[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عندما يصبح الكلام مخيطاً بصميل.. رداً على المحطوري

في الحوار الذي أجراه معه الزميل ثابت الأحمدي في صحيفة الناس الغراء بتاريخ 15/2/2010م، ظهر الدكتور المحطوري وهو يمارس هوايته المفضلة بالتدليس والاستعلاء على الآخرين،

وتزييف الحقائق وقلبها والاستهتار والتلاعب بالألفاظ والكلام الزئبقي والمراوغة وخلط الحابل بالنابل والحق بالباطل.

كان السؤال الأول واضحاً وصريحاً ومباشراً، وعلى النحو التالي:
* الملاحظ أن تاريخ صعدة هو تاريخ صراع وحروب عبر الزمن منذ جاء الإمام الهادي إلى اليمن؟

فجاءت إجابة المحطوري بعيدة وخبيثة وفيها إساءة وسخرية واستعلاء على اليمنيين وأن الله لم يسخرهم لأحد حتى سليمان عليه السلام الذي سخر الله له الجن لم يسخر له اليمنيين، وإنما سخرهم (لآل البيت) حسب تعبير المحطوري الذي تعمد الغمز واللمز والانتقاص من اليمنيين وأنهم أصبحوا مسخرة للأئمة وعبيداً وخدماً وأتباعاً للهادي وأبنائه الذين يعتبرون أنفسهم سادة وقادة واليمنيين مجرد أتباع وموالين وعكفة، وكما يقول عبدالله بن حمزة وغيره فإنهم قد خلقوا من طينة غير طينة الآخرين، وأنهم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك، وينسبون للرسول صلى الله عليه وسلم أن طاعتهم سبب لدخول الجنة وعصيانهم سبب لدخول النار وبئس المصير!!

وفي رده على السؤال الثاني أخذ المحطوري يمدح الإمام يحيى وعصره وأن القبائل خضعت كاملة للدولة بدون عجرفة أو سفك للدماء.. وأن حكم الإمام يحيى تميز بالعدل والمساواة وحل مشاكل الناس وإنصافهم!! ومع أن الإجابة ليس لها علاقة بالسؤال إلا أنه أخذ بتزوير التاريخ وقلب الحقائق والوقائع، فيزعم أن القبائل اليمنية خضعت بالكامل لهيبة الدولة بدون عجرفة أو سفك للدماء!! سبحانك ربي هذا بهتان عظيم، فالصغير قبل الكبير يعرف ظلم وبخل وانغلاق وسوء إدارة الإمام يحيى للبلاد والقبائل اليمنية لم تخضع لهيبة الدولة بالكامل، بل ثارت القبائل وتمردت على الإمام يحيى والقبائل التي تم إخضاعها إنما كان ذلك بالقوة والعجرفة وأخذ الرهائن وضرب القبيلة بالأخرى وبسفك الدماء وغيرها من الوسائل التي استخدمها الإمام يحيى، الذي مارس سياسة الاستئصال للشخصيات البارزة وخاصة التي وقفت معه من زعماء القبائل في بداية حكمه، وكما يقول القاضي عبدالله عبدالوهاب الشماحي فإن الإمام يحيى لم يكن يعطي المناصب إلا من ترتضيه طبيعة الحاكم المستبد والملك القوي الحقود الكنود.. الذي لا تعرف الرحمة إلى قلبه القاسي مسلكاً فقد كان حقوداً لا ينسى أية زلة، بخيلاً حتى على نفسه وذويه،!! لقد كان حكم الإمام يحيى كابوسا على الشعب اليمني، فقد كان الشعب في عهده حي كالميت وميت كالحي، حرم الشعب من كل شيء.. لقد كانت كل دقيقة من سنوات حكمه الطويل طاحونه هائلة تسحق عظام الشعب اليمني وتنهش لحمه وتفري جلده.

لقد ورث الإمام يحيى مساوئ ومفاسد الأئمة السابقين، وكما يقول الأستاذ أحمد جابر عفيف فقد كان الإمام يحيى رجلاً غريباً إلى أبعد الحدود وكان يحكم اليمن بطريقة غريبة وعجيبة، تجعلك تصاب بالدوار، والحقيقة أنه من الصعب على الواحد منا أن يسرد سرداً كاملاً يعطي صورة عن تلك الأزمنة" ومع ذلك يأتي اليوم المحطوري ليحدثنا عن عدل وإنصاف الإمام يحيى وحُسن إدارته وابتعاده عن العجرفة وسفك الدماء، هكذا يلقيه كلاماً في الهواء، في سياق تحسين وتلميع صورة الأئمة وتزيين عصر الإمامة في اليمن.

