الحوار قيمة إنسانية ودينية عظيمة لأنه التجسيد العملي لمفهوم الشورى والديمقراطية والحرية ، لأن جوهر الديمقراطية والشورى هو الاعتراف بالآخر وعدم نفيه وإلغائه ومقتضى الاعتراف بالآخر هو التحاور معه. ومقتضى الحوار معه هو التسليم بحقوقه.
ولبيان قيمة الحوار في القرآن وردت آيات قرآنية تبين لنا أن الله حاور الملائكة واستشارهم {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}البقرة30.
فإذا كان الله سبحانه وتع إلى قد حاور الملائكة واستشارهم بشأن صدور قرار تعيين آدم خليفة في الأرض فمن هم هؤلاء الطغاة والمستكبرين من البشر الذين يأنفون من محاورة المقربين منهم فضلاً عن مخالفيهم كما أن هذا الحوار الإلهي الملائكي كشف لنا بعداً إضافياً جوهرياً من أبعاد الديمقراطية والشورى وهو أن الشورى لا تتجسد عبر حق اختيار القيادات فحسب وإنما عبر حق اختيار القيادات وحق اتخاذ القرارات.
ولكن عالم السياسة يتسم بالكيد والمكر والخداع، عالم تعلن فيه الوسائل ولا تعلن فيه الأهداف لاسيما الأحزاب السياسية التي تضمر الحقد والتآمر والعداوة لليمن أرضاً وشعباً وثورة ووحدة مثل التنظيم الشيعي الإمامي المجوسي بجناحيه (اتحاد القوى الشعبية – وحزب الحق)..
وإذا كان حزب الحق بارعاً في ممارسة الدجل الديني على عامة الشعب عبر عمائم علمائه فإن إتحاد القوى الشعبية (الجناح السياسي) بارع في ممارسة الدجل السياسي على النخبة والقوى السياسية الجمهورية عبر كوادره السياسية المتغلغلة في الأحزاب وفي مراكز النفوذ والمال والمعلومات في الدولة برفع شعارات برّاقة يمرر من خلالها مضامين خطيرة لا علاقة لها بالشعار البراق (الحوار السياسي) (المواطنة المتساوية) (الحكم الرشيد) (الشراكة في السلطة والثروة) ...الخ.
وصدق الله العظيم القائل {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً}الأنعام112.
وزخرف القول هو الشعار والمقصد الإيجابي الذي يرفعه شياطين التنظيم الشيعي الإمامي ثم يمررون من خلاله مضمونا يفرغ هذا الشعار من محتواه.
ولأن عالم السياسة عالم الخداع والمكر قال الخليفة الراشد عمر بن الخطاب (لست بالخب ولا الخب يخدعني) أي لست بالمخادع ولا المخادع يخدعني .
ولهذا السبب عينه قال علماء السياسة (في عالم السياسة العبرة بالقائلين لا المقولات وفي عالم الفكر العبرة بالمقولات لا بالقائلين).
ومن هذا المنطلق أقول ينبغي التفريق بين الحوار السياسي الذي دعت إليه أحزاب اللقاء المشترك ومررت من خلاله مضامين تلغي الشرعية الدستورية وتجهض وحدة اليمن الاندماجية وتمزق الوحدة الوطنية وتلغي شرعية الانتخابات والديمقراطية باسم هذا الشعار البراق (الحوار الوطني). ودعوة الأخ رئيس الجمهورية للحوار السياسي الوطني الشامل للخروج باليمن من أزمتها الحالية مقيداً لهذا الحوار السياسي بالشرعية الدستورية والثوابت الوطنية.
ولبيان أهمية الفارق بين الحوار السياسي القائم على مرجعية الدستور والثوابت الوطنية والحوار السياسي المطلق المتروك لأهواء القوى السياسية ولو كان على حساب الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية.
أقول ينبغي التفريق بين الحوار السياسي الذي يدور بين الفرقاء السياسيين قبل مرحلة الدولة والشرعية الدستورية والحوار السياسي بين الفرقاء السياسيين الذي يدور بعد مرحلة الدولة والشرعية الدستورية.
فمرحلة ما قبل الدولة يمكن أن يدور الحوار السياسي بين القوى لمناقشة أسس وملامح شكل الدولة التي يريدونها ويتمخض هذا الحوار عن دستور تتوافق عليه هذه القوى ويوافق عليه الشعب عبر استفتاء شعبي لتحديد ملامح شكل الدولة لأن الدساتير مختصة بهذا العلم (علم النظم السياسية) أي أسس وشكل الدولة المطلوبة.
أما مرحلة ما بعد الدولة وقيام الشرعية الدستورية فلا يمكن دستورياً وقانونياً طرح قضايا تناقش أسس الدولة من جديد باعتبارنا قد تجاوزنا هذه المرحلة فضلاً عن طرح أجندة سياسية تصادم الثوابت الوطنية كالنظام الجمهوري أو مواضيع ترفض الوحدة اليمنية الاندماجية وهي ثابت من الثوابت واستبدالها بنظام فيدرالي يلغي الوحدة الاندماجية ويعمل على تجزئة البلاد إلى أربعة أقاليم أو بمعنى أصح أربع دويلات ولكل إقليم منفذ بحري، ولا يمكن مناقشة استبدال الشرعية الانتخابية الديمقراطية بشرعية الحوار السياسي والتوافق الحزبي.
