أرشيف الرأي

ثورة المواطن الرئيس

يتضح وعي الإنسان بذاته من خلال احترامه لحيوات الآخرين وكرامتهم, وانبعاثه عبر مشروع حضاري لترجمة هذا الوعي يساعد الآخرين على أن يعيشوا حياتهم بعيداً عن قوارض الاستبداد والفساد وفيروسات الفقر والتخلف..

وفي إطار هذا المشروع الإنساني الجاذب خرج شباب الثورة إلى ساحات وميادين الحرية حاملين مشروع حياة لحاضر الوطن ومستقبل الأجيال باذلين أرواحهم مهراً وإكسير حياة للآخرين..

وقد أنجز شباب الثورة في اليمن خلال ثلاثة أشهر مهاماً باذخة النبل والعظمة والنفع.. نجحوا في إصلاح العطب الذي ألحقه النظام ببوصلة الشعب البيولوجية ونجحوا في تحفيز الغالبية على الانصات لصوت الضمير ونداء الواجب ..

صاغوا مجتمع مدني قابل للتقييم والسريان فور استكمال الثورة .
في إطار دولة مدنية تقوم على أساس المواطنة والعدالة والديمقراطية والمشاركة في صناعة القرار والأحداث, نجح شباب الثورة في تعرية مثالب سلطة الفرد وكسر سطوتها وسلطانها وانتصروا لسلطة الشعب بعد سنوات من التغييب في ظلمات مزاج الفرد المتسلط وإعادوا الشعب إلى دائرة التأثير وبؤرة الحدث وصار الثوار في الساحات الفعل والفاعل والمبتدا والخبر..

نجح الشباب في نقل مفهوم ومبدأ التعايش الخلاق من مربع الشعارات إلى محراب الشعائر .. كما نجحوا في رسم ملامح وحدة جاذبة تقوم على قاعدة الكل يعمل, الكل يكسب بالتوازي مع مبدأ التكافل والتكامل.

كما نجحوا في خلق قناعة شعبية واسعة بضرورة تفكيك منظومة الاستبداد والفساد باعتبارها مصدر للأزمات والمشاكل والعقد المستعصية والعمل في المقابل على بناء دعائم نظام سياسي جديد تتجسد في إطاره معادلة الرئيس المواطن في خدمة المواطن الرئيس.

لقد جعلتم أيها الشباب من الساحات محكاً لاكتشاف الذات وتوظيف الطاقات, وصنعتم من طاقة الولاء والحب للوطن إصطفافاً وإعياً وحركة مبصرة وعملاً متعدي النفع, وعشقاً جارفاً للتضحية البناءة والرفض الإيجابي .

لقد أعدتم جغرفة الوطن وصنعتم من تباين الألوان في السياسية والمذهب والفكر والقبيلة لوحة بالغة الجمال واسعة الثراء .

وتأسيساً على حقيقة ما أنجز الشباب في الساحة الوطنية والمشهد السياسي والاجتماعي والقيمي؛ يمكننا أن نجزم بحتمية إنتصار الثورة عما قريب, فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً, وسنة التداول لا تحابي أحداً ولا يكسر سريانها طلقات بندقية ولا قنابل غازية, ولا همجية بلطجية.
التغيير معادلة حقق الثوار شرطها المناط بهم يوم غيروا ما بنفوسهم وخرجوا إلى الساحات ثائرين, وصار حق على الله أن ينجز لهم وعده فيغير واقع حالهم.
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".

زر الذهاب إلى الأعلى