الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي فيما إذا حدث لإيران فرض عين.. وفي العراق تحالف ومهادنةٌ إيرانية مع الاحتلال الأمريكي على استباحة الإسلامِ والمُسلمين...؟!
لم تتبصر المؤسسة الدينية الإيرانية وامتداداتها الأخطبوطية في البلاد الإسلامية والأوربية التي فيها جالياتٌ إسلامية في تاريخِها الحديث والمُعاصر، من حيث السعي الجاد عقيدياً في ترصينِ وتوثيق وحدة الإسلام والمُسلمين، واللمحات المُشرقة التي ظهرت فيها على الضدِ من ذلك من قبلِ عددٍ من رجالاتها تم احتواءهم بسرعة مُتناهية بين اغتيال بطرق غامضة وقيد الفاعل ضد مجهول، وبين تهميشٍ قائم على توجيه اتهاماتٍ باطلة، وبين تهديد خفي بالكف عن السير في مسارات وحدة الإسلام والمُسلمين، و...إلخ،
ويأتي عدم التبصر هذا مُتمثلاً بعدد من الأركان التي أرتكز عليهم مذهبهم الأثني عشري الموضوع والمُختلق من قبل عدد من فقهائهم بعد أنْ حوروا العديد من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة وفسروها بما يُحقق أهدافهم المذهبية ليس إلا؟!
مثل ما ورد آنفاً وغيرُهُ الذي يملء مُجلدات ليس اتهاماً، أو افتراءاً، أو...إلخ من قبلنا على ذلك المذهب المُختلق، ولا على مُقلديه ِالذين يتسمون على الأعم بنسبة عالية من الجهل في أمور مذهبهم والاندفاع غير المحسوب في التعصُبِ لهُ سيما وأنَّ فقهائهم أبدعوا بلا حدود في آلية التحكم بعواطفهم عبر التحوير والتفسير سواء في مؤلفاتهم أو في خطبهم الحوزوية الذين أشرنا إليهما آنفاً، ومن أدلتنا وشواهدنا التي تؤيد ذلك اذكر شاهداً، ودليلاً واحداً من جملة شواهد وأدلة لعدم الإطالة والتشعب بما يُخرجني عن عنوان ما أنا قيدُ البحث فيه.
ما سأذكره يُمثل ازدواجية ممقوتة دينياً، وتُعدُ بذات الوقت غير شرعية، وقبل أنْ أذكرُ أدلتي/رؤيتي في مثلِ هذا الحُكم لنقرأ أولاً الشاهد والدليل اللذان استندت إليه:
في خُطبة الجمعة التي ألقاها سماحة آية الله العظمى جنتي في مُصلى جامعة طهران (13/11/2009) التي تُعدُ خُطبةً رسميةً على مستوى الحكومة والمؤسسة الدينية الإيرانية وما يرد في مضمُونِها يُعبرُ عن رؤيتِهما الرسمية أيضاً، تناول فيها أحداثاً عده بازدواجيةٍ لا شرعية وفق رؤية سياسية- دينية قلقة لا تتصف بالتوازن في الرؤية الدينية الواجب أنْ يتحلى بها رجل الدين سيما إنْ كان بدرجة/رتبة آية الله العظمى؟! أنتقي منها في هذه المقالة حدثاً واحداً هو: ما يجب فعلهُ من قبل الشعب الإيراني فيما لو احتُلتْ إيران من قبلِ الولايات المتحدة الأمريكية؟!
وقبل أنْ أتناول هذا الحدث بالتحليل أجدُ من الضروري أولاً أنْ يقرأ القارئ الكريم نص ما ورد بخصوصه على لسان سماحتهِ في خُطبته الجمعوية الثانية:
((.. وأشار جنتي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أمها بحشود المصلين المؤمنين في باحة جامعة طهران.. وأعرب عن استغرابه حيال الذين لا يدركون الحقيقة أو يدركونها و لكنهم يتغافلون عنها وقال : ما معنى أن يرصد الكونغرس الأمريكي 55 مليون دولار لمعاداة الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ وتابع قائلاً : هؤلاء مخطئون جدا ومن ينتهج طريق المواجهة مع إيران عليه أن يتحمل تبعاتها و يعاقب عليها.
