آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

مبادرة اليمن قُبرت بتعيين الطالباني عضوا فيها

لم تعرف القمم العربية في تاريخها أنها قد حققت للشعوب العربية ما تصبو إليها ولو في الحدودِ الدُنيا، سيما وأنها قد أصبحت موضع تندر من قبلِ تلك شعوب وبذات الوقت وصل حد الاستهجان بها أنه في المؤتمر الأخير في سرت والرؤساء على طاولةِ المفاوضات ووسائل الإعلام المختلفة تلتقط صوراً لؤلئك الذين اتفقوا على أنْ لا يتفقوا يُصدر الكيان الصهيوني قراراً باستمرار الاستيطاني اليهودي في القدس العربية، ولم تستطع تلك القمة برؤسائها العُتاة إلا الصمت ضعفاً؟!

القادة الكرام وجدوا في مقترحٍ تقدم به الرئيس اليمني (علي عبد الله صالح) المتمحور حول فكرة إنشاء (اتحاد الدول العربية) الذي أثنى عليه الرئيس الليبي (معمر القذافي) ربما ما يُخفف غلواء خلافاتهم، وتنافرهم سيما وأنَّ من الملاحظاتِ المهمة جداً على تلك المؤتمرات ارتفاع وتيرة الخلافات بين الرؤساء الحاضرين في كُل قمة من القمم وربما نقلت وسائل الإعلام بعضاً من تلك الخلافات كنا نتمنى أنْ لا يُشاهدها الملايين على الأقل لكي يحتفظ اؤلئك المتنافرين بماءِ وجوههم أمام شعوبهم كحدٍ أدنى؟

المهم أنَّ مؤتمر القمة العربي وجد في فكرةِ الرئيس اليمني أعلاه ما يستحق الدراسة فخرج بيانه الختامي بتشكيل لجنة خُماسية تتولى دراسة هذا الموضوع من أعضاء تلك اللجنة الرئيس العراقي الأمريكي الجنسية جلال الطلباني، ولكي أكون دقيقاً في هذا الأمر قبل التعليق عليه، فإني سأقتبس من البيان الختامي لمؤتمر القمة ما يتعلق بالموضع الي نحنُ بصددهِ فقط، وهو ما نصهُ :

((نحن قادة الدول العربية المجتمعون في الدورة الثانية والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في مدينة الرباط الأمامي (سرت) بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى في الفترة من 27 إلى 28 مارس (آذار) 2010.

..........................................

ناقشنا المبادرة التي تقدم بها الرئيس على عبد الله صالح رئيس اليمن بشأن إقامة اتحاد الدول العربية، والاقتراحات والأفكار المقدمة من الدول الأعضاء ورؤية الأخ القائد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح العظيم بشان إقامة الاتحاد العربي، وقررنا آلية محددة لمتابعة هذا الموضوع بأبعاده المختلفة وذلك من خلال لجنة خماسية تتكون من الرئيس حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس علي عبد الله صالح وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس جلال طالباني وبمشاركة الأمين العام للجامعة العربية للإشراف على إعداد وثيقة تطوير منظومة العمل العربي المشترك على ان تعرض على الدول الأعضاء تمهيداً لمناقشتها على مستوى وزراء الخارجية قبل العرض على القمة الاستثنائية المقرر عقدها في موعد غايته تشرين الاول (أكتوبر) المقبل 2010 وستقوم هذه اللجنة بالتشاور مع الملوك والأمراء والرؤساء العرب لبلورة مشروع الوثيقة المشار إليها.))(1)

قراءةٍ تحليلية لعضوية رئيس جمهورية العراق المُحتلة في اللجنة آنفة الذكر:

1- أنَّ سيادة الرئيس العراقي لم يحضر مؤتمر القمة العربي أعلاه أساساً، مما أثار حفيظة عدد من الرؤساءِ المُشاركين فيهِ، حيث كان بذات فترة انعقاد المؤتمر في زيارةٍ رسمية مُعلن عنها للجارة الشعوبية إيران يُخطط ويتآمر على ترسيخ تواجدها في العراق، وما تفضيلهُ لإيران على مُشاركتهِ في مؤتمر القمة العربي إلا دليلاً وشاهداً على مستوى عمالتهِ لها، ورغبته في الجنوح بالعراق عن الصف العربي والسعي لتفريسه، وبذات الوقت رسالة شعوبية إيرانية للرؤساء العرب أنَّ القرار العراقي بيدها؟ وأنَّ قرار تعيين حُكامهُ يصدر من تحت عمامة ولي الفقيه في ظل تحالفٍ وتفاهمٍ مُذهلٍ للعقول مع "الشيطان الأكبر" أمريكا؟! وهي في ذلك على ذات منوال رسالة الكيان الصهيوني التي أشرنا إليها آنفاً؟