لقد كان المحطوري ثقيلاً ومفضوحاً وهو ينفي عن الإمام يحيى سفك الدماء والعجرفة، فماذا تسمي نظام الرهائن؟ ألم يكن تعجرفاً واستبداداً واستعباداً واحتقاراً للشعب اليمني، أما القتل وسفك الدماء فقد قام الإمام يحيى بالتخلص من الشخصيات الكبيرة التي وقفت ضده والتي تشكل خطراً عليه، وقتل الكثير والكثير ومنهم:

1- شيخه واستاذه القاضي محمد بن اسماعيل جغمان.
2- القاضي اسماعيل بن يحيى الردمي
3 الشيخ أحمد كحيل من الحيمة.
4 الشيخ سعيد علي دودة همدان.

ودخل الإمام يحيى في حروب مع العلامة الحسن بن أحمد الضحياني الذي نافسه على الإمامة وقد استمرت الحروب بينهما لسنوات وكان الضحياني أكثر علماً واجتهاداً من الإمام يحيى.

يا ( سيد) محطوري: إذا كان حكم الإمام يحيى كما تدعي فلماذا قام الأحرار والمناضلون؟ ولماذا تأسست هيئات وجمعيات النضال؟ ولماذا قامت ثورة 48م؟ لقد أدت سياسة الإمام يحيى المستبدة والمنغلقة والبائسة لتكوين معارضة وطنية قوية وواسعة، تشكلت من مختلف الاتجاهات والقبائل والأسر.. ومن أغرب الغرائب واعجب العجائب قول المحطوري أن حكم الإمام يحيى لم ينته بثورة!

حقاً.. إذا لم تستح فاصنع ما شئت، إن الدكتور المحطوري بكلمة واحدة يلغي ثورة 48م، بقوله:

"لم تنتهِ بثورة!! ولكن ربما أن الإمام يحيى رحمه الله لم يتمكن من النظرة البعيدة إلى الوقت ويؤسس قاعدة تجنب اليمن الكوارث، وجاءت ولاية العهد التي لم يكن راضٍ عنها!!"

هكذا يتحدث المحطوري بكلام مخيط بصميل ، فهو ينكر حدوث ثورة، ويربط ذلك بعدم تمكن الإمام يحيى من النظرة البعيدة إلى الوقت ويؤسس قاعدة لتجنب الكوارث، مع أن الإمام يحيى لم يكن له نظرة قريبة ولا بعيدة وأسس لحدوث الكوارث ورسخ للأزمات والمشاكل.

أما قوله "وجاءت ولاية العهد التي لم يكن راضٍ عنها"!! فهو قول مردود فالإمام يحيى كان راضياً تمام الرضى عن ولاية العهد لابنه أحمد يا جناه، وقد زعم المحطوري أن علماء صنعاء قاموا بمبايعة السيف أحمد ولياً للعهد ولكن الإمام لم يوقع على هذه المبايعة!! وكأن الإمام يحيى لم يكن راضياً ولا موافقاً على هذه البيعة وولاية العهد، وعلماء الزيدية في صنعاء بايعوا رغماً عنه، هذه تبريرات سخيفة وأقوال باطلة، فقد قام الإمام يحيى بعزل ومضايقة بيت الوزير وغيرهم من الأسر الكبيرة بهدف إفساح المجال لولده السيف أحمد وتعيينه ولياً للعهد، والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كانت ولاية العهد غير موجودة في المذهب الزيدي فعلى أي أساس قام علماء صنعاء وعلى رأسهم زيد بن علي الديلمي بمبايعة احمد حميد الدين ولياً للعهد؟!

إبادة ثلاثة من المطرفية!

