"لو تشوفو ناس عدن البسطاء.. فرحين بخليجي 20.. نسوا همومهم والغلاء وعاملين جلسات فيها الأغاني والأشعار لمنتخبنا لدرجة توقفوا عن تناول القات لشراء تذاكر المباريات.. منظرهم يشرح القلب، وياريت تكتمل فرحتنا بالفوز بالكأس..آمين"..
هذا تماماً نص رسالة وصلت صديقاً يمنياً من ذويه القاطنين في بلدهم ينقلون له انعكاسات تنظيم اليمن لدورة كأس الخليج العربي المقبلة على البسطاء والمهمشين.
وبعد تلك الرسالة بساعات جاءت أخرى مفعمة بالحماسة تقول "اليمن تهزم السنغال بأربعة أهداف لهدف في افتتاح استاد عدن!!" مع تركيز واضح على إشارة التعجب في نهاية الرسالة.
إنه حلم شعب وتطلع إلى حدث قد يكون الأبرز في بلد تناولته الحروب والمشكلات تمزيقاً ونهشاً وحزناً، فبات يتوق إلى موسم فرح قد يأتي مع بطولة تكبر مساحتها على إطار التنافس، وتقدم شهادة تضامن وتعاضد وحب سينمو مع تقدم أيامها وسيبلغ الذورة مع افتتاح الدورة وتوالي مبارياتها.
والتضامن المقصود هو ذاك الذي يرفض الخنوع للتهديد، ويأبى أن يحرم تنظيم له أجندته وبرنامجه التخريبي شعباً بأكمله من فرح تأتي به كرة القدم فتمسح به الأحزان، وتؤجل الشكوى، وتترك فسحة ليقدم اليمني كما فعل على الدوام نفسه لبقية أشقائه متفائلاً متعاوناً ينبذ العنف ويتوق للسلام، وليمد هؤلاء الأشقاء اليد لليمني البسيط فيلعبون على أرضه في تحد سيجبر المخربين على الانزواء في الظلمة.
وتحمل الرسالة في ثناياها تأكيداً على تغير إيجابي في سلوك اليمني البسيط، وهي تشير إلى أن البسطاء "توقفوا عن تناول القات لشراء تذاكر المباريات"، وهو التغيير الذي تستهدفه مثل هذه الأحداث الكبيرة، وهو الذي لا يجعل من "خليجي 20" فرصة فقط للاحتفال الرسمي والإعلامي، بل سيجعلها مناسبة لتحقيق أهداف التنمية التي تستهدفها كرة القدم وتنظيماتها، فتنعش الاقتصاد، وتدعم قطاعات السياحة والفنادق والمطاعم والطيران، وتحقق عوائد من النقل التلفزيوني، وتقدم قبل هذا وبعده صورة جميلة للبلد تختلف عن تلك التي تأثرت بتفجير هنا، وصراع هناك، وتشيع أجواء التفاؤل بدل أجواء الترقب والخوف، وتنثر أهازيج الاحتفال بدل أصوات القنابل..
تلك باختصار حكاية الهدف من خليجي 20، وذاك في كلمات ما يعتزم الخليجيون أن يقدموه لدولة جارة طحنتها الصراعات والتمزق، وآن لشعبها أن يستعيد بعضاً من روحه العاشقة للجمال والشعر والفن.. وكرة القدم أيضاً.