آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

للجار السعودي مكانتان: روحية وقيادية *لطفي النعمان

يُميز الإدارة اليمنية، خاصة فخامة الرئيس علي عبد الله صالح، حسن اختيار التوقيت المناسب للتعاطي مع القضايا اليمنية الملحة، ويبرع في طرق الأبواب الكفيلة بإنجاز أجندته وإنجاح برامجه وسياساته، دون أن يُغيب عنصر موازنة الأطراف المؤثرة بعضها ببعض. لذلك يوصف بالبراعة. وتعني البراعة: القدرة الفائقة على السيطرة والتنسيق الوثيق مع المؤثرين في المحيط العام لتقديم الخطوة أو تأخيرها. وجذب المحلِّق من الجو إلى الأرض.

الشاهد في الأمر توق صنعاء إلى "التخليج"، وتطلع تهامة وحضرموت وعدن إلى استثمار قدراتها، ومرام إب وأبين وريمة تسفير عاطليها، وظمأ تعز لارتواء بنيها.

وتلبيةً للتوق والتطلع والمرام، وإطفاءً للظمأ اليمني، استعرضت القمة الخليجية عام 1996 طلب انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي. وبدأت تلبيته بضم اليمن إلى بعض مؤسسات المجلس عام 2001 كخطوة أولى "للتأهيل"، ورحبت الرياض بحضور وزير خارجية اليمن، د. أبوبكر القربي، غير مرة، اجتماعات مختلفة لوزراء خارجية دول المجلس, واحتضنت صنعاء، لمتابعة تأهيلها والمصادفة الدورية، اجتماعات وزراء الشؤون المالية والخارجية والصحة والاتحادات السياحية والرياضية.

وحين أطل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود ولي عهد المملكة العربية السعودية -عافاه الله- على المكلا وهو على رأس الجانب السعودي في اجتماعات مجلس التنسيق السعودي اليمني، أول يونيو - حزيران 2006، تفاءل المتفائلون بأن يصبح "اليمن خليجياً عبر اجتماعات المكلا"،

وهلل المهللون للسبق الذي حازه مراسل وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) في المملكة العربية السعودية عارف الدوش، 16 مايو - أيار 2006، بنقله تمنيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز انضمام اليمن "في يوم من الأيام" إلى مجلس التعاون الخليجي، باعتباره "جزءاً لا يتجزأ من الخليج"، وتبشيره بتقدم السير في خطوات التأهيل وتكليفه بسرعة تنفيذ المشاريع الخاصة بذلك؛ إذ أجاب الملك، بعفوية وحكمة غير مصطنعين، دون سؤال أو يُطلَب منه أن يغيض بما يفيض جوفه من صدق التمني للجار اليمني.

إن للجار السعودي الشقيق، في كل مكان، مكانتين، روحية وقيادية، لا تضاهيا، وبهما يظل مرجعاً عربياً لا يتجاوز أو يُغلق الباب دونه. والآية ابتداء الرئيس الأميركي الصديق أوباما جولته العربية من الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية قبل وصوله المحطة الرئيسية: القاهرة.

وإذ تنبسط على المرأى بعد ذلك خارطة تاريخ علاقات جوار محكوم بالحرص على الحاضر المعلوم والالتزام المسؤول بتوفير الأمن المشترك، بدلاً من القفز إلى المجهول، والتخلي عن مسؤوليات البناء وتأمين الاستقرار المأمول، يعود منطلق الحديث عن براعة الرئيس وحكمة الملك وحرصهما على تأمين وحدة الجوار الأقرب والألصق، ودمج مجتمعاته الموحدة بالتنوع والتعدد والروابط، دمج المجتمعات في خضم مشاريع واحدة تُشيد بأموال خليجية تتوفر لتنفذها أياد يمنية تبني وتُعمِّر.

ولهذا وصل فخامة الرئيس للقاء أخيه الملك حاملاً الرؤية اليمنية لاستيعاب أهم متطلبات الشراكة الخليجية اليمنية في مختلف المجالات التي تلتقي وتوجهات دول الخليج تجاه اليمن الواحد، وتلقى ترحيب خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، وكافة القادة والمسؤولين المختصين في دول الخليج المهتمين بتأمين استقرار المنطقة.

ومن رياض السعودية ذات المرجعية الحكيمة، والقيادة المؤثرة، والمكانة الأصيلة، والمدد المعين الدائم لليمن، تنفذ صنعاء اليمن إلى الناتج غير المستحيل لمعادلة:
تأهيل + تعميل = تخليج؛ بعد ضمان إسهام الجميع في تأمين استقرار المنطقة.

• لطفي فؤاد أحمد نعمان
[email protected]
* خاص بنشوان نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى