مع خالص تعازينا القلبية لأسر وذوي الضحايا بمختلف جنسياتهم وعقائدهم ومللهم ونحلهم وألونهم، وبعيدا عن الاتهامات لليمنية بالعنصرية والإهمال والمحسوبية كما جاء ف بمقال الأخ والصديق والأستاذ الموسوعي " احمد صالح الفقيه" في حادثة لا تخضع للمناكفات السياسية بقدر ما تخضع لمعرفة الأسباب الفنية شاو الطبيعية التي أدت إلى الكارثة، وعليه أقول مذكرا نفسي أولا ثم بقية الإخوة الذين كتبوا حول هذا الحادث المؤسف انه يجب علينا أن نتقي الله في نفوسنا فيما نقوله أولا..
ولا يعني أننا نختلف مع الكابتن/ عبد الخالق القاضي في طريقة إدارته للشركة لأنه من المقربين لرأس السلطة - زوج ابنة الرئيس- إذن معنى هذا سنفتري عليه وعلى أنفسنا وأننا (ما صدقنا لا قينا جنازة نلطم فيها) على رأي إخواننا المصريين، هل يعقل أن يسافر شخص أربع ساعات واقفا يا أخ احمد وأنت الحريص والمنصف ودائم السفر!! وأنت الكاتب الألمعي الدقيق في معلوماته!! في الوقت الذي لا يسمح لك داخل الطائرة مجرد إبقاء الحزام مفتوحا أثناء الإقلاع أو الهبوط فكيف سيسمح لك بالبقاء واقفا طوال الرحلة!! وهل سيقبل أي كابتن ومساعده أن يطيروا بطائرة غير سليمة أو عليها ملاحظات فنية تتعلق بسلامة الطائرة ومن فيها!! ثم يا أخي ما المانع أن يغيروا من طائرة إلى أخرى!! تلك سعتها أكثر 250 راكب بينما أنت تحتاج إلى سعة 153راكب..
ما المانع من تغيير الطائرة الكبيرة بأخرى متوسطة تتناسب مع تكاليف التشغيل والمسافة وعدد الركاب!! بينما الكبيرة تسافر وجهة ابعد وبعدد ركاب أكثر وبمواصفات خاصة تتناسب مع المطارات الأوربية ذات التجهيزات الخاصة وتحتاج طائرات مجهزة للهبوط والإقلاع في تلك المطارات،وأنت تعرف ماذا يعني ذلك، وتعرف أن طائرات اليمنية الصغيرة والمتوسطة لا يسمح لها بالهبوط في (هيثرو) لعدم تجهيزها بنظام الهبوط الآلي وكذلك لأنها ليست من النوع الجامبو المجهزة لذلك، فتهبط في (ليدز أو جات ويك) لكن الطائرة الكبيرة أيه 350 إيرباص والعاملة على الخطوط الدولية مجهزة بكل ذلك، ثم كيف تكون هذه عنصرية لأنهم سُمر الوجوه وجزر القمر دولة فقيرة بينما كان بينهم 66 راكبا فرنسيا ابيضا مشربا بالحمرة مثل اللبن بالفيمتو، ثم إن العمل التجاري لا يخضع لمعايير اللون بل يتم بمعايير التكلفة والتشغيل والحاجة المؤدية للغرض وليس على العرق واللون والبشرة وفقر البلد أو غناها، لا يجوز مثل هذا القول، وعيب أكثر أن نظهر أنفسنا أمام الآخرين بهذا القدر من التفكير غير السوي، ولا يجب أن تعمينا خصومتنا مع أي طرف أن نقول فيه ما لم يقوله "مالك" في الخمرة، وأين نحن من شرف الخصومة ومن التوجيه الرباني في الخصومة مع الآخر بقوله تعالى: (يا أيها الذين امنوا لا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى، وقوله تعالى: لا يحب الجهر بالسوء من القول إلاّ من ظلم.
