حتى الرئيس علي عبدالله صالح نفسه قد لا يكون مدركاً هو الآخر الآثار السلبية المتشعبة عن كونه مطالبا بمغادرة الكرسي، بناء على ما ألزم نفسه به، واتفقت عليه القوى السياسية، وصوت عليه نواب الشعب من تحديد فترة الرئاسة.
بإمكان الأوضاع في اليمن أن تكون بصورة أفضل بكثير مما هي عليه الآن، إذا حسم اليمنيون قلق الرئاسة وساعدوا الرئيس في أن يقودهم لمعركة البناء غير خائف من الاستحقاق الديمقراطي الذي يترصده خلف النافذة..
لماذا لا نكون شجعاناً في طرح المبادرات التي من شأنها تفعيل كفاءة الرئيس في حل الأزمات الراهنة، ذلك أن الرجل لا يزال في ريعان نشاطه.. وبقاءه خارج نطاق اللوائح الدستورية، هو اضطرار يعد محصلة طبيعية لمجموع الأزمات الرابضة في الواقع اليمني، إذ ليس من المعقول انتقال السلطة في واقع كهذا..
بالتالي تصبح الأزمات وحدها هي السبب في بقاء الرئيس، ويظل الرئيس بطبيعة الحال هو اللاعب الأقوى في إبقاء أو إنهاء هذه الأزمات.. إذن فالمطلوب من اليمنيين اليوم ممثلين بقواهم السياسية وشرائحهم الاجتماعية أن يصلوا إلى واقع خالية من الأزمات والمخاطر..
أن نمدد للرئيس المؤسس إلى نهاية العمر، كحالة استثنائية باعتباره رئيساً مؤسساً لهذه الدولة أهون بكثير من أن نترك هذه الأزمات تفتك بنا، وبالرئيس..
غير مقبول البتة، أن تظل حركة الشعب متوقفة بسبب أزمات مستجدة، كالحوثي، والقاعدة، والحراك، وغير منطقي أن نستهين بقدرة الرئيس على اختراع موجبات بقائه، سواء عمل ذلك بقصد أم بدون قصد، وإن كانت هذه الموجبات أزمات تدمي مدامع الوطن..
وحينما نساعد الرئيس على حسم هذا القلق وإنهائه بإعطائه ميزة استثنائية باعتباره الرئيس المؤسس للجمهورية اليمنية فإنه سيكرس جهده لمعركة البناء، وليس لمعركة، إطالة أمد المخاطر..
وفي تقديري أن الرئيس صالح، حالذاك، سيقوم مثلاً بحسم ملف الحوثي وبكفاءة مذهلة، سواء سياسياً أو عسكرياً، وفي حال رفض الحوثيون سياسياً التنازل السلمي عن كونهم جماعة مسلحة، فإن الحل العسكري يظل المتاح الوحيد والسهل أمام أي رئيس مطمئن على مقعده.
ومباشرة، عند حسم ملف صعدة سيهدأ ملف الانفصال في الجنوب، إذ لم يتجرأ الانفصال والتخريب، إلا حينما وجد كيفية تعامل الدولة في صعدة، وبالتالي فإن صعدة هي مفتاح الوحدة ومفتاح الانفصال..
أما بالنسبة لملف القاعدة فالأداء الحكومي فيه سيزداد كفائه بمجرد الانتهاء من همّ الحوثي، وهمّ الحراك، إذ سيتركز جهد الدولة باتجاه القاعدة، ومن ثم عملية البناء..
سيقول البعض، بأن هذا انقلاب على الديمقراطية، وتأسيس لنموذج جمهوري وراثي.. أقول، إن إلزام الرئيس بمغادرة الكرسي، وهو لم يزل في أوج نشاطه، وفي ظل هذه الظروف، فإن ذلك هو البيئة الأدعى والأنسب للتوريث وليس العكس.. وهي حقيقة مكثفة ينبغي الوقوف إزائها ملياً..
العليمي حبطرش الرئيس:
لا يكاد يخلو ملف من الملفات الساخنة والبارزة من اسم اللواء رشاد العليمي، تجده في لجنة السيول، لجنة صعدة، لجنة حمى الضنك، لجنة بني ضبيان.. بطريقة تشتته وتحد من فعاليته في كل هذه اللجان.. ومن غير المعقول أن ثمة شخص في الدولة يفهم في كل شيء، وليس لائقاً بالعليمي ذاته أن ينتقل إلى لجنة جديدة وملف جديد، دون أن يكون قد قام بتسليم عهدة الملف القديم..
الشاهد في ذكر ما سبق، هو ما الداعي لوجود العليمي في لجنة حوار المؤتمر والمشترك.. دعوا الرجل باعتباره نائباً لرئيس الوزراء للأمن والدفاع.. دعوه يتفرغ للملفات الأمنية الشائكة واعطوا الخبز لخبازه، والمؤتمر ليس عقيماً بل أن فيه الكثير من الكوادر التي تبحث لها عن دور لتنجح فيه.. ثم إن أداء العليمي في هذه اللجنة حتى الآن يشير بأنه يضر الحوار ولا ينفع المؤتمر.