وصرح قائلا*: إن حدثت حرب فيجب محاربتهم والاستسلام مخالف للتكليف الشرعي وخيانة بحق الناس.. وأشار إلى حكومة الإمام علي عليه السلام وقال: حين بايعه الناس وأقام الحكومة الإلهية لم يقدم أية تنازلات لأي احد وتصدى لهم بالسيف. وتابع : لو كان الإمام علي عليه السلام يريد اقتسام السلطة مع الذين لم يصوت لهم الناس لكان ذلك بمثابة خيانة للناس؟..))*.
القراءة التحليلية للازدواجية اللا شرعية التي وردت في خطبة سماحة آية الله جنتي
تعال معي يا سماحة جنتي وأنت ومُقلديك، ومُقلدي مذهبك بكلِ هدوء وروية... اللهم اشهد لن يكون في تحليلي شُبهةَ تعصُبْ كما ورد في خُطبتك... اللهم اشهد لن يكون في تحليلي عاطفة تتحكم فيما أكتُب كما تحكمت بك عاطفتُك وأنتَ تلقي خُطبتك المذهبية... اللهم اشهد لنْ أخرُجَ عن مساراتِ الحق والعدل القائمين على الحُجةِ والدليل كما خرجت أنتَ وابتعدت عن الحقِ وقادتك مذهبيتُك فيما لا يجب أنْ تنقاد إليهِ...؟! لا أودُ الإطالة أكثر لكي لا أخرج ما أنا أبحث فيهِ، وتسلسل قراءتي التحليلية وفق الآتي:
1- اذهب معك في مصداقية ِما قلته في عبارةٍ واحدةٍ فقط أُكُررها للضرورة التحليلية: وهي بالذات: ((.. لم يقدم أية تنازلات لأي احد و تصدى لهم بالسيف..؟!)).
وأوجه لك ولنظرائك مَنْ هم على شاكلتك في ذاتِ الدرجة/الرتبة الدينية، ثم نزولاً عند حجة الإسلام والمسلمين، ثم نزولاً عند مقلديكم، وأسئلكم الأسئلة التالية:
لمّا كان الخليفة علي بن أبي طالب قد حاربَ مُعارضيه بشجاعةٍ تفوقُ شجاعة الشجعان لأنه يعلم ونحنُ نعلم أنه على حق؟ لماذا أنتم صامتون على الاحتلالِ الأمريكي للعراق؟ وتعلمون شرعاً أنَّ قتالهم "فرضُ عينٍ على كُلِ مُسلمٍ ومُسلمة".... ثم لمّا كُنتمْ تتحدثون عن شجاعة الخليفة علي فأليس من الأولى بكم وفق تعبيركم الحوزوي أنْ تقتدوا بتلك الشجاعة، بإصدار فتوى صريحة بقتال الكفار المُحتلين للعراق..؟!
هل يجوز لكم أنْ تتحدثوا عن الخليفة علي ولا أدخل في تفاصيل كيف منحتموهُ صفة الإلوهية دون خوفٍ من اللهِ جلال جلاله وأنتُم غير قادرين على الاقتداءِ بشجاعتهِ؟ فهل أنتم تُتاجرون بها؟ أمْ أنكم تخدعون أنفُسكم ومعكم مُقلديكم؟
مضى على الاحتلال الأمريكي للعراق الذي بدأ سنة 2003 ونحن الآن في عام 2010 سبع سنين عِجاف سال فيها دمُ العراقيين نُهراناً...إلخ؟! ولا نعلم متى سينتهي بأمر الله تعالى؟! وأنتم صامتون لا بل عقدتم كمؤسسةٍ دينية مذهبيةٍ طائفية، وحكومتكم القابعةُ في طهران التي سيّست الدين مذهبياً وطائفياً تحالفاً علنياً مع الاحتلال الأمريكي في العراق وأنتَ تعلمُ ذلك يا سماحة جنتي بالتفاصيل لأنك طرفاً فاعلاً ومؤثراً فيه.
