يتصور بعض الناس أن حياة هنية يحياها رئيس الحكومة –أي حكومة- وأن الأبواب الموصدة تفتح بوجهه، ولا يدركون أن حياته منغصة لأن سدوداً حائلة بين رئيس الحكومة وبين ما أعلن عنه يوم أداء اليمين، بثقة زائدة في النفس، من تصدٍ لكل تحدٍ يعرقل مسيرة التنمية، تُشيَّد في غفلته وفي صحوه، وتنسد آفاق تحقيق الأماني وتجري رياح لا تشتهيها سفينته.
ولن يعلم أحد غير رئيس الحكومة، أو أي رئيس حكومة سابق، ما يواجه الحكومة من عقبات كأداء ف"لا يعرف الشوق إلا من يكابده"، ولهذا يسقط كل لومٍ نابع من جهل لظروف صنع واتخاذ أو تأجيل القرار الحكومي.
لا تعذل المشتاق في أشواقه حتى تكون حشاك في أحشائه
لهذا لم يجافِ الحقيقة دولة رئيس مجلس الوزراء د.علي محمد مجور حين واجه البرلمان أول الأسبوع الجاري بجسامة ما تواجهه حكومته من مشاق وضغوط لا يُتخلص منها بسهولة، و"سرطان فساد" مستشرٍ برفقة "سرطان تخلف" عصي على الاستئصال السريع.
وهو بإقراره يُجدد ذِكر المشاق والمتاعب التي واجهها سابقوه على مر خمسة عقود في تاريخنا المعاصر، مضاف إليها "توابل" جديدة، إذ تتداخل اليوم فيها بشكل أعمق وأوضح العوامل الإقليمية والدولية.
لقد تنوعت فيما مضى المشاكل والأزمات اليمنية من حروب أهلية وفتن داخلية وحروب بالوكالة ثم المخلفات والآثار المنتجة للأزمات المالية والإدارية، وحالة الاتكالية واللامبالاة، وإحباط خطط التنمية واختلاق مشاكل سياسية، وإفراز مشاريع قوى تخريبية، وتبعية خارجية، باعثها الجهل و"فقر الوعي" بالمسئولية الوطنية.
واليوم تنفجر مشاكل مختلف أشكالها وألوانها، ندعو الله أن يعين رئيس الحكومة وأعضاء حكومته على الثبات في وجهها، فلم تعد الكومة الحالية معنية فقط بتنفيذ ما تبقى من البرنامج الانتخابي سواء كان المتبقي سبعيناً أو ثلاثيناً بالمائة، بل تعدتها لتكون "حكومة حماية وصون الوحدة الوطنية" باستمرار إنجاز المشاريع الأساسية والحيوية، والالتزام بخطط ذات منهجية استراتيجية تراعي جودة مواصفات المنتج والمنجز بحيث لا تجرفه سيول ولا يهده (شيول)، ولا يختطفه (قاطع طريق) ولا يجرؤ على إحباطه أي من أضلاع "مثلث إفساد" حياة اليمنيين، أي "حوثي" أو "انفصالي" أو "قاعدي" أو حليف لهم بأفعاله ونواياه!
ولا بأس في تذكير بعض المؤمنين، إن نفعت الذكرى، بخطورة ما يواجه البلد، وأن من يقف في مقدمة خط المواجهة هو حكومته المرنة أمام تشدد المتشدقين ب"قميص الحقوق والحريات"، وأيضاً التذكير باستحقاق الوطن لأداء المواطنين بمختلف أطيافهم لواجبهم بعد وعيهم لمسئوليتهم الوطنية.
يُسجّل لرئيس الحكومة د.علي محمد مجور أعانه الله شجاعته في مواجهة هذه الأوضاع وقبول تحديها، وإقراره الصادق بما يواجه وبحجم المنجز وبقاؤه وحكومته برغم ما يواجه البلد من "تحالف شرير" و"تخلف مرير". كان الله في عونه. وفي عون الجميع.
القاهرة 3 أغسطس 2009م