والذي يمكن مناقشته في مرحلة ما بعد الدولة هي البرامج والسياسات التنفيذية للحكومة القائمة وهي:-
1. الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أدت إلى إفقار الطبقة الوسطى وسحق الطبقة الفقيرة.
2. الفساد المالي والإداري وكيف توضع خطة إدارية شاملة لتداركه.
3. الصراع السياسي الحزبي الذي شهدته البلاد من بعد الوحدة وما نتج عنه من أخطار (الحراك الجنوبي – الثورة المسلحة المضادة من قبل الإماميين في صعدة لإعادة النظام الامامي الشيعي وإسقاط النظام الجمهوري)
4. أهمية تعقل القوى السياسية الجمهورية في السلطة والمعارضة عبر تهدئة الصراع السياسي بينها الذي يذكيه التنظيم الشيعي الإمامي بتقديمها للمصالح الوطنية على المصالح الحزبية وإيجاد حكومة وفاق وطني من الأحزاب الرئيسية الممثلة في البرلمان لإنقاذ البلاد من الأزمة الاقتصادية ومواجهة المخاطر السياسية التي تعصف بالجنوب والتمرد الإمامي في صعدة.
هذا ما يمكن مناقشته في مرحلة ما بعد الدولة وهذه هي مشاكل اليمن الحقيقية.
فيجب على القوى السياسية في تشخيصها للأزمة الحالية أن تفرق بين الأخطاء في النظرية والأخطاء في التطبيق فالنظام الإمامي الشيعي كانت الأخطاء فيه في النظرية والتطبيق معاً أما في مرحلة ما بعد الثورة فليس الخطأ في النظام الجمهوري كنظرية ولا في الوحدة اليمنية ولا في الديمقراطية والانتخابات وإنما في الممارسة فكل القوى السياسية الجمهورية متوافقة على هذه الثوابت (الجمهورية – الوحدة – الديمقراطية).
والقوة السياسية الوحيدة التي تعتبر الثوابت الوطنية عند أبناء الشعب اليمني هي المشكلة والمصيبة هي التنظيم الإمامي الشيعي.
فهؤلاء الإماميون استغلوا الأخطاء التنفيذية للقوى الجمهورية وحاولوا من خلالها ضرب الأسس النظرية المتفق عليها وهي (الجمهورية- الوحدة - الديمقراطية) وهنا يكمن الكيد الإمامي ورفعوا شعار الحوار السياسي البراق ومرروا من خلاله مضامين تستهدف الثوابت الوطنية والشرعية الدستورية..
ساعد في ذلك عدم وجود نضج سياسي استراتيجي عند قيادات الأحزاب الجمهورية وعدم معرفة بسياق اليمن التاريخي مما ساعد على تمرير المخطط السياسي الإمامي الشيعي الذي مُرر تحت شعار الحوار الوطني كما هو حاصل الآن في أحزاب اللقاء المشترك التي رفعت شعار الحوار الوطني وطرحت تحت هذا الشعار مضامين لا وطنية تستهدف الشرعية الدستورية عبر تعديلات دستورية تستبدل الدستور الجمهوري الوحدوي الإسلامي بدستور مبادرة الإصلاح السياسي ووثيقة الإنقاذ..
والشرعية الجمهورية السنّية بنظام برلماني يهيئ لعودة النظام الإمامي الشيعي، واستبدال شرعية الوحدة اليمنية الاندماجية بنظام فيدرالي يمزق اليمن إلى أقاليم ودويلات وسلطنات يؤدي إلى صوملة اليمن ونشوب حرب أهلية ، وقائمة نسبية ينظر إليها الإماميون ليس من زاوية القوائم الحزبية كما أوهموا الأحزاب الجمهورية وإنما نظام فيدرالي وقائمة نسبية يؤدي إلى إلغاء النظام السياسي والانتخابي القائم على تجسيد الهوية اليمنية الواحدة مجتمعاً وحكومةً وبرلماناً ، إلى نظام سياسي انتخابي يكرس واقع التجزئة ويعمق الهوية والحس الشطري والطائفي والمناطقي والقبلي أي نظام يلغي الدولة المركزية اليمنية والوحدة الوطنية ويمزق الشعب إلى دويلات تهيئ لعودة النظام الامامي الشيعي الذي هو في حقيقة الأمر لمن يدرك تاريخ اليمن استعمار مجوسي فارسي له غطاء ديني شيعي كاذب.