2- أنَّ سيادة الطالباني يقود أعتى حملةٍ لا وطنية ولا أخلاقية يشهدها تاريخ العراق الحديث والمعاصر في تقسيم وتجزئة العراق يُشاركهُ في هذا الأمر الخطير نظيريه البارزاني وعمار الطبأطبائي ومَنْ هُمْ على شاكلتهم، فكيف يكون عضواً في لجنةٍ تسعى أساساً للم الشمل العربي من هذهِ التجزئة المُصطنعة وتُخفف من غلواء التآمر العربي - العربي؟! وإذا كان اختياره في عضوية اللجنة أعلاه بمثابة رسالة لهُ من المؤتمرِ تؤكد على وحدة الدول العربية والكف عن تجزئتها، فإن مثل هذه الرسالة لا مكان لها لدى مثل تلك النماذج التي يشهد تاريخها على مستوى عمالتها وضحالتها لحد ما دون مستوى الابتذال؟

3- يعلم السادة الرؤساء أنَّ الطالباني مُعيناً من قبل الاحتلال الأمريكي في وظيفة تُسمى رئيس جمهورية العراق لتنفيذ مشروع طائفي وعنصري.. إلخ ليس إلا! فهو لا يملك من سلطة القرار إلا بذاتِ القدر الذي يملكهُ المرضى المٌزمنين المحجور عليهم في مُستشفى الأمراض العقلية والعصبية؟! سيما وأنَّ القرار العراقي يتقاسمهُ السفيرين الأمريكي- والشعوبي الإيراني في بغداد، والطالباني وغيره لا يملكون إلا الامتثال والخضوع والخنوع لحد أحناء الرأس للقدمين؟

4- التأهيل العلمي للرئيس المُعينْ الطالباني لا يختلف عن ذات التحصيل العلمي للمُتسكعين في الأزقة والشوارع والزوايا المظلمة، فهو في ثقافته أقرب إلى الأُمي من أنصاف المُتعلمين، وما يُقال عن سلسلة شهاداته العلمية فهي جميعها مزورة أسوةً بالكثير الكثير ممن جاء بهم الاحتلال الأمريكي والشعوبية الإيرانية، حيث راج في العراق سوق بيع وشراء وتزوير الشهادات العلمية باختصاصات مختلفة، أما عن مستوى تفكيرهِ ولا نقول رؤاه الإستراتيجية في قيادة الدولة فهذه طامةُ كُبرى، فمستوى ذلك دون الحضيض والمُشتكى لله تعالى، فبماذا سيرفد اللجنة من أفكار؟ وإن قُلنا بأنَّ له مُستشارين، فنقول نعم ولكن مَنْ هُمْ؟ إنهم على ذات شاكلتهِ وثقافتهِ.. إلخ جاء بهم الاحتلال الأمريكي والشعوبية الإيرانية لوضع إملاءاتهم موضع التطبيق؟

5- أنَّ السادة الرؤساء العرب على علمٍ تام بالمستوى الهزيل لشخصية الطالباني منذُ نشأتهِ، فهم على علمٍ كيف كان ولا يزال عميلاً أجيراً لعدة أجهزة أمنية بوقت واحد فهو مع للموساد وCIA والمخابرات البريطانية، والمخابرات (اطلاعات) الإيرانية، والمخابرات التركية والفرنسية... إلخ حيث القائمة تطول وجميع هذه الأجهزة وغيرها تتناقل/تتداول معلوماته في إطار التعاون المخابراتي بينها... ثم كم هو هزيل أيضاً في حديثه حيث يصلح لأن يكون مُتحدثاً فُكاهياً في الزواية المُظلمة الرخيصة حيث هناك مَنْ يفهمُ لُغتهُ ويعرف كيف يُجيبهُ؟! ولا أُريد النيل من شخصيته ولكنه ما ذكرته لا يُمثل سوى نقطة في بحرٍ من جوانب شخصيتهِ الهزيلة؟ أما إذا أردتُ أنْ استرسل في ما هي عليهِ شخصيته قبل وبعد تناولهِ المشروبات الكحولية بمُعدل يكاد يكون يومياً؟! فتلك مسألةٌ أخرى نسمو عليها ويكفي للتدليل على صحتها أنه عميلُ بكُل ما تحمل هذه الكلمة من أبعادٍ وشمولية للاحتلال الأمريكي والشعوبية الإيرانية قاد ويقود العراق إلى قاع الهاوية؟ فالرجال ذوي المنبت الحسن، والنشأة العلمية، وأصحاب الأصول العريقة... إلخ يقودون بلادهم دائماً إلى ذات ما قاد إليه الرجل النموذج كونياً الرئيس (مهاتير محمد) ماليزيا من دولةٍ متخلفة إلى دولةٍ تصول وتجول كونياً بصناعتها، واقتصادها، ووحدة أراضيها، وتآخي وانسجام مكوناتها العرقية.. إلخ.

يا قادة العرب ماذا وجدتم في الطالباني ليكون عضواً في لجنةٍ خُماسية تدرس، وتنظرُ لأفكارٍ تجمع شمل العرب؟

يا قادة العرب وكأنكم بدلاً من أنْ ترفضوا تلك الفكرة اليمنية وافقتم عليها وبذات الوقت قبرتموها من خلال تعيينكم الطالباني عضواً فيها؟

زر الذهاب إلى الأعلى