وتبلغ المأساة قمتها عندما نفى وأنكر المحطوري أن الإمام عبدالله بن حمزة أباد مائة ألف من المطرفية، وأكد أنه أباد فقط ثلاثة أشخاص من المطرفية!! ونقول للمحطوري كما قال لثابت الأحمدي: إذا كان المتكلم مجنون فالمستمع بعقله، هل يصح لغة وواقعاً التعبير هكذا: أباد فقط ثلاثة اشخاص" هل قتل ثلاثة أفراد يعتبر إبادة؟ وهل كل المصادر التاريخية الزيدية وغير الزيدية كاذبة وخاطئة في العدد إلى هذه الدرجة؟ ووحده المحطوري يعرف الرقم الحقيقي والعدد الفعلي للمطرفية الذين أبادهم عبدالله بن حمزة ؟ لم ينكر حادثة الإبادة التي قام بها عبدالله بن حمزة أحد من العلماء والمؤرخين والمحققين وأن عبدالله بن حمزة قتل أعدادا كبيرة وهائلة من المطرفية، حتى أنه أبادهم بالكلية، إبادة حقيقية بالسيف والسلاح، وإبادة المطرفية كما يقول الباحث الزيدي المعروف زيد بن علي الوزير: حدث جسيم من المستحيل تماماً تجنبه.. فهي قضية مثارة أردنا أم لم نرد وستظل مثارة ما دام هناك تاريخ يكتب، ويضيف الاستاذ زيد الوزير قائلاً: "إن الإمام عبدالله بن حمزة أباد المطرفية بالسيف بعدما عجز عن التغلب عليهم بالقلم، ولعمري أن الاحتكام إلى السيف هي حجة المفلس"!!

وهكذا نجد أن إبادة المطرفية قضية تاريخية كبيرة ومثارة وإبادتهم جريمة بشعة ووحشية فقد قتل الرجال وسبى النساء والأطفال وهدم البيوت والمساكن والمساجد وقام عبدالله بن حمزة بتكفير المطرفية واستحلال دمائهم وأموالهم وكفر من لا يكفرهم بل ومن يشك بكفرهم أو يتعاطف معهم، كانت إبادة جماعية وكارثة إنسانية ومع ذلك يأتي المحطوري بكل سهولة واستهتار بالدماء والأرواح والأعراض ويقول بأن عبدالله بن حمزة أباد فقط ثلاثة وأنه قام بذلك بسبب تعاون المطرفية مع الأتراك وهذا غير صحيح إطلاقاً، فالمطرفية لم يتعاونوا مع الأتراك لأن الأتراك لم يكونوا موجودين أيام عبدالله بن حمزة،..

أما إذا كان يقصد الأيوبيين الأكراد فكذلك لم يتعاون المطرفية معهم ولم يرتكبوا الخيانة العظمى كما يزعم المحطوري وكل ذنبهم أنهم أنكروا الشرط الفاطمي وقالوا بأن الإمامة تصلح في كل الناس ولا يعترفون بالشرط العنصري والنسب الفاطمي.

إن المحطوري في هذه المقابلة وغيرها يتناول الأحداث والقضايا والوقائع ويتحدث عن الأفكار والمسائل بكل خفة واستهتار وبكل عنصرية وطائفية وتعصبات مقيتة وثقافة منحرفة حتى أنه في هذه المقابلة مع صحيفة "الناس" يزعم أن حصر الإمامة في البطنين جاء من أيام الصديق رضي الله عنه وأنه قال: الخلافة محصورة فينا يا معشر قريش وأنتم يا قحطان لا حظ لكم اقتلوا سعداً قتله الله كما قال عمر: حصروها في قريش!!

إن المحطوري ينسب لأبي بكر قولاً لم يقله وكلاماً لا يخرج من فيه، إنه يريد الإساءة للخليفة الأول والصديق الأكبر ويزعم أنه قال: الخلافة محصورة فينا معشر قريش.

أما قوله: "وأنتم يا قحطان لا حظ لكم" فإنها لم ترد في كتاب أو مرجع أو مصدر وإنما هي مقولة من اختراع المحطوري يريد من خلالها إثارة الفتنة السلالية والنزاعات العنصرية فهو يريد أن يقول إن قريشاً بزعامة أبي بكر الصديق وعمر الفاروق اغتصبوا الخلافة من علي بن أبي طالب ومنعوها عن الأنصار الذين هم يمانيون من قحطان.

وجملة "وأنتم يا قحطان لا حظ لكم فيها" تحريض واستعداء لليمنيين ضد أبي بكر الصديق والمهاجرين وعموم الصحابة، فالمحطوري يريد أن يقول ويزعم أن المهاجرين اغتصبوا وانتزعوا الخلافة من الانصار وأن المسألة عبارة عن صراع سياسي بين القرشيين العدنانيين ممثلين بالمهاجرين وبين الأوس والخزرج القحطانيين ممثلين بالانصار!!

هل عرفتم حجم الفتنة ومقدار الدس والتضليل؟ وما هو الهدف البعيد من هذه الفكرة المجنونة والأقوال المفبركة والمخترعة؟

زر الذهاب إلى الأعلى