وكنت أرجو أن يتشكل من اللقاء المشترك تكتل جمهوري يعزز الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية الجمهورية والوحدة والديمقراطية فإذا بلقاء أحزاب المشترك يتحول إلى لقاء عنصري إمامي وطائفي مناطقي ، للتنظيم الشيعي فيه الريادة والتخطيط ولبقية أحزاب المشترك الجمهورية التبعية والتنفيذ ، بحيث يمكننا القول بأن اللقاء المشترك قد تحول إلى تكتل سياسي إمامي يخدم الأهداف والأجندة السياسية الإمامية الشيعية بسبب فارق الخبرة السياسية والتجربة ، فالتنظيم الشيطاني الشيعي عمره ألف سنة في اليمن والأحزاب الجمهورية لا تتجاوز عمر الفرد ولذلك فالقيادات الجمهورية تفتقر إلى الخبرة السياسية والنضج السياسي لأنها حديثة عهد بشؤون السياسة والحكم .
فالتنظيم الشيعي هو رأس بلا جسد والأحزاب الجمهورية جسد بلا رأس ولذلك لا غرابة أن يلتحم الرأس الإمامي بالجسد الجمهوري بحيث يكون للتنظيم الإمامي الريادة والتخطيط ولأحزاب المعارضة الجمهورية التبعية والتنفيذ والدليل على ذلك مبادرة الإصلاح السياسي ومبادرة الإنقاذ الوطني فهذه المبادرات تحمل المضمون السياسي وبرنامج العمل لاتحاد القوى الشعبية.
فكل مفردات مبادرة الإصلاح السياسي ومبادرة الإنقاذ الوطني هي مفردات شيعية إمامية ليس للأحزاب الجمهورية أي نصيب فيها (النظام البرلماني – النظام الفيدرالي أو الحكم المحلي واسع الصلاحيات بمضمون فيدرالي – القائمة النسبية – المطالبة بالتعديلات الدستورية).
والوثيقة التي تؤكد أن القيادات الجمهورية مازالوا في موقف التبعية للعناصر الإمامية أعداء اليمن التاريخيين هذه المبادرة السياسية للدكتور محمد عبد الملك المتوكل القيادي في اتحاد القوى الشعبية المتضمنة لكافة مفردات مبادرة الإصلاح السياسي ووثيقة الإنقاذ ، ومبادرة المتوكل هي تجسيد لكتاب زيد بن علي الوزير (نحو وحدة يمنية لا مركزية) الذي تضمّن المشروع الفيدرالي الشيعي التآمري على الوحدة اليمنية والنظام البرلماني والقائمة النسبية وهذا نص مبادرة المتوكل المنشورة في صحيفة صوت الشورى العدد (44) صفر 1425ه مارس/إبريل 2004م تحت عنوان مبادرة الأستاذ الدكتور محمد عبد الملك المتوكل بشأن الإصلاح السياسي والإداري) كالتالي:-
(في محاولة أولية لكسر حاجز الجمود إزاء مبادرات الإصلاح وتعزيزاً للقناعات الراسخة بأن الإصلاح مشروع وطني قدم الدكتور محمد عبد الملك المتوكل المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي المشروع التالي كرؤية للنقاش والإثراء .. (صوت الشورى) تنشرها فيما يلي حسبما عرضها الدكتور المتوكل في ندوة مبادرات الإصلاح في المنطقة التي نظمها المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية بصنعاء الأسبوع الماضي:
أولاً: الإصلاح السياسي:
1- نظام الدولة نظام جمهوري تعددي برلماني.
2- رئيس الجمهورية هو رمز الوطن .. والمشرف على تطبيق الدستور .. والقائد الأعلى للقوات المسلحة.
- باسمه تصدر القوانين بعد إقرارها من مجلس النواب.
- وباسمه تصدر قرارت وتعيينات كبار موظفي الدولة بعد إقرارها من مجلس الوزراء وتوقيعها من قبل رئيس الوزراء والوزير المختص.
- يتم انتخابه من الشعب مباشرة كل خمس سنوات.
3- رئيس الوزراء يرشحه حزب الأغلبية في البرلمان ويصدر بتعيينه قراراً من رئيس الجمهورية .
4- يتولى رئيس الوزراء ترشيح وزرائه ويقدم برنامجه إلى مجلس النواب للحصول على الثقة .
5- جميع الأجهزة التنفيذية المدنية والعسكرية والأمنية تتبع مجلس الوزراء .
6- ينشأ مجلس للشورى يتم انتخاب أعضائه من محافظات الجمهورية بالتساوي كي يتولى المجلس ما يلي:-
- الإشراف على سير أعمال المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني السياسية وغير السياسية ، ويشارك في دراسة ومناقشة وإقرار القوانين المتعلقة بها.
- ترشيح أعضاء المجلس الوطني للإعلام ، والمجلس الوطني للدفاع ، والمجلس الأعلى للخدمة المدنية ، والمجلس الأعلى للقضاء، واللجنة العليا للانتخابات. ويتم إقرار الترشيحات في لقاء مشترك لمجلس النواب ومجلس الشورى.
7- إقامة حكم محلي واسع الصلاحية يعطى فيه للمواطنين حق إنتخاب مجالسهم المحلية، وانتخاب المحافظين ومدراء النواحي، وحق إدارة شؤونهم المحلية طبقاً للدستور والقوانين المنظمة وطبقاً للسياسة العامة للدولة.
