إن لكل شيء في هذه الدنيا فنونا وآدابا وطرقا ووسائل، والحوار له فنونه وآدابه، والشخص الذي يتأدب في حديثه وحواره يوصف بالشخص المهذب، أما من لا يهتم بأسلوب الحديث وفن الكلام فأن الحديث معه يصبح غير مرغوب وقد يتجنبه العديد من الناس..
ومن فنون الحوار بين شخصين أو عدة أشخاص أن يصغي كل طرف إلى الآخر بانتباه وأن يحترم كل طرف رأي الآخر وألا يتشبث الفرد برأيه إن ظهر له الحق، وألا يرفع صوته بالصراخ وأن يبدي اهتمامه بحديث الطرف الآخر..
ونحن اليمنيين من الشعوب الودودة التي تحب تبادل الآراء والأحاديث وتتصف بأنها لطيفة المعشر، والتاريخ يشهد بأن الحوار كان لغة تستخدم في سياسة وإدارة شئون الدولة حتى من قبل الميلاد، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في محكم كتابه في قوله تع إلى على لسان ملكة دولة سبأ العظيمة بلقيس (قالت يأيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون) ..
كل ذلك دليل قاطع على أن الحوار كان سيد الموقف وكان منهجا يسير عليه كبار الساسة في حكم اليمن.. ولطالما كان تبادل الرأي وسيلة من وسائل النجاح وإبعاد الغموض والبعد عن سوء الفهم في حياة الناس، وفي وقتنا الراهن كان الحوار هو وسيله تستخدمها الدولة في كثير من الأمور، وقد مر على الساحة السياسية في اليمن، العديد من الدعوات إلى الحوار فالوحدة تحققت بفعل الحوار الناجح بين أبناء الوطن..
وبفضل الحوار المبني على استشعار المسئولية صنعنا مجدنا وعليه فأن الوقت الراهن بما فيه من معطيات يتطلب من الجميع التمسك بمبدأ الحوار والسعي نحو الجلوس على طاولته حبا في الوطن وحرصا على سلامته وأمنه..
وقد جاءت دعوة فخامة رئيس الجمهورية الأخ/ علي عبدا لله صالح للحوار كدليل قاطع على أن هذا الوطن لن يهدأ وتسير أموره سوى بالحوار الذي يجب أن يسعى كافة أطرافه إلى أنجاحه، وألا تستخدم الأطماع الشخصية والو لاءات الحزبية الضيقة للمراوغة والتعنت بل على الجميع سلطة ومعارضه تقديم التنازلات لأجل أن تسير مركب البلاد بأمان ولأجل تقدم البلاد وازدهاره ..
وعلى الجميع أن يعي الأخطار الراهنة الداخلية منها والخارجية والألعاب السياسية التي يخطط لها دوليا وكذا الطبخات السريعة التي يتم التحضير لها في المطابخ العالمية والإقليمية، للنيل من أمن البلاد واستقراره وازدهاره..
على الجميع أن يعي ويفهم التاريخ جيدا وألا ينسى أن اليمن كانت ولا زالت محط أطماع العديد من الدول وهذا يتطلب وحدة في الصف ووحدة في المصلحة ووحدة في الغاية ووحدة في الهدف فإذا كان الجميع كما يدعي هدفه مصلحة البلاد فما الداعي لتعطيل الحوار الذي يجب أن يكون سعيا للمصلحة العامة ..؟
دعوا حروفي هذه تهمس للجميع باسم المحبة وباسم الأخوة وباسم الوطن والمصلحة العامة للجميع أن يكون هدفنا إنجاح الحوار بيننا وأن نتحدث مع بعض بشفافية وان نترك التعنت ووضع العقد على المنشار وألا نستغل الأوضاع الراهنة بل يجب أن نحرص على أ نفوت الفرصة على الأعداء في النيل منا أو حتى في تدمير وطننا أو حتى في بذر الشك بيننا لأن الجميع يجب أن يدرك أن الصراع القائم بين السلطة والمعارضة ليس له وجه حق لأنه يجب أن يتحول إلى تعاون لأجل خدمة الوطن والرقي به..
ودعوني أذكركم أن كل من سعى إلى مصالحه الذاتية متناسيا مصلحة الجميع كان الفشل والعار حليفا له وصار في مزبلة التاريخ وليكن لنا في أخواننا الإماراتيين قدوة حسنه حيث تتعدد حكام كل أماره لكنهم يسعوا دوما نحو خدمة دولة واحدة ورئيس واحد..
لم نسمع يوما عن تعطيلهم لمصلحة بلادهم وشعبهم بل يتنافسون نحو البناء والتنمية علينا جميعا أن نتذكر تاريخنا الناصع المرصع بالدر الذي نباهي به الأمم ..
فحبا بالله وبهذا الوطن الغالي دعوا حواركم فعالا وناجحا وليكن في قلوبنا ونياتنا هدف واحد وهو أن نخرج المركب من مثلث الأعاصير إلى بر الأمان.