2- ثم تقول في خطبك التي تسميها أنت ومؤسستك الدينية ب"الخطبة العبادية السياسية" ما نصهُ وأكررها للضرُورة: [إن حدثت حرب فيجب محاربتهم والاستسلام مخالف للتكليف الشرعي وخيانة بحق الناس؟!] ولأُعطي القارئ الكريم ما يقصدهُ سماحتهُ بالذات : أنه إذا حدث احتلال أمريكي لإيران فعندئذٍ يجب مُحاربتهم من قبل الشعب الإيراني...إلخ؟!
وأعودُ لمُسائلتك يا سماحة جنتي ومؤسستك الدينية وحكومتك:
* الاحتلال الأمريكي للعراق هل يجوز قتالهُ/محاربتهُ/مقاومتهُ/الجهادُ ضِدهُ؟
إذا كانت إجابتك بنعم... فأين فتواك ونظرائك بهذا الشأن؟
وإذا كانت إجابتك بلا... فلماذا؟ وما هو دليلك من القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة.؟
* الميلشيات الإيرانية (ميليشيا بدر، وميلشيا جيش المهدي، وفرقة الرداء الأسود ضمن فيلق بدر لقتل النخبة المثقفة العراقية...إلخ، وبيشمركة الأكراد الانفصالية؟) وأنتَ تعلمُ بها جميعاً! وتعلمُ بما لا نعرفُهُ عنها وعن نظيراتها ومُخططاتها وأهدافها ومُعسكراتها في إيران؟ ولا يخفى علينا علاقتك الوثيقة والمُؤثرة مع قادتها! قد استباحت قتل أبناء العراق؟ وهي إفرازات الاحتلال الأمريكي للعراق، وعملياتها اللا شرعية كافة ضد المواطنين العراقيين تحت علم السفيرين الأمريكي والإيراني المُتحالفين في بغداد المُحتلة؟:
هل يجوز مُحاربتُها/قتالُها/مقاومتُها/الجهادُ ضِدها؟
إذا كانت إجابتك بنعم... فأين فتواك ونظرائك بهذا الشأن؟
وإذا كانت إجابتك بلا... فلماذا؟ وما هو دليلك من القرآن الكريم والسنة النبوية الطاهرة.؟
إذا أردت القول أو الإجابة أنَّ الفتوى الخاصة بما ورد آنفاً أي ما يتعلق بجهاد الاحتلال الأمريكي للعراق، وميلشياتكم الإيرانية التي تعبث بأرواح المُسلمين وغيرُهم من أهلِ العراق، ليست من شأنكم، ولستم معنيين بها، وليس من اختصاصكم...إلخ، فهاهُنا عندئذٍ الحقائق ستبدو واضحة، ف:
• إمّا أنتَ يا سماحة جنتي لا تستحق درجة آية الله العظمى! لأنك بهذه الدرجة تكمنُ مُهمتك الكُبرى السعي بنيةٍ صادقة للعمل من اجلِ وحدة الإسلام والمسلمين بغض النظر عن مذاهبهم، وهذا أنتَ ما ليس بقادرٍ عليهِ! لأن الأُسس التي يرتكز عليهِا مذهبك هي أُسسٌ طائفيةٌ/مذهبيةٌ والأدلة على ذلك لا تُعد ولا تُحصى، وإنْ أرادها أياً من القراء الكرام فسأنشرها من مصادرها الإمامية الأُم.
• أو أنك تتملصُ من مُهمتك الدينية التي تفرضها عليها درجتك تلك التي لا نعلمُ مَنْ منحك إياها؟ وبالتالي فإنك أيضاً لا تستحقُها!
• وإنْ قُلتَ أنَّ الموضوع الفتوتين أعلاه من مهمة رجال الدين في العراق، فهذا هو استكمال للتملص أعلاه، وكلاماً لا يتصفُ بالدقةِ، لأنَّ مَنْ تقصدهم هُمْ تحت إمرتك بالذات؟ وتحت إمرة المؤسسة الدينية والحكومة في طهران، وما هُمْ إلا إمتداداً لهما؟! وإنْ كُنتَ تقصد سماحة آية الله العظمى السيستاني فالرجل أمره بيدكم وكذلك أبنه (محمد رضا) وقد كتبنا مقالاً رائعاً بذلك.
