قصة محاولة الشاب النيجيري المسلم تنفيذ عملية تخريبية إرهابية ضد طائرة شركة «نورث وست» الأمريكية يوم عيد الميلاد المسيحي تشكل حلقة أو جزئية من الصورة الشمولية لكونها مليئة بالثغرات المنطقية التي تثير شكوكاً حتى لأولئك الذين يعارضون الاستنباطات..
عودتنا الأحداث التي لم تزل تتو إلى باستمرارية ووتيرة ملفتة للنظر منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 م أن نتوجس شراً مستطيراً يحيق بالأمة سواءً في هذه البلاد المسلمة أو تلك بمجرد تناقل وكالات الأنباء العالمية لأي عملية إرهابية حقيقية كانت أم مسرحية زائفة قد تلجأ إليها بعض الدول الكبرى لتجديد تبريراتها أمام العالم لشن الحروب المستدامة على العالم العربي والإسلامي وإشعال حرائق الحروب الأهلية في أرجائه كما هو حاصل حالياً في العراقوأفغانستان وباكستان والصومال والشقيقة..
والجار المتاخم اليمن والذي يبدو أنه قد حان آوان إستهدافه ضمن قائمة الأجندة الأمريكية ومخططها الشامل لمنطقة الشرق الأوسط الجديد الذي يبدو أن إدارة الرئيس أوباما قامت ببعثه من جديد ويرمي إلى المزيد من التناحر وتمزيق المنطقة والإحاطة بقلب العالم الإسلامي إحاطة السوار بالمعصم.
لا يخفى على المتتبع الفطن للنمط والتوجهات الشمولية للأحداث في المنطقة إن قصة محاولة الشاب النيجيري المسلم عمر فاروق عبد المطلب ذي الـ23 سنة تنفيذ عملية تخريبية إرهابية ضد طائرة شركة «نورث وست» الأمريكية رحلة رقم 253 التي كانت متجهة إلى مدينة ديترويت الأمريكية قادمة من أمستردام يوم عيد الميلاد المسيحي والتي أطلق عليها مصطلح «مفجر البنطلون» تشكل حلقة أو جزئية من الصورة الشمولية لكونها مليئة بالثغرات المنطقية التي تثير شكوكاً حتى لأولئك الذين يعارضون الاستنباطات نظرية المؤامرة، وذلك بالرغم من تبني منظمة القاعدة «الهلامية الكيان» باليمن للعملية إنتقاماً كما تقول الرواية للهجمات الأمريكية الأخيرة على قيادات القاعدة في منطقة أبين باليمن.
وسبب تلك الشكوك في الروايات الرسمية شهادات بعض ركاب الرحلة الذين عايشوا الحدث أولاً بأول حتى من قبل صعود الإرهابي للطائرة كمثل السيد «كورت هيسكل» وزوجته، وشهادات أخرى حاول الإعلام الرسمي الأمريكي التكتم عليها وتعميتها عن الناس، والقصة في كثير ٍ من جوانبها شبيهة لحد بعيد بقصة «مفجر الحذاء» التي جرت أحداثها كذلك أيام عيد الميلاد لكن في عام 2001م.
وقبل أن نستفيض نسبياً في سرد بعض من تلك الشهادات المحيرة للحليم يجدر التذكير أولاً ببعض أهم النتائج المتمخضة عن المحاولة المفترضة لتفجير الطائرة المعنية منها الإعلان رسمياً من قبل الحكومتين الأمريكية واليمنية عن خطط تعاون أمريكي يمني في توجيه ضربات جوية أمريكية لمناطق القاعدة باليمن، وثانيهما دعوة عدد من رجال الكونغرس الأمريكي إلى توسيع دائرة «الحرب على الإرهاب» كمثل السنيتور «جو ليبرمان» الذي صرح لإخبارية «فوكس» الأمريكية بعد زيارة له مؤخراً لصنعاء تعليقاً على المحاولة الإرهابية المفترضة ( إن مسؤولاً أمريكياً يعمل بصنعاء، العاصمة اليمنية قال لي بأن العراق كانت حربنا بالأمس، وأفغانستان هي حرب اليوم، بينما اليمن هي حرب الغد، حيث ثمة الخطر الذي يتهددنا ).
وأكد «ليبرمان « وهو يشغل منصب رئيس لجنة الأمن القومي بالكونغرس على أن الوجود الأمريكي باليمن يشمل حالياً قوات العمليات الخاصة، والقوات الخضراء، والاستخبارات الأمريكية، وأن البنتاغون قد خصص مبلغ 67 مليون دولار أمريكي كمساعدات أمنية لليمن عام 2009 م، وأن هذا المبلغ سيزداد لعام 2010 م. فهل يعني كل ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لإرسال عشرات أو مئات الألوف من الجنود الأمريكيين لليمن بالرغم من احتمالية غوص أمريكا في مستنقع حربي جديد ؟! لا يستبعد ذلك على التصرفات الرعناء للإدارات الأمريكية المتعاقبة.