كيف يعقل أن يقبل الطيار ومساعده الطيران بطائرة غير سليمة أو غير مكتملة الصيانة!! ثم إن الملاحظات التي على الطائرة منذ العام 2007م إلى اليوم كيف كانت تطير خلال كل هذه المدة سنتين كاملتين دون أي مشاكل!! وهل كان سيسمح لها بالطيران من أساسه لو كانت الملاحظات تتعلق بجانب السلامة!! ولو افترضنا جدلا أن الشركة مهملة!! فهل كل الطيارين الذين تناوبوا على السفر بهذه الطائرة من تلك الفترة إلى يوم سقوطها مهملين هم أيضا خلال!! فالطائرة كما هو معلوم بمجرد إن تصل يتم تغيير الطاقم وتسليم كل مدونات الرحلة للكابتن التالي الذي لا يطير بها سوى بعد أن يتأكد من إصلاح كل الملاحظات التي قدمها الطيار الذي قبله، وهم أول من يعرف خطورة هذا الإهمال على حياتهم أولا وحياة المسافرين ثانيا!! فهل كل الطيارين متواطئين على حياتهم وبأنفسهم!!
من المعيب أن نعرّي أنفسنا بهذه الطريقة المهينة لأنفسنا أولا وأخلاقنا ووطننا وسمعتنا ثانيا وثالثا!! بالله عليكم اخبروني إذا كانت الطائرة اليمنية سقطت نتيجة كل هذه الإهمال فلماذا سقطت قبلها الطائرة الفرنسية في البرازيل!! وهي مملوكة للخطوط الفرنسية صاحبة الصيانة الفائقة والمعايير الصارمة.. هل بسبب الإهمال أيضا!! أم أن الكابتن / القاضي هو من يدير الخطوط الفرنسية أيضا!! أو أن المحسوبية هي من تتحكم بالخطوط الفرنسية كمان!! ولماذا قبلها سقطت الكونكورد ذات الصيانة الأسطورية الخارقة والمفرطة في الدقة والسلامة!! ولماذا تسقط بقية الطائرات الأخرى المملوكة لأمريكا وبريطانيا وبقية شركات الطيران الأخرى في العالم!!
إن أي طائرة معرضة للسقوط لعدة أسباب، أخطاء بشرية، أخطاء فنية، ظروف مناخية غير طبيعية، وهل تذكرون لقطة الطائرة الجامبو 747 قبل شهور التي كادت أن تقع فور إقلاعها بسبب هبوب عاصفة قوية!! الكثير شاهد تلك اللقطة ولولا كِبَر حجم الطائرة وثقلها لأطاحت بها العاصفة وهوت بها على الأرض.
ثم إن المسئولين الفرنسيين من حقهم أن يلقوا باللوم على اليمنية الطرف الأضعف، حفاظا على سمعة صناعتهم وسمعة شركة اير باص، فهذه ثاني طائرة من صناعتهم تسقط خلال اقل من شهر ونصف تقريبا، يجب أن تعلموا أن شركتي بوينج وايرباص عندما تسقط إحدى طائراتهم يسارعون في تحميل الخطأ على الجانب البشري حفاظا على سمعتهم، وهل نسينا الطائرة المصرية عام 1999م فوق المحيط من طراز 757م التي سقطت وقالوا إن الطيار قبل سقوطها قال:استعنت بالله ثم سقطت!! لماذا نحن نقبل كل شيء هكذا على عواهنه دون تمحيص!! أليس هذه أول حادثة لليمنية منذ أكثر من أربعين سنة!! أليس كل واحدا منا سبق له وان سافر على متن اليمنية!! إلى مختلف بقاع الأرض وأنا واحدا من الذين تعدّت سفرياتهم المائة رحلة لمختلف بقاع الأرض وعلى اليمنية وها أنا حيّ ارزق!!