8- بناء سلطة قضائية مستقلة وموحدة بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا.
9- تعديل قانون الانتخابات والنظام الانتخابي القائم على الدائرة الفردية واعتماد القائمة النسبية .. وتحديد نسبة معينة للنساء في قوائم الأحزاب.
10- إلغاء وزارة الإعلام.. ووزارة الخدمة المدنية .. ضماناً لحيادية الإعلام والخدمة المدنية. ويمثلها في مجلس الوزراء عند مناقشة قضايا تتعلق بالإعلام والخدمة المدنية رئيس مجلس كل منهما.
11- يعدل الدستور بما يتفق مع النظام البرلماني والنظام الانتخابي المقترح والصلاحيات المناطة بمجلس الشورى والمجالس المحلية.
ثانياً: الإصلاح الإداري:-
- إعادة البناء الهيكلي لجميع مؤسسات الدولة بما يتطابق مع الدستور وبما يحقق الأهداف العامة للدولة ويمنع التداخل في الاختصاصات.
- مراجعة الأنظمة والقوانين واللوائح الإدارية بما يتفق مع الدستور والتعديل الهيكلي وبما يساعد على تسهيل وإنجاز العمل وتنظيمه والرقابة عليه.
- اعتماد توصيف وضيفي دقيق يمنع التداخل في الاختصاصات بين الإدارات والأقسام والوحدات الإدارية ويحدد بدقة مهام الوظيفة .. ويحدد الكفاءة والمؤهلات المطلوبة لمن يشغل الوظيفة وكذلك المكافئات المالية المناسبة.
- إعادة النظر في اختيار الكوادر العاملة في الوظائف العامة بما يتفق مع التوصيف الوظيفي المعتمد وطبقاً للمعايير التي تجعل من الوظيفة أداة للإنجاز لا وسيلة للإرضاء وتوزيع المغانم.
- إعادة النظر في جهاز الرقابة والمحاسبة بحيث يتبع كلياً مجلس النواب .. مع تقديم نسخة من تقاريره إلى مجلس الشورى ورئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء.
- يلي ذلك في الجانب الاقتصادي والذي ينتظر أن يثريه اقتصاديون متخصصون) انتهى.
فهذه المبادرة الإمامية الشيعية نلحظ فيها كافة المفردات التي تطرحها أحزاب المعارضة (النظام البرلماني – الحكم المحلي بمضمون فيدرالي – القائمة النسبية - التعديلات الدستورية) بما يؤكد أن أحزاب المشترك قد تحولت إلى تكتل سياسي إمامي لا تكتل سياسي جمهوري.
- وفيما يتعلق بالاتفاقية الثنائية بين الرئيس وأحزاب المشترك (اتفاقية فبراير):
فأقول للأخ الرئيس إنك في حل منها من الناحية الشرعية لأنها اتفاقية ذات مضمون تآمري انفصالي تستهدف الوحدة اليمنية وقد قمت بتوقيعها توقيعاً تكتيكياً لا إستراتيجياً وأنت واقع تحت ضغوط شديدة من أحزاب المعارضة اللاوطنية الانفصالية كما وقّعت وثيقة العهد والاتفاق تحت نفس الضغوط في أزمة 94م، فأنت في حل منها لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً)
فالوحدة اليمنية في المنظور الشرعي ثابت من ثوابت الإسلام بصريح قوله تع إلى {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103
ومن هذه الزاوية الشرعية فأنت في حل من هذه الاتفاقية.
ومن جهة أخرى فأهم إنجاز حققته في حياتك هو تحقيق هذه الوحدة التي كانت حلماً تاريخياً لليمنيين فأنت ولا شك لا تريد أن يذكر التاريخ أن الرئيس علي عبدالله صالح الذي أنجز الوحدة اليمنية تعرّض لضغوط من الأحزاب الانفصالية فوقّع اتفاقية انفصالية أدت إلى تجزئة البلاد ودخولها في حرب أهلية وتمزيقها إلى عدة سلطنات ودويلات وأقاليم بحيث انقلبت أوضاع اليمن إلى وضع أسوأ من مرحلة ما قبل الوحدة.
وتتعزز الدواعي لإلغاء هذه الاتفاقية المشئومة بالمستجدات السياسية التي طرأت على الساحة اليمنية، فاليمن وهي تخوض حربها السادسة ضد التمرد الإمامي الشيعي في صعدة شهدت دعماً إقليمياً ودولياً غير مسبوق حيث أدركت جميع هذه الدول أن أمن اليمن القومي يرتبط بعلاقة وثيقة بالأمن القومي السعودي والخليجي بشكل خاص وبالأمن الإقليمي والدولي ، وأن هذا الدعم الإقليمي والدولي يجعل الأخ الرئيس في غنا عن استرضاء المعارضة اللاوطنية وعن اصطفافهم معه على حساب الوحدة اليمنية.
