلسطينية الموجودة في اليمن وخصوصا الفصيل الأكبر حركة حماس والذي تمثل الحكومة الشرعية الفلسطينية بإنتخابات حرة ونزيهة، فتجاهلها في كل القضايا المصيرية سواءا محليا أو إقليمياً أو دولياً حقيقة يخدم العدو الصهيوني المستفيد الوحيد من الفرقة والتمزق وتشتيت الجهود والرؤى لقيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف كلام مش "هرجلة إعلام، ودغدغة عواطف" كما تعودنا أن نسمعة من كثير من المزايدين على القضية الفلسطينية.
وعموما كان المهرجان عنوان عريض للإنقسام بدلا من إستغلال مثل هذه المناسبات للتقريب بين الإخوة وسد فجوات الخلاف القائم على أساس توحيد الجهود لتقوية سواعد المقاومة التي أثبتت لنا الأحداث على مر الأزمان أن اليهود "الصهاينة" لا يحترموا معاهدة ولا إتفاق ولا يعرفون إلا منطق واحد هو منطق القوة، والقوة وحدها هي الكفيلة بتحرير كل شبر من أرض فلسطين المحتلة.
وعند بداية البرنامج حاولت أن أٌسلي نفسي وأحدثها بأن الخلاف الفلسطيني داخلي لا يتعدى البيت الفلسطيني وأما في الخارج فالقضية واحدة والهدف واحد ولا كن مالبثت أن أصبت بالإحباط الشديد من نظرتي تلك التي بددها القائم بأعمال السفير الفلسطيني فايز محمود عبد الجواد بكلمته التي حولت الواقع من واقع إحتلال يتطلب المقاومة الشرعية حتى تحرير أخر شبر في الأرض إلى مجرد إحتفال شكلي لا يتطرق إلى وسائل التحرر ولا لما تم من عدوان وحشي صهيوني على إخواننا في قطاع غزة وما هو المطلوب من الأمة من دور وجوبي في نصرة إخوتنا في العقيدة والتاريخ.
وزاد الطين بلتين وليست بلة واحدة عند إختتامة لكلمته حاول أن يختم بأية من القرآن الكريم فقال " بسم الله الرحمن الرحيم" (( وترونها بعيدة وإنها لقريبة، وإنا لصادقون)) طبعا لا توجد أية بهذا الشكل لا بالقرأن الكريم ولا في التوراة أو الإنجيل، عندها شعرت بأن الخطأ جسيم عندما خططوا في دهاليز الغرف المظلمة لتغييب ممثل عن حركة حماس، كونهم أصحاب الشأن بجانب إخوانهم في حركة فتح وغيرهم من الفصائل بكل أشكالها وألوانها، أقصد أنه كان من الواجب على القائم بأعمال السفير أن لا يقحم نفسه في خطأ يكشف بشكل كبير عن جذور ثقافته ونوعية الأساليب في التعامل مع قضية المسلمين الأولى على مدى التاريخ حتى اليوم، فلن يمكن الله عباده من النصر إلا عندما يتصفوا بصفات المؤمنين وهم جيل النصر الذي قطع الله سبحانه وتع إلى عهداً على نفسه بنصرهم قال تع إلى (( وكان حقاً علينا نصر المؤمنين)) وقوله تع إلى (( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم))، فبالله عليك أخي القارئ كيف ننتظر نصراً ممن لا ينتصر على نفسه ويأطرها أطراً على القيام بالواجبات الشرعية من عبادات ومعاملات ومن إيمان عميق بأن مأخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة وليس بمعاهدات سلام إبتداءاً بكامب ديفيد ومروراً بأوسلو وخارطة الطريق وشرق أوسط جديد وأنابوليس ولا بحل الدولتي.. كلها مصطلحات جوفاء الغرض منها هو أن نعيش على أمل كاذب وأن يشغلونا عن التوحد ويقسمنا العدو إلى معتدل وممانع كما هو حاصل من تمزق في الصف العربي ممن يرى أن السلام هو السبيل الأوحد لحل قضية فلسطين، وهؤلاء إما جهلة وأنا أستبعد ذلك أو أستلموا قيمة مواقفهم السلبية تجاه قضايا أمتنا المصيرية.
والشق الأخر الذي لايرى من سبيل للتحرر من الإحتلال سوى طريق واحد هو طريق المقاومة دون سواه، وهذا السبيل الذي أنتصر للمقاومة في غزة بعد حرب غير متكافئة من الأرض والبحر والجو بأعتى أنواع الأسلحة الأمريكية الصنع، ولاكن وعد الله قائم متى ماكنا على شروطه، كما ذكرت الأيات أعلاه. وعموما وللإنصاف كانت كلمة الأخ على العثربي نائب رئيس الدائرة الثقافية بالمؤتمر عقلا نية وركزت على أهمية التوحد وإنهاء كل ظواهر الإنقسام وأنه لا يمكن أن ينتصر الفلسطينيون دون توحد والوقوف وقفة رجل واحد أمام العنجهية والغطرسة الصهيونية التي لايوقفها إلا قوة المقاومة، وما حدث في غزة أكبر دليل على ذلك، فهم قوم لا يجيدون الوفاء بالمعاهدات والإتفاقات والسلام.
ومما يؤكد طرحنا أنه أمر دبر بليل هو إستفراد المؤتمر الشعبي بالحضور في المهرجان دون غيره من الأحزاب ذات القاعدة العريضة في الشعب والإكتفاء بالإشادة بأدوار المؤتمر التي لم نراها أبداً وتعمد تغييب بقية الأحزاب الفاعلة والمنظمات المهتمة بقضية العرب والمسلمين الأولى، ولكن الوزير اللوزي تدارك الأمر في الأخير بدعوته للفصائل الفلسطينية للتوحد وهذا يحسب له وكان الأجدر بالجميع أن يدركوا أهمية التمثيل المتساوي للفصائل وخاصة الفاعلة في الساحة الفلسطينية، وعلى كل أتمنى ويتمنى كل وطني غيور في يمننا الحبيب أن يتدارك مثل هذا الأمر في الأيام القادمة وتظل مواقف اليمن عالية ومشرفة بالنسبة للقضية الفلسطينية كما كانت بل المطلوب أن تؤثر فينا الأحداث كما أثرت على الغرب بكل فئاته ومستوياته الذي بدأ بالتسليم بأنه لا مفر من الحوار مع حركة حماس التي فرضت نفسها كرقم صعب يستحيل على أي كائن في الكون تجاوزه .. فكأن الأمر من ظاهره كان إتفاق بين المؤتمر وممثلي فتح كالتالي: إمدحني أمدحك، جمل صورتي أجمل صورتك، وقال المثل الشعبي قديما " من شاهدك يا فلان قال خبيري".
كاتب يمني