آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

ربنا اكشف عنا العذاب إنّا مؤمنون *محمد راوح الشيباني

في بُقعة مّا على ظهر هذا الكوكب التعيس بأفعالنا وجرائمنا، كانت الكاميرا تستعرض لنا صور بعضا من بضعة ألاف من الرهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، تجمّعوا داخل قاعة مغلقة في عاصمة "مملكة خلف الشمس الديمقراطية".

كانت الصورة عبارة عن بانوراما بشرية كبيرة لأناس ضمن الكائنات الآدمية لكن سلوك بعضها على الواقع يناقض حقيقة انتمائها لجنسها، كانت الصورة تظهر ملامحهم بوضوح تام، ذكورا وإناثا فرادى وجماعات شيوخا وشيبانا، صبايا وغلمانا، ولم أجد ما يخفف فجيعتي ببعضهم سوى ترديد قوله تع إلى (ربنا اكشف عنا العذاب إنّا مؤمنون) ذلك أن المتفحص في وجوه هذا البعض غير السوي، لا يمكنه سوى الاستعاذة منهم ببعض آيات القرآن الكريم التي تصف أفعالهم ووظائفهم وما يرتكبونه من موبقات وخطايا في حق شعبهم ووطنهم في العهد (الصالح) فمنهم من ينطبق عليه قوله عز وجل (ولقد ذرأنا لجهنم كثير من الجن والإنس * لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضّل أولئك هم الغافلون) وهناك الذين قال الله فيهم (كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) وهناك من يصدق فيهم قوله تع إلى (لا تصلي على احد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) وهناك من ذكر الله أمثالهم بقوله (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم) وهناك ممن لا يصلحون سوى أن يكونوا ممن قال الله فيهم (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) وهناك من تخّصهم الآية بقوله (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا).

وهناك من قال الله فيهم (الأعراب اشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله)وهناك من يصدق فيهم قول المولى(إنما جزاء الذين يسعوّن في الأرض فسادا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقّطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفّوا من الأرض) وهناك من قال فيهم(يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) وهناك من إن تراه تقول فورا : ربنا لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا ..

وهناك من يذكرنا بقوله تع إلى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله) وهناك أهل الكهف وكلبهم (باسط ذراعيه بالوصيد) وهناك امرأة " فرعون" تقول (ربي ابنْ لي عندك بيتا في الجنة ونجّني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين) وهناك في الزاوية القصوى امرأتي " نوح ولوط " وهناك بلقيس وأروى وهناك الفاضلات الرائعات والقدوة الطيبة للنساء ممن لا يسع المرء سوى احترامهن وتقديرهن وإجلالهن رغم قِِّلَتِهن وهناك غزال المقدشية وزرقاء اليمامة وحتى " سجاح " وبجانبها مسيلمة، وهناك بعض الأبطال والشرفاء والخيرين والغيورين على وطنهم ولكن لا يسمع لرأيهم أو يستفاد من خبرتهم، وفي (ترافلجار) الطرف الأغر جلست(بعض النسوة اللاتي قطّعن أيديهن) ومعهن امرأة العزيز تراود فتاها بالهاتف، وهناك (القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا) وهناك " رابعة " تتبتل وتناجي مولاها وسيدها، وهناك (الغرانيق الُعلىَ) وهناك من وصفهم الله بقوله (سمّاعون للكذب أكَّالوُن للُسحتْ) وكذلك بعضا ممن قال الله فيهم (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) وهناك المغلوبين على أمرهم ممن يقولون في سرائرهم (ربنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا، ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) وهناك ورثة الوظائف و(الهنجمة والنخيط) تحت قوله عز وجل (إنا وجدنا آبائنا لها عاكفين وإنا على آثارهم لمقتدون) كما حضر القانع والمعتّر وابن السبيل وعاقر الناقة و(يهوذا) العصر وكبش إسماعيل، والسائبة والوصيلة والحام، والمؤتفكة، واللات والعزّى ومناة الثالثة الأخرى، ويغوث ويعوق ونسرا وقد أضلّوا كثيرا، وأيضا كان هناك النطيحة والمتردية وما أكل السبع، وإخوة يوسف والذي قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء، وهناك في قلب الحضور جلس "السامري" يتأمل عِجْله ويتعّبده !! ثم ظهر على الشاشة ذلك الذي قال الله في أمثاله (إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) . بانوراما بشرية متناقضة ومتشاكسة إلاّ ما رحم ربي وقليل ما هم، يجمعهم حب المال والظهور وبدل السفر والجلسات وعرائض طلب المساعدات والترقيات والتعيينات والطاعة العمياء لكل من تزوج أمّنا فهو عمنا.

وبينما هم يعدّدون (منجزاتهم) انقطعت الكهرباء فجأة ولحظة الانقطاع صفق الحاضرون بحرارة شديدة أشعلت من شدتها كل مصابيح القاعة ثانية، فقرر " المؤتمرون " إنتاج الكهرباء بالتصفيق بصورة عاجلة واستثنائية خصوصا بعد نجاحهم الشهير في إنتاجها بالطاقة (النووية)؟! وبينما هم في ظلامهم دخل " إبليس" ببعضهم وكتب على جباه أغلبهم آخر آية في سورة {عبس} وانفض السامر على وعد بوليمة أخرى استكمالا لمواصلة مشوار الموبقات عفوا المنجزات.

