تعيش حركة فتح أزمة مستفحلة من الداخل، وهي لم تكن في حاجة للرشق من الخارج كي يتفكك بنيانها، بل على العكس إن ما فعلته حماس من انقلاب أو حسم عسكري في قطاع غزة وما نتج عنه من تداعيات خطيرة على الساحة الفلسطينية هو من ساهم في تقوية حركة فتح نسبيا وجعلها تسترد أنفاسها، إذ هيأت لها حماس عدواً أو منافسا من خارجها توحد ضده كل الخصوم الداخليين فيها وتركوا معالجة مشاكلهم الداخلية إلى حين، لكن هذا الوضع لم يكن ليصمد طويلا خاصة بعدما صبحت الحركة مطالبة بعقد مؤتمرها العام ومواجهة مشاكلها .
بخصوص المؤتمر، لماذا اعتذرت كل من مصر والاردن عن استضافته ؟؟
الا يدل هذا ان الدولتين اللتين تساندا قيادتها الحالية تقف بصف فريق ضد فريق اخر داخل الحركة ؟
هذا طبعا سيحرك مشاعر الغبن في صفوف فئات داخلها مما يهيئ سبل موجة من الانقسامات داخل الحركة .
الا يدل هذا أيضا ان هذه الدول تريد لفتح ان تتخلى عن نهجها الثوري التحرري وتصبح عبارة عن حزب سياسي حاكم . لما الاصرار على عقد المؤتمر في اريحا وفي ظل سلطة الاحتلال ؟
هل يريدون ايهام الناس بان المنطقة التي يعقد بها المؤتمر محررة ؟؟ ام هو تكريس لسلطة الاحتلال وتكريس للسلطة الوطنية الفلسطينية كبديل للدولة الفلسطينية المنشودة ؟؟
إن الاصوات المنددة الان بتصريحات القدومي هي نفسها التي عملت وتعمل على تحجيم الحركة لحزب سياسي نفعي مستبد بالسلطة، هي نفسها التي عملت على تشويه نضالات الراحل ياسر عرفات والتشكيك في امانته وحنكته السياسية لحساب قيادات بديلة عنه مسنودة من الخارج وليس من الشعب الفلسطيني لاعتبارات اقتصادية بالدرجة الاولى ..!!!
إن محاولة الدفاع عن حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح بالشكل الذي نراه في بعض القنوات هو عبارة عن عملية تطهير وتنظيف لقروحها والتطهير لن يغني ابدا عن العلاج.
ان الحركة العتيدة بامس الحاجة لعلاج جذري يساهم فيه كل الوطنيين الاحرار من مختلف الفصائل لان الحركة تهم الجميع، إن اسمها حركة تحرير وطني وليس حزب سياسي أو منظمة خاصة بفئة معينة من الشعب، انها التراث النضالي للشعب الفلسطيني بمختلف شرائحه، إنها حلم الدولة الفلسطينية الذي يسكن بقلب وروح كل انسان فلسطيني وعربي ايضا .
اننا في الوطن العربي والاسلامي عرفنا فلسطين باسم فتح وعندما نذكر فتح نذكر الشعب الفلسطيني، نريد لفتح ان تعود كذلك ولا حق لاية فئة أو مجموعة ان تحتكرها لنفسها أو تستغل تراثها النضالي لاجل مشروعها السياسي الخاص .
وبالنسبة لموضوع اغتيال السيد ياسر عرفات، فالسلطة الوطنية ملزمة قانونيا بتحريك التحقيق في عملية قتله وجميع الفصائل، بل كل انسان عربي أو مسلم على عاتقه التزامات اخلاقية وتاريخية بهذا الشان، ولا يجوز ان يسكت على دم هذا الزعيم التاريخي أو القبول باية مبررات واهية بشان مقتله، فقد ثبت انه مات مسموما وهو بين يدي حاشيته داخل المقاطعة، إذن فهناك قاتل ومتآمر ومتواطئ على قتله لابد ان يكشف ويحاسب ويحاكم على فعلته .
إذن سيبقى هناك امرين معلقين يجب الحسم فيهما كي يتنفس الشعب الفلسطيني الصعداء ويسترجع وحدته ويواصل مسيرة كفاحه بشكل سليم :
الأولى عقد مؤتمر فتح السادس بالطريقة والمكان الذي يقع عليه الاجماع بين اقطابها ومناضليها .
الثاني أن يكون هناك تحقيق نزيه بمشاركة جميع الفصائل بشان اغتيال السيد ياسر عرفات، لان إبعاده عن الساحة الفلسطينية لم يكن مطلبا اسرائيليا فحسب وانما مطلب بعض القيادات الفلسطينة وجهات اقليمية اخرى لاعتبارات سياسية واقتصادية .