مهما تباعدتِ الأزمانُ فإن واحديةَ المقاصد والغايات المستندة على الخرافات الغيبية التي ما أنزل الله بها من سلطان ، تجعلُ من معتنقيها يستميتون على تحقيقها بشتى السبل مادامت ستوصلهم إلى أحلامهم التي هي في الحقيقة أضغاثٌ لا يُصدقها عقلٌ ولا يتوافقُ معها واقع.
فها هو المشهد يتكرر مع اختلاف الأدوات والأساليب على الرغم من مرور أكثر من عقدين فَصَلا بين هذه وتلك.
في الثمانينات من القرن الماضي وأثناء الحرب العراقية الإيرانية كان ملالي وآيات قُمْ ومشهد وأصفهان يُغرِّرُون على المراهقين والأميين المخدوعين بثورتهم ويمنحونهم مفاتيحَ يُعلقونها على رقابهم على أساس أنها مفاتيح الجنة.
فيهبوُّن قطعاناً يموتون بالآلاف طمعاً في الجنة التي وعدهم بها قادتهم حتى أن بعضهم كان يذهب على دراجته الهوائية دون أن يحمل سلاحاً مستعجلاً دخول الجنة ولقاء بنات الحور اللائي سيستقبلنه بعد ساعات من مقتله كما يعتقدون طبعاً.
وفي عصر العلم والتكنولوجيا يخرج علينا مُلاّ جديدٌ من حوزته في مرَّان والنقعة التابعتين لصعدة محافظة السلام في اليمن ويستخدم أسلوباً مشابهاً حيث يستغل المراهقين والجهلة والفقراء فيمنحهم طلاسم وتمائم موهماً إياهم بأنها أسحارٌ تصرفُ عنهم الرصاص والقذائف مهما كانت قوتها ، وهو يهدف بذلك إلى تحقيق مكاسب عسكرية على الأرض حيث يعتقد أنه بهذا الأسلوب سيمنح أتباعه عزيمة وقوة تجعلهم أكثر إقداماً.
رُبَّ ضارةٍ نافعة كما يقال فها هو السحر ينقلب على الساحر ، والمكر السيئ يُحيقُ بأهله ، فقد كان المشعوذ الحوثي يعتقد أنه بهذه الأساليب الجوفاء والأباطيل الماكرة سيحقق نصره على أبطال القوات المسلحة والأمن ويُوهنُ من عزيمتهم بالذات وأنه قد أقنع مقاتليه بأن تلك الطلاسم ستصرف عنهم حتى قذائف الدبابات ، فقدمهم قرابين لأوهامه. فشاءت إرادة الله لأهل الحق أن ينتصروا وأهل الباطل أن يندحروا مجرجرين وراءهم هزيمة تطاردهم لعناتُ الأجيال ودماءُ الشهداء ودموعُ الأرامل والأيتام والثك إلى بعد أن غرتهم أمانيهم المزيفة ، وجعلوا من لباس الماضوية البغيض رداءاً يتدثرون به ويسترون عوراتهم بدلاً من أن ينشروا ثقافة المحبة والإخاء والتسامح والعدل والعلم والوفاق.
من صميم عقيدة هذا الفكر البغيض هو الإسرافُ في القتل وتغذية كل ما يساعد على نشر الجريمة في أوساط المجتمع لأن هذه العوامل مجتمعة من شأنها التعجيل بخروج - المهدي المنتظر- كما يعتقدون كونه لن يخرج من سردابه المزعوم إلا على أنهارٍ من الدماء وفسادٍ يعمُّ الأرض.
كما يجب أن يعلم الجميع أن خرافةً أخرى كانت وراء استماتة حسين الحوثي في فتنته الأولى فقد أوعز له ملالي وآيات قُمْ ومشهد أن شخصاً من آل البيت يُدعى حسن أو حسين سيظهر في اليمن هو من سيقود جيشاً جراراً منها وأنه سيكون سبباً رئيسياً في التعجيل بالمهدي المنتظر ، كما أكدوا له أن علامات هذا الرجل تتحقق في شخصيته فبدأ بنشر فكره ومد خيوطه حتى وصلت فتنته إلى ما وصلت إليه ،، قاتلهم الله أنى يؤفكون وقاتل من يؤازرهم ويسكت على جرائمهم.