ومن نعم الله على اليمن أن يحصل تطابق في المصالح بين المصلحة الوطنية اليمنية والمصالح الإقليمية والدولية واليمن موحد غير مجزأ رغم أن المصالح الدولية عادة تتطابق مع واقع التجزئة لا الوحدة فالبعد الدولي والإقليمي يدرك أنه ليس من مصلحتهم تجزئة اليمن إلى أربعة أقاليم رئيسية يتفرع عنها وحدات سياسية مستقلة على مستوى المحافظات والنواحي بما يؤدي إلى انهيار السلطة السياسية وتمزيق البنية الاجتماعية إلى عصبيات شطرية وطائفية وقبلية متحاربة متقاتلة لتتحول اليمن إلى صومال جديد تتعاظم فيه مخاطر الإرهاب أضعافاً مضاعفة لاسيما في شعب معروف بالبأس {نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ} ويحمل أبناءه ما يقرب من خمسين مليون قطعة سلاح.
والبعد الدولي والإقليمي يدرك أنه ليس من مصلحته تجزئة البلاد إلى أربعة أقاليم من ضمنها إقليم يمتد من صعدة إلى ميدي مع منفذ بحري كما ورد في وثيقة الإنقاذ المزعومة الصادرة عن أحزاب المعارضة بحيث يكون هذا الإقليم والدويلة منطقة نفوذ شيعي إيراني يهدد السعودية ومنابع النفط ويشكل هذا الإقليم الشيعي خطراً على العاصمة صنعاء نفسها لتسقط اليمن بشكل عام في دائرة النفوذ الشيعي الإيراني.
من هذه الزاوية أقول للأخ الرئيس أن السعودية ودول الخليج التي أكدت دعمها لوحدة اليمن واستقراره ستشعر بخطر بالغ على أمنها إذا تمت الموافقة على المشروع اللامركزي الفيدرالي الذي يُمرر تحت شعار الحكم المحلي عبر ما يسمى الحوار الوطني والذي سيسفر عنه إقليم شيعي كامل السيادة السياسية والعسكرية من صعدة إلى ميدي لأن هذا الشريط الحدودي ملاصق للحدود السعودية وبالتالي إذا ما تم الموافقة على هذا المشروع فمن المحتمل جداً قطع الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري على اليمن هذا الدعم الذي نحن بحاجته وبالتالي فهم أولى بالمراعاة من مراعاة أحزاب المعارضة الانفصالية لاسيما ومصالحهم متطابقة مع الوحدة اليمنية وليس مع التجزئة.
وفي هذا الصدد أرجو من الأخوة الأشقاء في السعودية ودول الخليج ومن أصدقاء اليمن في الولايات المتحدة وأوروبا أن تتو إلى منهم الرسائل والوفود لطمأنة القيادة اليمنية والشعب اليمني بأنهم مع وحدة اليمن وأمنه واستقراره وأنهم ضد المشروع الفيدرالي اللامركزي الشيعي الذي يمرر تحت شعار الحكم المحلي ، كما أرجو أن تتدفق المعونات الاقتصادية بسخاء لأن عمق الأزمة اليمنية عمق اقتصادي لا سياسي ، فالمظاهرات التي تخرج في الجنوب وتفاقم الأزمة في صعدة سببه معاناة الناس الاقتصادية، والقوى السياسية اللاوطنية تستغل هذه المعاناة الاقتصادية وتوجهها نحو مطالب سياسية انفصالية لا وطنية لتحقيق مكاسب حزبية أنانية لا مكاسب وطنية.
وبالنسبة لأحزاب المعارضة إذا لم تقبل بحوار وطني بمضامين وطنية جمهورية تحافظ على الثوابت وإذا لم تتخلى عن الانقياد للمشروع السياسي الشيعي فالحل معها لا يكون بالمزيد من تقديم التنازلات على حساب الثوابت الوطنية.
وعلى هذا الأساس أقول إذا لم تستجب أحزاب المعارضة الجمهورية لا الإمامية لهذا الحوار فالحل يكمن في إعلان حالة الطوارئ وحل هذه الأحزاب التي تشعل فتيل الأزمة في الجنوب وفي صعدة لأن الوضع الحالي لم يعد وضعاً ديمقراطياً بل قد وصل الانفلات فيه إلى حد ما يمكن تسميته بحالة الفوضى السياسية وكل دساتير العالم الديمقراطية تقر إعلان حالة الطوارئ إذا ما شهدت البلاد أزمة سياسية وحرب مستعرة في أطرافها.
فإذا ما أُعلنت حالة الطوارئ يتم حلّ هذه الأحزاب عبر إجراءات دستورية بتهمة الخيانة العظمى لهم من منطلق تآمرهم على وحدة اليمن الاندماجية ومطالبتهم بتجزئة البلاد إلى أربعة أقاليم أو دويلات رئيسية، وهذه الوثائق التي يطالبون أن يوقعها الرئيس معهم هي نفس وثائق إدانتهم، فوثيقة العهد والاتفاق ومبادرة الإصلاح السياسي ومبادرة الإنقاذ الوطني هي وثائق تستهدف الوحدة اليمنية، فيتم إحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا وتوجيه تهمة التآمر على الوحدة اليمنية وأمن واستقرار اليمن من خلالها.