لا أودُ الاسترسال أكثر، والسبب أنَّ تلك الفتوتين إن تجرأت أنت ونظرائك على الإعلان عنها فإن الاحتلال الأمريكي وإفرازاتهُ تلك إلى زوالٍ حتماً بعون الله تعالى.
• التملص من كُلِ ما ورد أعلاه وغيرُهُ ألأكثر أتدري ما هي عقوبتهُ عند الله جلا جلالهُ يا سماحة جنتي؟! سأذكرها لك ولنظرائك لربما تستغفلونها كما استغفلتم قتلكم للمُسلمين في العراق واليمن، واحتلالكم للأحواز والمحمرة وعبادان واستباحتكم لأهلها، واحتلاكم للجزر العربية الثلاث العائدة لدولة الإمارات العربية، واستباحتكم لمذهب أهل السنة والجماعة في بلدكم إيران، وسعيكم لتصدير ما أسميتموه تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية...إلخ والقائمة تطول، سأذكرك مما ورد من روايات من ذات مذهبك، وعلى لسان الكريم ابن الكرام الإمام جعفر بن محمد المُلقب بالصادق(عليه السلام) بعقوبة مَنْ يتحالف مع الكفر/الأمريكان على المُسلمين في العراق وغيرهِ: (من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله). وقال (عليه السلام): (يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بدمه، فيقول: يا عبد الله مالك ولي؟ فيقول: أعنت علي يوم كذا وكذا بكلمة فقتلت).
هل الكلام آنف الذكر صحيحاً أم لا؟ ربما لا تستطيع أنْ تقول أنه غير صحيح! ولكن تستطيع أنْ تُفسرهُ وفق أهداف مؤسستكم الدينية الإيرانية الطائفية وتتملص منهُ سهولة ويسر؟!
ولكن هل تستطيع أنْ تتملص من يوم الحساب، يوم العرض على الله جلا جلالهُ؟ وهو جلا جلاله الذي {يعرف خائنة الأعين وما تخفي الصدور}
3- أختم الموضوع بالقول: بالله عليك يا سماحة جنتي... في أي آيةٍ قرآنيةٍ قرأتها، أو حديثٍ نبوي طالعتَهُ يقولُ أنَّ مُحاربة الكفر الأمريكي وغيره في إيران فرض عين، وفي العراقِ وغيرهِ من البلاد الإسلامية تهادنونه، وتحالفونه، وتمكنُونه من قتل المسلمين العزل الأبرياء دون أنْ يرف لكم جفن؟ ودون أنْ تهتز لكم شعرة واحدة من شعرات لحيتكم؟ وأنت تعلم أنَّ القتل في العراق برمته أنتم في إيران وراءهُ؟ هل ستنكر ذلك يا سماحة آية الله العظمى جنتي؟ اللهم اشهد نعم ستنكر ذلك؟ أتدري لماذا تنكر ذلك؟ لأن مذهبك الذي أنت عليه قد استباح قتل المسلمين من غير مذهبك مَنْ أطلقتم عليهم ب"النواصب" ولا أُريد الإطالة أكثر لأنه كان بودي أنْ أذكر لك وللقراء العشرات من الروايات التي جاءت بكتب مذهبكم الإمامي الاثني عشري تُحلل/تستبيح قتل "النواصب" بشكلٍ خاص ومَنْ هم على غير ذلك المذهب بشكلٍ عام؟ اللهم اشهد أنك ونظرائك أينما كنتم وستكونوا فأنتم مع الاحتلال الأمريكي على قتل العراقيين في العراق؟ وإذا نكرت أو تملصت من ذلك: فاصدر فتوى صريحة تُجيز فيها قتال المحتلين والميلشيات كما أجزتها فيما لو كان الاحتلال لإيران؟ وسنرى كيف أنكم غير قادرون على ذلك؟
* كاتب وباحث عربي
*المقصود: أن سماحة آية الله العظمى جنتي هو الذي صرح.
*أنظر الموقع الإلكتروني لصحيفة الوفاق الإيرانية الصادرة باللغة العربية www.al-vefagh.com، العدد 3490 الصادر بتاريخ 14 ت2/نوفمبر 2009، کد خبر : 14330: خطيب جمعة طهران : من ينتهج طريق المواجهة مع إيران عليه أن يتحمل تبعاتها و يعاقب عليها، ص 2.