أوكلت الولايات المتحدة الاميركية لنفسها السيطرة على العالم ووضع اليد على ثرواته، فشنت الحروب على الإرهاب وعلى أفغانستان والعراق وباكستان وتواطأت مع اسرائيل على شن عدوانها على لبنان في صيف 2006 وعلى غزه في مطلع عام 2009.
حروب الرئيس بوش وأيديولوجية اليمين المحافظ وهيمنه الضغط الصهيوني في السياسة الاميركية أوصلت المشروع الاميركي إلى فشل، مما أجبر الرئيس الاميركي أوباما إلى إعلان جدولة انسحاب القوات الأميركية من العراق، وتغيير أسلوب الحرب في أفغانستان، لكن استراتيجية المؤسسات الاميركية تغلبت على تكتيك الرئيس أوباما، بالإضافة إلى تعثر خطواته وعدم الوفاء بوعوده، واستمرار سيطرة بقايا فكر المحافظين الجدد في المؤسسات الاميركية جعلت من عام 2010 استمراراً للحروب المعلنة في أفغانستان وباكستان التي تستعد للدخول في حقبة جديدة أشد ضرارة وعنفاً.
بعد إعلان الرئيس أوباما ان الحرب على الإرهاب قد اختلفت، إذ بتنظيم القاعدة يوجه مؤخراً ضربات موجعة من انفجار خوست في أفغانستان الذي قضى على 7 من كبار مسؤولي الاستخبارات الأميركية، إلى محاولة تفجير الطائرة الاميركية فوق ديترويت التي حاول تنفيذها عمر فاروق الذي تلقى تدريبه في اليمن، فإذ بالإدارة الأميركية تعمل على تجديد الحرب على الإرهاب من بوابة اليمن.
في هذا السياق تندرج حرب اليمن كحرب رابعة في عقد الحروب الاميركية كما صرح اكثر من مسؤول اميركي بأن حرب العراق هي حرب الأمس وحرب أفغانستان هي حرب اليوم وحرب اليمن هي حرب الغد.
واضح ان الادارة الأميركية أعدت خطة للتدخل في اليمن، فقد كشفت تقارير اميركية عن إقرار وزارة الدفاع الأميركية خططاً سرية أعدتها منذ أشهر، تقضي بتحريك وحدات من قواتها المتمركزة في جيبوتي وجزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي إلى اليمن لمساندة القوات الحكومية في حربها على تنظيم القاعدة والحوثيين في شمال اليمن، ومشاركة البوارج البحرية الاميركية المرابطة في كل من بحر العرب والبحر الأحمر.
لم تكن إدارة أوباما بحاجة إلى محاولة تفجير الطائرة الاميركية فوق ديترويت عشية عيد الميلاد لكي تعلن الحرب في اليمن، فقد نشرت جريدة نيويورك تايمز الصادرة في 19 كانون الأول 2009 أي قبل اسبوع من محاولة تفجير الطائرة الأميركية خبراً مفاده ان الرئيس أوباما أجاز للقوات الاميركية بأن تقدم دعماً عسكرياً واستخباراتياً لحكومة اليمن وأن تشارك في العمليات العسكرية ضد تنظيم القاعدة. وفي 17 و23 كانون الاول 2009 قبل محاولة تفجير الطائرة الاميركية، قامت طائرات اميركية بغارات ضد اهداف لتنظيم القاعدة كما ادّعت، وقصفت بصواريخ كروز من بوارج اميركية في خليج عدن مواقع في اليمن.
لقد اعلن الرئيس الأميركي أوباما استراتيجية جديدة بمواجهة القاعدة وحلفائها في كل مكان يحاولون الاستقرار فيه، سواء في اليمن أو الصومال، واعتبر الكونغرس الأميركي ان اليمن دولة تقف على الخط الأول في الحرب على الإرهاب وتم إدراج اليمن على لائحة الإرهاب لأنه يشكل مصدراً يهدد الأمن العالمي. تسعى الادارة الأميركية إلى تظهير اليمن خطراً على استقرار المنطقة والعالم وتعمل على تحويله إلى مشكلة دولية (تدويل اليمن). وفي إطار الجهود لتدويل اليمن دعا رئيس وزراء بريطانيا غوردن بروان، مدعوماً من ادارة اوباما، إلى عقد اجتماع دولي حول اليمن يتزامن مع انعقاد المؤتمر المقرر حول أفغانستان في 28 كانون الثاني 2010 في لندن وذلك لتعزيز الجهود الاميركية والبريطانية لتدويل اليمن.
الاهتمام الاميركي بالوضع الأمني في اليمن ليس جديداً لكن الوضع اليوم مختلف، فالتحرك الاميركي المتسارع للتدخل في اليمن هل سيكون على طريقة أفغانستان أو باكستان أو تكرار التجربة الاميركية في العراق؟
إن التدخل الاميركي في اليمن لن يكون بلا نتائج على اليمن، إذ انه سيقوض دعائم الحكم ويحول سلطة الرئيس علي عبد الله صالح إلى أداة تنفيذية لقرارات أميركية.
إن التدخل الاميركي سيزيد مخاطر العنف في اليمن والمنطقة لأن العبث الاميركي في الأمن العربي يهدد امن المنطقة ويقوي التطرف ويزيد من حدة الصراع بين القوى المحلية والعربية والإقليمية والدولية.
الحرب الاميركية على اليمن هي محطة للإمساك بمنطقة استراتيجية هي مفتاح مضيق باب المندب الممر الحيوي لناقلات النفط، والبحر الأحمر وبحر العرب حيث مصادر النفط.