وسأسوق في هذا المقام الذي لا يتسع دليل قطعي على أن المشروع الفيدرالي اللامركزي الشيعي يستهدف وحدة اليمن وتجزئته وباعتراف أصحاب المشروع نفسه ما ذكره زيد بن علي الوزير في كتابه (نحو وحدة يمنية لامركزية) ص14 من مقدمة الطبعة الثانية حيث يقول: (وقد حظي الكتاب بترحيب فاق تصوري له حتى يمكن القول بأنني لم أجد اعتراضاً على مطلبه على أن البعض قد أشفق على هذه اللامركزية من جهة التطبيق وقدم حججه في أمرين:
الأول: صغر حجم القطر اليمني وعجزه عن استيعاب هذا النظام المتطور.
الثاني: عدم التأهل اليمني المتخلف لهذا الدور الحضاري المتطور لأنه سابق لأوانه.
وكلا الرأيين لا يرفضان اللامركزية من حيث المبدأ ولا يعترضان عليها لكنهما يشفقان من عدم القدرة عند تطبيقها..
إلى أن يقول في نفس الصفحة: (لكننا بالعكس من ذلك لا نرى ذلك التخوف والإشفاق يحول دون تطبيقها بل إنهما يدعوان إلى الإسراع في العمل من أجلها، إن حجة صغر القطر تنقضها الحقائق التالية: إن اصغر ولاية في أميركا هي «رودايلاند» وهي أول جمهورية أميركية هذه الجمهورية لا تتجاوز مساحتها «1212» ميلاً مربعاً وعدد سكانها «22364» وعلى هذه الرقعة الصغيرة قامت خمسة كانتونات أي خمس محافظات، معنى ذلك أن كل محافظة قامت على مساحة قدرها «242» ميلاً مربعاً فإذا كانت مساحة الجمهورية اليمنية حوالي «207.286» ميلاً مربعاً ثم قسمناها على «1212» ميلاً وهي مساحة جمهورية «رودايلاند» يكون عندنا «171» ولاية مستقلة أي «171» جمهورية مستقلة. في حجم ولاية «رودايلاند» وعلى أساس أن كل ولاية بها خمس محافظات فسيكون عندنا «855» محافظة لا مركزية مستقلة وبالتالي «855» رئيسا منتخباً وأظن أن في ذلك إشباعا لنهم السياسيين وإذا ما قمنا بعملية توزيع على حسب السكان وقسمنا الثلاث عشرة مليون نفس في اليمن على «855» محافظة، يكون الحاصل «15.204» نفساً لكل محافظة، وأظن أن ذلك الحجم مناسب وكافي، وتوجد إمارات في أوروبا مستقلة اقل من هذا العدد ، إن الكم لم يعد ذا أهمية بالنسبة للكيف..
وهنا قد يستهول من لا يعرف هذا النوع من الحكم هذا العدد الهائل من الحكام، وسوف يضعون أيديهم على قلوبهم خشية إشفاق مما سيلاقون من شقاء وعذاب نتيجة تجاربهم المريرة في التعامل مع فرد واحد فكيف بهم مع مئات الأفراد؟!!. إنهم سوف يجعلون من شقائهم بالفرد الواحد مقياساً للتعاسة وسوف يتصورن بفزع ما سيلاقونه من العذاب على أيدي هؤلاء «855» حاكماً إذا كانوا قد نالوا على يد حاكم فرد واحد ما نالوه من العذاب، ولكن علينا أن لا نستهول هذا الرقم ولا نخاف من تلك النتيجة ففي الولايات المتحدة «83» حكومة محلية مستقلة...الخ).
أقول بعد هذا الاعتراف الصريح من زيد الوزير القيادي في إتحاد القوى الشعبية بأن هدفه من اللامركزية والفيدرالية هي تجزئة البلاد إلى (171) جمهورية وإلى (855) ولاية مستقلة والحق ما شهدت به الأعداء تتضح بدليل قطعي نوايا التنظيم الشيعي الإمامي لتجزئة اليمن وتمزيقه ، ولذلك فإنني أصاب بالعجب من القيادات الجمهورية كيف تقرأ مثل هذا الكلام ثم تُعاود تكرار أطروحات قيادات اتحاد القوى الشعبية كالببغاوات دون أن يشعروا بهذه المؤامرة ويعترفوا بخطرها بل الأغرب من ذلك أن يقدّموا مثل هذه المؤامرات كمبادرات ، أليس في هذا التصرف دليل على إفلاس قيادات المشترك وفشلها في قيادة أحزابها وهي في المعارضة فضلاً عن أن تكون في السلطة.