عوداً على بدء لشهادة «كورت هيسكل» وزوجته : ( لقد كنت على متن هذه الرحلة اليوم وإني لشاكر لله أني لا أزال حياً، كنت وزوجتي عائدين من رحلة سفاري بأفريقيا وفي خط سيرنا رحلة المتابعة من أمستردام، وكان مقعدنا في الصف الـ27 الذي كان 7 مقاعد خلف كرسي الإرهابي، وقد تسنى لي رؤية كل تفاصيل الحادث أثناء وقوعه لقد كان أمراً مخيفاً جداً، والشكر لعدد من الناس الذين تصرفوا بسرعة لأنني لا أزال في عداد الأحياء )..
وأضاف ( لقد كنت بجوار الإرهابي أثناء إجراءات صعوده للطائرة بمطار أمستردام، لقد كنت وزوجتي نلعب الورق أمام منصة إجراءات السفر مباشرة فرأيت ما هالني ولقد أبلغت ال إف بي أي : رأيت رجلاً هندياً خمسيتي العمر يرتدي بدلة راقية يقترب من منصة الإجراءات برفقة الإرهابي وبادر بالقول : إن هذا الرجل ( الإرهابي ) يحتاج أن يسافر على متن هذه الطائرة لكنه لا يحمل جواز سفر، ولم يخطر ببالي أنهما إرهابيان، فأجابه الموظف لا يمكنك الصعود للطائرة دون جواز سفر، فقال الرجل الهندي إنه من السودان ونحن نفعل ذلك دوماً، فجاء جواب الموظف يجب عليك التحدث إلى رئيسي في العمل وأشار إلى مكتب المدير، ولم أر الرجل الهندي بعدها إذ أنه لم يكن على متن الطائرة..
وكان غريباً أن الإرهابي لم ينبس ببنت شفة خلال كل الحديث لكنني رأيته بعدها على متن الرحلة )، وأضاف ( تم اعتقال رجل هندي أخر وأقتيد بعد عثور كلاب الشم على متفجرات في أمتعته المحمولة أثناء تفتيش الأمتعة في الجمارك بعد هبوط الطائرة، واختتم «كورت هيسكل» شهادته قائلاً ( ما لم يصل للأخبار أيضاً هو أننا أجبرنا على البقاء على متن الطائرة بعد هبوطها لمدة عشرين دقيقة وكان من الممكن أن تنفجر قنبلة ما، لم يكن ذلك من الذكاء بمكان في حق قوات أمن المطار، لقد كان أمراً مرعباً لم أستطع أن أنام أثره طوال الليل ).
و هناك ثغرات أخرى في الرواية منها تمكن الإرهابي من المرور من نقاط التفتيش في مطار أمستردام متحزماً بمتفجرات خيطت في ملابسه الداخلية ؟؟؟ وأن تلك المتفجرات لم تنفجر لحظة التفجير، وقيام البعض بتصويره باستمرار اثناء الرحلة دون مبررات، وما هو أغرب وهو أن والد الإرهابي النيجيري-اليمني وهو رجل مصرفي فاحش الثراء كان قد أبلغ السفارة الأمريكية بالعاصمة النيجيرية – حسب الرواية الأمريكية – بأن ابنه قد أصبح خطيراً على الأمن الأمريكي ولم تحرك المباحث والاستخبارات الأمريكية ساكناً سوى اللهم أن وضعته في قائمة مراقبين وليس قائمة الممنوعين من السفر لأمريكا.
نرجو أن تتغلب اليمن على مشاكلها الأمنية من خلال الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي مقرونة بالمجهودات الأمنية، وأن تقتدي بالمملكة العربية السعودية في احتواء الأخيرة للأعمال التخريبية والإرهابية دون الحاجة للجوء إلى المساعدة الخارجية التي لن تجر للمنطقة سوى الويلات خصوصاً في أعقاب كل عمل إرهابي ضد أمريكا..
لا سيما وأن السيد «جيرالد كيلانتي» رئيس مؤسسة الأبحاث النمطية وهي أحد أكبر وأنجح دور دراسات استشراف المستقبل بأمريكا وصاحب العديد من التوقعات التي جاءت صائبة حتى في توقيتها ومنها الأزمة الاقتصادية العالمية، يتوقع تعرض أمريكا لعملية إرهابية عام 2010 م تناهز تلك في 11 سبتمبر 2001 م أو تفوقها، فهل سيدفع العالم العربي الإسلامي ثمن مثل ذلك الحدث حال وقوعه، وهل ستستعد دول العالم العربي والإسلامي لذلك الحدث أم سنكون كالعادة كالريشة في مهب الريح اللهم سلم سلم.