الخميس الفائت كنت مدعواً لتناول وجبة الإفطار والعشاء في فندق دار الإيمان كوتننتال المطل على الحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة من قبل طيران السعيدة بمناسبة تدشين أولى رحلاته إلى المملكة العربية السعودية.
وعلى متن السعيدة كنت في غاية السعادة لأنها المرة الأولى التي أزور فيها مدينة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام.
كان في قلبي كلام كثير، وشوق كثير لرؤيا البقاع المقدسة ومسرح أحداث الوحي والنبوة والدعوة التي أضاءت أنوارها كل بقاع الأرض على يد النبي الأمي الخاتم وثلة من صحابه الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
لم أكن أتصور أن جو الدعوة المحمدية في طورها التأسيسي تم في ظل هذا الحد من حرارة الطقس.. زيارتي السابقة لمكة المكرمة قبل أشهر كانت في أجواء الاعتدال..
في فؤادي حنين هادر لهذه الأرجاء الطيبة في طيبة الخير حيث أجدادنا الأنصار سطروا أروع ملاحم النصرة للنبي وللمهاجرين معه وبذلوا أموالهم وأرواحهم في سبيل نصرته..
كان ضمن الرحلة التاريخية سبعة من الزملاء وإداريون من هيئة الطيران المدني ووزارة النقل وممثلون عن سفارة المملكة بصنعاء.. وكانت رحلة رائعة بكل المقاييس على متن حمامة وديعة يقودها كابتن ماهر.. والطريق جواً إلى يثرب ملئ بالسحاب المتآلف.. وحيثما ثمة فراغ لرؤية الأرض فعبارة عن انعكاسات باهرة لضوء الشمس على بقايا السيول وما استقر من الماء في الحقول والأحواض.. ليبدو المنظر وكأنه مجموعة من القلائد والدرر نثرتها السماء على جبين الأرض.
عبرنا أجواء صعدة على ارتفاع يجعلنا بمأمن من رصاص الأطراف المتحاربة وأيقنا أننا فوق أجواء المملكة عندما لاحت بوضوح الطرق الإسفلتية المزدوجة ذهاباً وإياباً..
يتمتع طاقم طيران السعيدة بأعلى درجات الذوق والمهنية العالية بدءاً بالأستاذ محمد عبدالله العراشة المدير التنفيذي والأستاذ صالح بن علي العواجي رئيس مجلس الإدارة الذي كان في استقبالنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ووصولاً إلى المنسق المثابر والنابه نبيل الحيدري.
وعملياً لم أجد فارقاً في مستوى الخدمة بين السعيدة ونظرائها من الشركات التي تفرض رسوماً أعلى على المسافرين ولاحظت أن الشركة تعتمد سد نقاط النقص في سوق السفر داخلياً وخارجياً حيث تعتبر المدينة المنورة هي المحطة الرابعة خارج اليمن لطيران السعيدة الذي سبق أن دشن رحلاته إلى كل من الشارقة وصلالة وجيبوتي وقريباً بإذن الله مدينة شرم الشيخ في شبه جزيرة سيناء.
ويعد طيران السعيدة أحد ثمار الاستثمار اليمني السعودي المشترك إذ تمتلك الخطوط اليمنية 25% من الأسهم بينما يمتلك رأس المال السعودي 75% وعند مقارنة حجم النفقات بمستوى الرسوم فإن الطيران لا يعد حالياً من المجالات المدرة للربح المغري قياساً بمجالات أخرى تتسع فيها الهوة بين الدخل والإنفاق بشكل واضح.
أحسن طيران السعيدة كثيراً في اختيار شعاره وكان موفقاً إلى حدِّ بعيد، "رافقتكم الابتسامة".. والابتسامة هي التعبير الملموس لدرجة الرضى والسعادة وليس مجرد الأمان والسلامة.. وشخصياً كانت رحلتنا مميزة إلى حد بعيد فيوجد المصور المبدع عبدالعزيز عمر وكذا الزملاء عادل الحزمي ورفيق علي أحمد وعبدالواسع الحمدي والمصور اللامع محمد حويس ويحيى الضبيبي والمذيع المتألق أنور الميرابي والمخرج الفنان فؤاد المصباحي والزميل فؤاد القاضي وفؤاد الجعدبي وحامد السنباني ومهيوب الكمالي إضافة إلى محدثكم ممثلاً عن موقع نشوان نيوز وصحيفة الناس.. وبهؤلاء جميعاً فإن رحلتنا رافقتها البسمات والضحكات والدعوات والصلوات وبعضنا آثر العمرة فعادت الطائرة بنصف العدد.