ولذلك فإنني أهيب بقواعد أحزاب المشترك الجمهورية وبالقيادات الوسطى بأن لا يتركوا القرارات السياسية حكراً لقياداتهم وأن يعلنوا العصيان الحزبي على قياداتهم التي ألقت بزمامها لأعداء البلاد التاريخيين بحيث صادمو ثوابت الإسلام والوطن وثوابت الأحزاب الجمهورية وأن يكون هذا العصيان الحزبي من القواعد تحت شعار حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (لا طاعة إلا في المعروف) إذا رفضت هذه القيادات محاسبة القواعد والتراجع عن هذا المشروع الانفصالي الإمامي المستهدف للوحدة اليمنية وتجزئة البلاد لإشعال الحرب الأهلية فيها.
وحتى تدرك القيادات الوسطى والقواعد الحزبية لأحزاب المشترك خطورة هذا المشروع الانفصالي من الناحية الشرعية أقول بعد أن أوضحت بدليل قطعي ومن أفواه أصحاب المشروع اللامركزي الفيدرالي أن هذا المشروع مشروع انفصالي بل مشروع لتجزئة البلاد وصوملتها، أقول أن الخروج على الوحدة إلى مشاريع انفصالية في المنظور القرآني الشرعي يعتبر ردّة وكفرا عن الإسلام بصريح القرآن لقوله تع إلى (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{101} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ{102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{103} وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{104} وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{105} يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ{106} وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{107}) آل عمران.
هذه الآيات أمرت بالوحدة والاعتصام بحبل الله وجوباً ونهت عن الفرقة تحريماً بما يؤكد أن الوحدة ثابت من ثوابت الإسلام ومقصد من مقاصده وفريضة جماعية من فرائضه ، ثم أعلنت هذه الآيات حكم الذين آثروا الفرقة والمشاريع الانفصالية الفيدرالية بعد أن قامت عليهم البيّنة بأن المشروع الفيدرالي الإمامي الشيعي مشروع انفصالي ومشروع لتجزئة البلاد بأنهم كفار ومرتدين بصريح قوله تع إلى (أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) وزيادة في التشديد يأتي التهديد الإلهي (فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) وبهذا يتضح أن القرآن دستور المسلمين يعتبر الخروج على وحدة الأمة والدولة خيانة وطنية عظمى تستحق العذاب الأليم ، وهذا ما هو حاصل في مختلف دساتير العالم في عصرنا الحاضر فكل من يتآمر على وحدة البلاد وعلى أمنه واستقراره يُتهم بالخيانة العظمى.
ومن هذه الزاوية أهيب بقواعد الأحزاب الذين تربوا على مبدأ السمع والطاعة العمياء في ظروف السرية الحزبية أن يخرجوا عن هذه التبعية العمياء الصماء البكماء لأنهم مسئولون أمام الله ، ويحاسبوا هذه القيادات على أساس الثوابت الإسلامية والوطنية ليردّوها إلى رشدها بعد ضلالها وانقيادها للقيادات الشيعية المجوسية ، ما لم فليكونوا الأمة أي الجماعة التي تدعوا إلى الخير وتأمر بالمعروف قياداتها وتنهى عن المنكر كما أخبرت الآية ، وإذا أصرّت هذه القيادات على غيها فلتعلن حالة العصيان الحزبي تحت شعار (لا طاعة إلا في المعروف) لأننا لم ننظم لهذه الأحزاب إلا لتكون أداة لتجسيد قيم ديننا ووطننا فإذا خرجت على تعاليم الإسلام وثوابت الوطن فما قيمتها.
- كما أدعو علماء اليمن على رأسهم الشيخ عبد المجيد الزنداني أن لا يكتموا علمهم وأن يعلنوا صراحة بأن من يدعوا للفيدرالية والتجزئة فهو كافر مرتد بصريح القرآن حتى تنزاح هذه الفتنة التي التبس فيها الحق بالباطل وضربت الأذكياء قبل الأغبياء والقيادات قبل قواعدهم بما يؤكد أحاديث رسول الله (ص) عن الفتن التي يمسي بها المسلم مسلماً ويصبح كافراً ويصبح كافراً ويمسي مسلماً.
- وأقول لأحزاب المعارضة لا يحملكم الخلاف مع الرئيس إلى الخلاف مع اليمن ومصالحه العليا وإلى الخلاف مع ثوابت الإسلام وشرائعه، فاختلفوا مع الرئيس ولا تختلفوا مع اليمن ومع الشرع.
- وأقول لإخواني في تنظيم الإصلاح أنه من الغريب أن هذا المشروع الفيدرالي طرح في أزمة 94م وتحت نفس الشعار (الحوار الوطني) عبر علي سالم البيض حيث نجح الإماميون في إستقطابه وقد تصدينا له جميعاً أنا والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمه الله والشيخ عبد المجيد الزنداني والأخ محمد اليدومي والأخ عبد الوهاب الآنسي وكنت وقتها أشغل منصباً قيادياً في الإصلاح (عضو الهيئة العليا – عضو مجلس الشورى – مسئول التخطيط السياسي في الدائرة السياسية) وتم التنسيق مع قيادات المؤتمر وإفشال هذه المؤامرة الانفصالية الشيعية ، وليس هناك أحد متحمس لهذا المشروع الانفصالي غير الأستاذ ياسين عبد العزيز القباطي الذي كان غائباً عن اليمن وعند عودته اتضح أن العناصر الإمامية المخترقة للإصلاح قد نجحت في استقطابه لهذا المشروع بتكليف من مجلس الإمامة، فأصبح هو الحامل الرئيسي للمشروع الشيعي الفيدرالي من بعد حرب 94م بعد أن كان علي سالم البيض الحامل له قبل الحرب.