قبل الختام :
في ذات تاريخ من القرون الخوالي طلب الخليفة من (حاجبه - سكرتيره) أن يستدعي كل الولاة والعمّال من كافة الأمصار والأصقاع والولايات إلى مركز الخلافة للاجتماع بهم، وفي الموعد المحدد خرج الخليفة على الحضور واستوى على المنصة التي أعدت له، يحيط به كبار أركان حكمه وقادة جيوشه وبعض كبار ولاته وعمّاله، بينما انتظم بقية كبار رجالات الدولة ومعهم صغار الموظفين وكتبة الديوان وكل موظفي المصالح والهيئات والخدمات أمامه، ويبدو أن الخليفة شعر بشيء من الزهّو والغرور في نفسه فقال ل(حاجبه - سكرتيره) انظر كم قد صار لدى الدولة من الولاة والعمال والموظفين؟؟

لكن الحاجب الأمين لم يشأ أن يخون رئيسه ويطعنه في ظهره بعدم إسداء النصيحة المخلصة له؟! ولكنه وجدها فرصة لا تعوّض بالإخلاص والنصيحة لسيده ومولاه ورئيسه؟! فهمس في أذنه قائلا: نعم يا مولاي لقد صاروا كثيرا لأن الدولة أصبحت كبيرة وواسعة، ولكنني أشفق عليك كثيرا مولاي الخليفة من هذا الجمّع الكبير؟؟ فكل واحدا منهم سوف يحاسب بما كسبته يده فقط، أما أنت فسوف تحاسب بما ارتكبته أيديهم كلهم كبيرهم والصغير؟؟ فأنت من عيّنهم ومكّنهم من رقاب الناس!! فانظر لنفسك مخرجا إلى ربك واختار منهم من يعينك على حمل الأمانة ويبيّض وجهك أمام خالقك يوم تسّودْ الوجوه، واعزل من قد كثر شاكوه وقل شاكروه، وعيّن الأمين والكفء والغيور والذي يصدُقك لا ينافقك، الذي يحترمك لا يخافك، الذي يعينك على الحق لا ينصرك عليه بالباطل، حتى وان لم تكن تحبه أو ترتاح له، أو لم يكن من أهلك وأنسابك وحزبك ومواليك، فهي الأمانة يا مولاي فاختر لنفسك من يومك لغدك ومن حياتك لآخرتك ومن سلطانك الفاني إلى سلطان خالقك الباقي ومن دار فنائك إلى مستقر بقائك ما يخفف عنك الحِمِِّلْ والوزر عند لقائه، وقد أطال الله مكوثك وأمّد عمرك في الحكم دون أقرانك،ليفتنك ويبتليك فيمن أستأمنك رقابهم ودمائهم وأموالهم وأعراضهم م وينظر كيف أنت فاعل بنفسك وآخرتك.

آخر السطور:
فخامة الرئيس: هل ما زلت تراهن على إصلاح الأوضاع بنفس العقول المغلقة والقلوب الغٌلفْ والأدوات الصدئة التي أوصلت البلاد إلى هذا القاع من الحضيض ؟؟ إنني اعيذك بالله من المؤتمر الرجيم واربأ بك أن تحّمل نفسك وزر خمسة وعشرين مليون إنسان من أجل إرضاء بضعة ألاف مخرب وسارق وأفّاك ومنافق ومغتصب للوظيفة والحقوق والأموال، إن كثيرا ممن كان أمامك في الدورة الثانية للمؤتمر العام السابع، هم الذين أوصلونا بغبائهم المطلق والنادر إلى هذا الوضع اللامعقول واللا وطني واللا أخلاقي، فكيف يكون الإصلاح بنفس معاول الهدم والتخريب والإفساد، ومنذ متى كان الإصلاح بالملوثين وعديمي الضمائر والذمم ؟؟ تكاد الناس اليوم تكفر بالنظام كله بعد أن فقدت وكفرت بالأمل من إصلاح الوضع على أيدي هؤلاء العابثين منذ العام 97م يوم انفرادهم بالحكم دون شريك أو إتلاف، وتكاد اليوم تكفر بالوطن ذاته ونخشى أن يصل كفرها إلى العقيدة والدين بسببهم !! إن كل مآسي ونكبات الوطن كاملة يتحملها الحزب الحاكم اليوم وحده،ومعظم الذين كانوا أمامك بالأمس هم سبب بلاء وشقاء وأوجاع هذا الوطن من أقصاه إلى أدناه وهم ليسوا مؤهلين للبناء والإصلاح والتنمية، هم مؤهلون للنهب والغش والسرقات والكذب والنفاق أمامك، لذلك فخامة الرئيس أليس أنت من قال ذات يوم أنك لست (تاكسي) لأحد؟؟ أو موظفا عند أحد؟ سوى الوطن والشعب والوحدة والدستور؟؟ لذلك فإننا نناشدك الله والقرآن والعقيدة ثم الوطن والقسم الذي أقسمت به ثم باسم كل الذين انتخبوك رئيسا للبلاد من غير(كثير من المؤتمر) أن تعلن استقالتك الكريمة من رئاسة هذا الحزب العاق لوطنه وأرضه وشعبه لتبقى رئيسا عزيزا كريما لكل اليمن من الغيظة إلى ميدي ومن صعده إلى عدن، حتى نستطيع محاكمة كثير من مسئولي الحزب على ما ارتكبوه من أخطاء تصل إلى درجة الخيانة العظمى بحق الوطن والمواطن دون الإساءة أو التعرض لشخصكم الكريم، وما لم تعلن استقالتك التاريخية الشجاعة عن رئاسة حزب الإفساد العام فإنك ستبدو في نظرنا متسامحا معهم حتى لا نقول غيرها، وهذا ما لا نرضاه لكم ولا ترضوه أنتم لأنفسكم وتاريخكم ... أخي الرئيس فاختاروا لأنفسكم ما شئتم ؟؟

كاتب يمني – تعز
خاص بنشوان نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى