آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

"الإستاذ" هيكل يدخل مرحلة الزهايمر

بمناسبة عيد الفطر الماضى وصلتنى رسالة طريفة على الموبايل تقول: "بمناسبة نهاية شهر رمضان الكريم نهنئكم بعيد الأضحى المبارك!!
التوقيع: الجمعية المصرية لأطباء الزهايمر"!!

ويبدو أن مرض الزهايمر (مرض فقدان الذاكرة لكبار السن) إنتشر بشكل وبائى وخاصة في أوساط بعض "كبار" الصحفيين سنا، فهاهو "الإستاذ" هيكل (شيخ مشايخ الطرق الناصرية الهيكلية) يطل علينا مساء كل خميس في قناة لهلوبة الفضائية يؤلف تاريخا جديدا لمصر والمنطقة، وكانت آخر تخاريفة الزهايمرية هو التلميح أقرب إلى التصريح بأن السادات ربما وضع السم في فنجان قهوة لعبد الناصر قبل وفاته بأيام.

ولقراءة نص ماقاله يمكنك الضغط هنا

وقال هيكل بالحرف الواحد إن «هناك شكوكا اتجهت نحو الرئيس السادات إلا أن ذلك غير مقبول، ومن يدعون ذلك يستدلون في ادعائهم بمشهد أنا كنت أحد حضوره، وهو مشهد جرى في هيلتون قبل الوفاة بثلاثة أيام».

وأضاف هيكل أن أنور السادات كان موجودا أثناء هذه المناقشات ولاحظ انفعال عبدالناصر أثناء حديثه مع عرفات فعرض عليه أمامى أن يحضر إليه فنجان قهوة لتهدئة أعصابه، فذهب إلى المطبخ الصغير التابع للجناح بالفندق وأخرج محمد داود المرافق لعبدالناصر والقائم على خدمته وقام السادات بإعداد فنجان القهوة وقدمه لعبدالناصر وعبدالناصر شربه، فيجب ألا يتهم السادات بوضع السم في القهوة بهذه البساطة لأن هناك أسبابا إنسانية وأخلاقية وعاطفية وعملية تجعل من المستحيل تصديق هذا الاتهام.

ونتيجة لما قاله هيكل في تلك الحلقة ومحاولته لنفى تهمة قتل عبد الناصرالعمد عن السادات، وهى تهمة لم نسمع بها من قبل، قامت إبنة السادات بإبلاغ النائب العام في مصر ضد ما قاله هيكل. ولى عدة ملاحظات على ما قاله هيكل في تلك الحلقة وغيرها من الحلقات:

(1) هيكل غالبا ما يستشهد بالأموات، فحادثة فندق الهيلتون فإن الحضور قد ماتوا جميعا (عبد الناصر، السادات، عرفات وحسين) وبقى هيكل.

(2) لماذا سكت هيكل 40 سنة بالتمام والكمال لكى يذكرنا بهذا الإتهام الخطير؟

(3) وماهو هذا السم الذى يمكث في المعدة ثلاثة أيام قبل أن يأتى مفعوله؟ وهل السادات كان ماشى وفى جيبه هذا السم على سبيل الإحتياط؟ مين عارف حنحتاج نسمم مين النهاردة؟ ما حدش ضامن!!

(4) هل من المعقول أن يقوم نائب رئيس مصر (فى وجود طباخ وفراش الرئيس عبد الناصر وخدمة غرف فندق الهيلتون) بالقيام بمهام القهوجى في حضرة الرئيس عرفات والملك حسين، وإن كان ولا بد ألم يكن من الأنسب أن يقوم بدور القهوجى "الإستاذ" هيكل نفسه بإعتباره أقل الموجودين منصبا؟ أم أن على رأسه ريشة يعنى؟ وكيف يضمن أن يقدم القهوة لقائد الأمة العربية شخص آخر غير هيكل نفسه بإعتباره الحريص الأول على قيادة الأمة العربية؟ وما قد يعنيه فنجان قهوة مثل هذا في تاريخ إمتنا العربية المجيدة!

(5) إذا كان هيكل يعتقد حقا كما قال بالحرف الواحد: " بأن هناك أسبابا إنسانية وأخلاقية وعاطفية وعملية تجعل من المستحيل تصديق هذا الاتهام"، فلماذا يثير الآن هذا الإتهام الخطير والمستحيل؟ إلا إذا كان يريد إحداث بلبلة وعلى رأى المثل : "مافيش دخان من غير نار"؟؟

(6) هل مازال هيكل يعيش في أوهام الستينييات والتى رضعنا حليبها وغنيناها أغان بلا حقيقة على أرض الواقع هل يريد هيكل أن يعيدنا إلى أيام :"تماثيل رخام ع الترعة وأوبرا" والتى مات مطربها عبد الحليم حافظ متأثرا بأصابته بمرض البلهارسيا عندما كان يستحم في نفس الترعة التى لم تر أى تماثيل رخام أو أوبرا أو حتى عمود كهرباء!

(7) هيكل بالنسبة لعبد الناصر كان وزير الدعاية مثلما كان جوزيف جوبلز بالنسبة لهتلر، وجوبلز له كلمة "حكيمة" تقول:" الدعاية الجيدة أن تكذب وتكذب حتى يصدقك الناس، ولكن الدعاية العبقرية أن تكذب وتكذب حتى تصدق نفسك"، وكما يبدو أن كلا من عبد الناصر وهيكل صدقا أنفسهما حقا، ولكن الفرق هو أن جوبلز وهتلر كان عندهما دم فإنتحرا بعد الهزيمة!

(8) هدف هيكل الرئيسى في برنامجة الإسبوعى ليس فقط تبرئة عبد الناصر من جريمة هزيمة 1967 ولكن أيضا إعطاؤه الفضل الأكبر في نصر 1973، ولم ينقص هيكل إلا أن يقول أن عبد الناصر بنفسه كان في مقدمة القوات التى عبرت قناة السويس! وهيكل بنرجسيته المعروفة لم يكن حقا يريد تبرئة عبد الناصر ولكن كان يريد تبرئة نفسه لأنه كان المنظر والمفكر وراء عبد الناصر، لذا فإن أى تبرئة لبعد الناصر هى تبرئة لهيكل.

(9) المستندات الرسمية التى كان هيكل يبرزها في تلك الحلقات التليفزيونية وفى بعض كتبه، من أين حصل عليها؟ أليست تلك المستندات تعتبر ملكا للدولة المصرية، وقد يكون بعضها من المستندات السرية؟ وعلى حد علمى لم يكن لهيكل في عهد عبد الناصر أى منصب حكومى، فمن أين له بتلك المستندات؟ وحتى إن كانت في حوزته لعلاقته الشخصية بعبد الناصر، ألم يكن من الأصوب تسليم تلك المستندات إلى رئاسة الجمهورية أو إلى جهات الإختصاص؟ اللهم إلا إذا كانت تلك المستندات مضروبة!!

(10) أطال الله عمر "الإستاذ" هيكل، أقول له إنظر حولك يا "إستاذ" لم تعد الكاتب الأوحد كما كنت ولم نعد (بصراحة) ننتظر مقالاتك كل يوم جمعة ولم تعد الأهرام الجريدة المفضلة لدى الناس، ولم تعد الحامل الأوحد لأسرار الكون، ولكن الإستاذ هيكل مازال يغنى الأغنية القديمة :"أنا زى ما أنا" ... ولكن لا يدرك أن الدنيا بتتغير.

زر الذهاب إلى الأعلى