وبسبب خلافي معه بحكم إختصاصي ومسئوليتي عن التخطيط السياسي قدمت إستقالتي بعد أن حاولت مراجعته دون فائدة ، وهكذا أصبح المرشد العام لحزب الإصلاح مضلاً عاماً ومصدر فتنة لحزبه لا عامل هداية.
فأقول لإخواني في الإصلاح أتركوا التبعية العمياء والتعلق بالأشخاص لا بالشرع ولا تتخذوا من حَبْرِ الإصلاح وراهبه رباً من دون الله فيصدق عليكم قوله تع إلى {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ}التوبة31 وصدق من قال (زلّة العالم تزل بها أمه)
- أقول هذا الكلام وأنا لست من حزب الرئيس بل وأنا أحد قيادات المعارضة ، وهذه الشهادة مني لشعوري بخطورة الوضع الذي تمر به البلاد تغليباً للمصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية المتوهمة مع أن الإصلاح ليس له أي مصلحة حزبية في الخط السياسي الذي هو سائر فيه والمصلحة الوحيدة هي للتنظيم الشيعي، وبعد أن استخدمْت كافة وسائل النصح من داخل الإصلاح
ومن هذا المنطلق أقول للأخوة والقوى السياسية والمنظمات الجماهيرية التي ستجتمع تحت قبة مجلس الشورى استجابة لدعوة الأخ الرئيس للحوار الوطني الشامل ، أقول لهم عليكم الحذر من الوقوع في أطروحات القوى المعادية لخط الثورة والوحدة والديمقراطية فيجب أن تكون مضامين هذا الحوار كما أشار الأخ الرئيس تحت سقف الشرعية الدستورية والثوابت الوطنية لا التفافاً عليها.
وأختم هذا المقال بنصيحة للأستاذ عبد العزيز عبد الغني رئيس مجلس الشورى الذي أُكنّ له احتراماً كبيراً فأقول له لقد وصلتني شائعة لم أصدقها مفادها أن قيادات في المعارضة استطاعت التأثير على الأستاذ عبد العزيز عبد الغني بحيث أصبح متحمساً للمشروع الفيدرالي الشيعي ولفكرة الأقاليم والذي سيمرر تحت شعار الحكم المحلي ، فأقول له: إن الوطن والأخ الرئيس بحاجة إلى أن تقف معهما لا ضدهما وإذا قمت بتمرير كل مفردات أطروحات المعارضة (الحكم المحلي – النظام الفيدرالي – القائمة النسبية – الأقاليم – التعديلات الدستورية) فستكون أول زلّة لك تعملها تلطخ صفحات عطائك طوال المرحلة الماضية وستخذل الوحدة اليمنية والوطن والأخ الرئيس في مرحلة حساسة من تاريخ اليمن..
فيجب عليك التقيد بتوجيهات الأخ الرئيس وهو الحوار الوطني مع الالتزام بالشرعية الدستورية والثوابت الوطنية ولذلك يجب أن يكون جدول عمل هذا الحوار دقيقاً بحيث لا يسمح فيه إدراج قضايا تمس الثوابت اليمنية وأنا على يقين من أن الأستاذ عبد العزيز عبد الغني سيبدد هذه الشائعات بموقف عملي عبر النتائج الإيجابية التي ستنبثق عن هذا الحوار الوطني لتضاف إلى تاريخه الناصع صفحة جديدة مشرقة في لحظة هامة من تاريخ البلاد.
وأسأل الله أن يحفظ اليمن ودول الجزيرة من كيد الخونة ودعاة التجزئة والحروب.
ثَبَتَّ فلما أوضح الرأي نهجه
طفوت على البحر المحيط وقد طما
وذدت مخوفات الخطوب مدبرا
فعاد سحيلاً كل ما كان مبرما
لئن وضعت عنها الجياد سروجها
لقد أُسرج الرأي الأصيل وألجما
إلى أن حسمت الداء أعيا دواؤه
سواك ولو كان المسيح بن مريما
وأعربت عن فصل الخطاب مباشراً
ولو كان سحباناً مكانك أُُفحما
(أبيات للشاعر/ إبن حيّوس)
____________________________
* مسئول التخطيط السياسي سابقاً في التجمع اليمني للإصلاح
من مواضيع الكاتب:
الفيدرالية إلغاء للوحدة اليمنية
اليمن بين الوحدة الإندماجية والإتحاد الفيدرالي
الفرق بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية والحلول المقترحة للأزمة الحالية