[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

إسرائيل المتمردة.. هل أصبحت مشكلة لأمريكا؟!

تشدد إسرائيل لم يأت لأنها قادرة على كسر القوانين الدولية ورفض مطالب الحلفاء والأصدقاء، بل من منحها صفة الدولة التي لا تخضع للتساؤل حتى عن جرائمها وتجاوزها حدوداً لم تجرؤ على خرقها دول أكثر منها أهمية في السياسة العالمية..

أمريكا شعرت أن تمادي إسرائيل في العصيان والرفض، وتمرير قراراتها دون اعتبار لأي منظمة دولية ، وضعها في دائرة الحرج ليس مع الدول العربية فقط، بل مع العالم الخارجي، وحتى أوروبا الحليف الآخر شعرت أن إسرائيل عبء عليها وعلى مستقبل علاقاتها مع العالم الإسلامي برمته..

غير أن الأيام الماضية التي شهدت تجاذباً حاداً بين السلطتين الأمريكية والإسرائيلية، والخلاف على مسار السلام وفق مطالب محددة من قبل أمريكا، لا يعزى للرئيس أوباما وحده والتي حاولت إسرائيل تعبئة الرأي العام الأمريكي ثم العالمي عليه، وأنه ينهج التعاليم الشيوعية بخطواته الإصلاحية للاقتصاد، ومرة أخرى بمعاداته لها وانجذابه للإسلام، وهذا أسلوب تكرر، وتعود عليه العالم من أي مخالف لسياستها، فهو عدو للسامية ومنكر لمعاناة شعبها وتاريخه..

فأمريكا لا تدار بعقلية الرجل الواحد، وهو ما يسقط المقولة الإسرائيلية، ثم أن لأمريكا مصالح لا تقرر في تل أبيب، وهي أيضاً تريد مكافحة الإرهاب لكن إسرائيل تقف دون ذلك كونها أكبر دولة إرهاب تسببت في خطف الطائرات وتفجير السفارات ثم ولادة الإرهاب الحديث، لأن الشعور بالغبن واستمرار التحدي يولدان صداماً مقابلاً بذرائع مختلفة..

ولعل ما قيل أن أمريكا لديها الاستعداد لرفع «الفيتو» عن أي قرار يتخذ ضد الاستيطان الإسرائيلي لا يكفي، لأن المشكل ليس باتخاذ قرار كهذا بل في فرضه، وهو ما يتطلب موقفاً أمريكياً وأوروبياً أكثر وضوحاً، لأن إسرائيل بدونهما لا تشعر بأي خطر يلزمها أن تقف مع الشرعية الدولية إذا كانت لا توضع أمام المساءلة ثم العقوبات الرادعة، وهذا سبيل الوضوح متى ما أرادت أمريكا وحلفاؤها تحقيق الإرادة الدولية بدون انحياز تام لإسرائيل..

إسرائيل تعرف حاجتها لأمريكا ثم لأوروبا، غير أن التعامل معها بالتسامح واللين حتى في جرائمها الأخيرة في غزة، سهل مهمتها بأن تقول «لا» لأمريكا، ولا تعير الآخرين أي قيمة، معتمدة على رصيدها الداخلي داخل الكونجرس والمنظمات الضاغطة الأخرى، والتي تعتبرها سلاحها ضد أي قوة في البيت الأبيض، لكن مثل هذه التقديرات سقطت مع أكثر من رئيس أمريكي عندما رأى مصلحة بلده أولاً، والرئيس أوباما الذي يقود دبلوماسية معتدلة حتى مع أشد خصومه في إيران وكوريا الشمالية، ويريد تسوية العديد من القضايا مع روسيا والصين، لا يمكنه أن يجمع بين هذه الخطوات، ويترك إسرائيل تقرر ما تريد..

عربياً لا نعول على نتائج سريعة للسلام، لأن أمريكا ظلت تتجاهل الحقوق مع كل قادم للبيت الأبيض، لكن إذا كانت الإدارة الجديدة تشعر أن إسرائيل باتت تعرقل مشاريعها الإستراتيجية، فعليها أن تطرح الخيارات بسلام يقلل أدوار الإرهابيين أو أن تقبل بفتح أبواب الفوضى العارمة في أكثر من بلد، وهو ما سينعكس سلباً على أمريكا وحلفائها..

زر الذهاب إلى الأعلى