أخيراً باتت كأس الخليج العشرون واقعاً، وساورنا الشك حتى وقت قريب في أن تقام بعد أن كثر الكلام والجدل والأخذ والرد، لكنها اليوم أصبحت كياناً وكائناً على أرض اليمن الشقيق التي استنفرت كامل طاقاتها لـ«البطولة الأمل»، واستدعت تاريخها الزاهر ليكون عنواناً لها وإليها في هذا الحدث المفصلي، ليس في مسيرة الرياضة والكرة اليمنية فحسب، وإنما في مسيرة الإنسان اليمني ككل.
اختار «الأشقاء» عرش بلقيس، ليكون عنواناً لاحتفاليتهم في الافتتاح، وإن لم يكن عنواناً للرحلة بطولها فتنظيم البطولة في اليمن جاء بعد مخاض عسير وأجواء تلبدت بالغيوم في الكثير من مراحلها، ولم يكن أبداً كحال انتقال عرش بلقيس قبل ارتداد الطرف.
الاستدعاء من الأشقاء لعرش بلقيس له دلالاته، وله انعكاساته في قلوب كل الخليجيين الذين حلوا ضيوفاً على بلدهم الثاني، آملين أن ينصهروا فور انطلاقة البطولة في تاريخها وميراثها الذي يضرب بجذوره ليس في تضاريس اليمن، وإنما في تضاريس البنيان والإنسان العربي.
منذ أيام، فتحت اليمن أبوابها للمشاركين في الكرنفال الخليجي، الذين قدموا إليها براً وبحراً وجواً، ودارت عجلة البطولة الأبية التي اعتادت طقوسها، مثلما اعتادتها تلك الطقوس، وبرغم كل الجدل الذي دار، وكل الغيوم التي لاحت في سماء البطولة، فإنها حين حل موعدها، كنا هناك على قارعة سنواتها الأربعين، وعلى باب حارتها الفسيحة وآمالها المتجددة، ومعانيها الخالدة وألفتها الآسرة، وكأن كل ما سبق ليس سوى حملة دعاية اختارت هذا النهج، لتمنح لليمن تفرده واستثنائية بطولته التي طال انتظارها.
اليوم، يغادر منتخبنا محملاً بطموحاته، لينضم إلى كوكبة المنتخبات الخليجية، وبالأمس ازداد المد الإعلامي الذي يعد من سمات ومتلازمات كأس الخليج، وبات الأمر تماماً مثلما اعتدناه.. هو العيد حل هذا العام في اليمن.. هو العيد يأتي غير عابئ بقلاقل أو ترتيبات.. متى تأجل العيد لأننا غير جاهزين.
العيد هذه المرة، وإن كان للجميع، إلا أن له في اليمن خصوصية، وهي خصوصية تزكيها تلك الأحداث التي يعيشها البلد الشقيق من فترة، وبعيداً عن تفاصيلها إلا أنها تضاعف من التحدي الملقى على أكتاف كل الخليجيين، فإذا كانت البطولة في كل سنواتها تمر فقط كحدث كروي، إلا أنها هذه المرة، تمثل حالة اجتماعية ومشهد دعم نرسم جميعاً تفاصيله، ونعلن من خلاله تكاتفنا ودعمنا للإخوة هناك.
أمس الأول، غادر من أبوظبي المنتخب الكويتي الشقيق على متن طائرة خاصة، في إشارة اعتدناها للمهام الكبرى، والبحرين تعول على البلد الشقيق ليكون فأل خير لها حتى تفوز بالبطولة التي انطلقت فيها ولم تتوج بها للآن، وفي السعودية تزداد الآمال، ويذهب العماني للدفاع عن لقبه، والعراقيون يقولون إنهم ذاهبون للمنافسة، وكذلك الأمر في قطر ولدينا.. ومع هذه الطموحات، شمّر الإعلام، سواء اليمني الذي سرّع من إيقاعه أو الخليجي بأسره عن ساعديه، وأعلن حالة الطوارئ استعداداً للبطولة.. تلك هي كأس الخليج.
كلمة أخيرة:
إن لم يكن لدى اليمن سوى شوق المواطن اليمني للبطولة، فذاك يكفيها