تصديق الرئيس أوباما وموافقته على توسيع عمليات القوات الخاصة على يد البنتاجون الأمريكية، وهو الأمر الذي لم يكن يوافق عليه أحد بخلاف دونالد رامسفيلد يبين أن أوباما قبل أي شيء هو شخص واقعي وبراجماتي
لقد أدى بالفعل ما يمكن وصفه "بالمزيد من تورط العسكرية الأمريكية" في العمليات الخاصة إلى المزيد من التذمر والسخط واللذين بإمكانهما أن يعقدا أكثر من العلاقات التي تربط بين أمريكا وحلفائها التقليديين في منطقة الشرق الأوسط. بل وربما يمكن أن يؤدي هذا إلى خسارة الجنود الأمريكان ممن هم في الأسر الحماية التي توفرها لهم معاهدة جنيف. وقبل أي شيء آخر يلقي هذا "التورط" الأكبر للعسكرية الأمريكية في العمليات الخاصة وعندما يتعلق الأمر بقضايا الإرهاب والأمن القومي الأمريكي يلقي الضوء على كيف أن الرئيس باراك أوباما يسير غالبا بشكل خارق للطبيعة في ذلك، على خطى الرئيس السابق جورج دبليو بوش. فلقد تمكن بوش من تنفيذ خطة زيادة أعداد القوات في العراق في العام 2007. وبعد ذلك بعامين، فعل أوباما نفس الشيء، بعدما واجه في أفغانستان معضلة مشابهة لتلك التي واجهها بوش في العراق، وزاد بسببها من أعداد القوات هناك.
لكن الرئيس أوباما وصل إلى البيت الأبيض واعدا بالحديث مع إيران. رغم هذا، هو الآن يتبنى ذلك الخليط القديم ماركة بوش من العقوبات والتهديد بالتحرك العسكري ضد إيران لو فشلت كل الجهود الأخرى. وفي أفغانستان، وفي باكستان، وفي اليمن، أصدر الرئيس أوباما أوامره بزيادة استخدام تلك الهجمات بالطائرات من دون طيار المثيرة للكثير من الجدل في مهاجمة أهداف إرهابية، ومؤخرا خول وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اغتيال الزعيم الديني المسلم المولود في أمريكا أنور العولكي.
بل حتى اللغة التي يتحدث بها أوباما فيما يخص قضايا الإرهاب والأمن القومي الأمريكي بها الكثير من أوجه الشبه مع مثيلتها عند بوش. فلقد عرف بوش بإدانته الشهيرة لـ"محاور الشر". وفي خطاب قبوله جائزة نوبل في السلام في نسختها الأخيرة، تحدث أوباما عن وجود "الشر في العالم". والآن يأتي تصديق الرئيس أوباما وموافقته على توسيع عمليات القوات الخاصة على يد البنتاجون الأمريكية، وهو الأمر الذي لم يكن يوافق عليه أحد بخلاف دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي السابق، والذي كان ذات يوم "فزاعة" كل الديمقراطيين. وكل ذلك يبين أن أوباما قبل أي شيء هو شخص واقعي وبراجماتي.
ورئيس وصل إلى سدة الحكم واعدا بأن يعمل وفق الأعراف والمعايير الدولية من المؤكد أنه كان سيفضل تجنب أن يخطو خطوة سيربطها منتقدوه حتما بذلك النهج الآحادي المتعالي الذي نهجه بوش ورامسفيلد وتشيني. لكن الواقع سار بأوباما عكس ذلك، عكس ما كان يفضل. فعلى الصعيد السياسي يجب أن يكون أوباما في نظر الأمريكان ذلك الشخص الصارم عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي الأمريكي. ولو أن هناك منتقدين كثر لوكالة الاستخبارات المركزية، لا أحد يشكك في جودة العسكرية الأمريكية.