لا يجوز أن نسقط خلافاتنا السياسية مع الأشخاص الذين نختلف معهم في أمور فنية وغير طبيعية لا علاقة للسياسة بها، نعم هناك محسوبية وهناك تذمر في اليمنية وهناك فساد كبير وهناك كل أشياء سيئة كثيرة، ولكن لا دخل له بسلامة الطائرات لأن الكابتن أي كابتن لا يمكنه القبول والطيران دون أن يكون قد اطلع بالكامل على (كارت) الرحلة التي قبله كاملة واطلع على كافة الملاحظات التي دونا الطيار الذي جاء بالطائرة، ولا يمكن له الإقلاع دون أن يتأكد من أن كل شيء يعمل على الوجه الأكمل، فذلك يقرأه الطيار قبل الإقلاع، وتلك عمليات محكومة كومبيوتريا وليست حسب المزاج وتفحصها أجهزة في غاية الدقة والأمان.
إجراءات السلامة داخل الطائرة مأمونة بشكل لا يتخيله عقل، وكيف ظلت الطائرة تعمل منذ العام 2007م حتى اليوم إذا كانت تلك الملاحظات جوهرية وتتعلق بالسلامة!! ولماذا نستعجل بالاتهامات قبل معرفة نتائج وتسجيلات الصندوقين الأسودين في للطائرة، على فكرة الصندوقين لونهما برتقالي فاقع وليس اسود، ولكن من باب الشؤم لأنهما هما الوحيدين بواسطتهما يتم معرفة ماذا جرى للطائرة قبل سقوطها وأحيانا لا يكون الجواب عندهما أيضا، في حالة العاصفة القوية المفاجئة التي تقلب الطائرة رأسا على عقب وتهوي بها إلى الأرض، لا يوجد شيء في هذه الحالة يمكن أن يقوله الصندوق الأسود.
ختاما أنا شخصيا ضد على عبد الله صالح في طريقة إدارته للبلاد وتعيينه للمحاسيب والأقارب والأصهار والأنساب في وظائف ليسوا أهلا لها، وضد المحسوبية التي أوصلت الكابتن عبد الخالق إلى إدارة اليمنية وهو غير كفء لها بينما هو كابتن طيار وليس إداري ناجح وكان يكفيه أن يكون طيار الرئيس الخاص فهذا مفهوم ومعقول ومقبول، وان هناك فساد وهناك محسوبية وهناك تذمر من قبل الطيارين حول مستحقاتهم وحقوقهم، وان وان... الخ
وكل شيء اقبله وأتفهمه وممكن أصدقه لكن ما لا استطيع تصديقه ولا قبوله بالمطلق أن يقبل أي كابتن أن يطير في طائرة غير مكتملة السلامة والأمان وفي أعلى الجاهزية، هذا ما لا يقبله عقل ولا منطق لأن الطيار ومساعده هم من سيكون أول الضحايا في حالة قبولهم بمثل هذه المهازل، فالطائرة مدنية لا يوجد بها (بارشوت) للقفز والنجاة. وهو ما يجعل أي كابتن لا يطير سوى بطائرة في غاية الجاهزية والسلامة شئنا أم أبينا، وعلينا تصفية حساباتنا مع النظام بعيدا عن استغلال الكوارث سواء منها الطبيعية أو هذه التي حدثت والتي لا زالت الأسباب فيها مجهولة وربما تظل كذلك إلى الأبد في حالة عدم إظهار التسجيلات لأي شيء غير طبيعي قبل السقوط، لكن الأرجح ستكشف الأسباب وستعرض على كافة الطيارين في العالم للاستفادة منها وهذه هي القاعدة السائدة في عالم الطيران عند سقوط أي طائرة.
- كاتب وباحث يمني
- يرجى الإشارة إلى المصدر حال النقل أو الاقتباس
مواضيع متعلقة:
حادثة الطائرة اليمانية.. تعالوا نحزن سوياً
مأساة الرحلة IY626 وعنصرية ضد الأفارقة..
باهية باكاري.. معجزة النجاة في رحلة اليمنية المنكوبة
اليمن يكشف عن جنسيات 93 راكبا ويقول إن الطائرة المنكوبة فحصت في مايو الماضي