[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

الإعلام اليمني وصناعة الأوهام!!

وشعبنا اليمني يمر بمرحلة حرجة في تاريخه السياسي المعاصر ، تظهر لنا وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالأخبار والتحليلات ، التي نستمع إليها ليل ونهار ، بل أن العديد من وسائل الإعلام قد توقفت عن برامجها المعتادة لتفرد كل وقتها لمناقشة الحدث السياسي الراهن.

وأبرز ما تستخدمه وسائل الإعلام مصطلحات مثل(خبر عاجل – صرح مصدر مسئول – أفادت مصادر مطلعة – أفادت مصادر مقربة – أفادت مصادر خاصة – أفاد مسئول رفيع رفض ذكر اسمه – أفادت مصادر إعلامية و....الخ) وتلجأ وسائل الإعلام في تغطية وقتها الطويل إلى من يسمونهم بالمحليين السياسيين زوراً وبهتانا ،لأنهم وللأسف يصرون على الكذب والتضليل وهم يعلمون أنهم كاذبون ، كونهم يكيلون التهم ويصفون الأحداث وهم لم يشاهدوا أو يسمعوا ما يدَّعون أنها حقائق ويأتي في مقدمة ذلك النيل من سمعة وأعراض وكرامات من يخالفهم سياسياً!!!! فهم لا يحللون الحدث بناء على معطيات ، بل تسخرهم وسائل الإعلام للشتم والإساءة بناء على تسريبات مخابراتية مقصودة ، فعلى سبيل المثال قد تقدم بعض قنوات التلفزة فاصل يحوي مشهد(لعمارة مدمرة) ويقولون (للمخلل) السياسي(المخلل مقبلات غذائية)، مارأيك بهذه الجريمة التي ارتكبها (ص من الناس) وقد يكون (ص) مات منذ عقود ، فيأتي الجهبذ بكل ما يملك من مفردات وشتائم ووو...الخ ، ويصل إلى نتيجة تدعو السلطة إلى القبض على (ص) ومحاكمته بصورة عاجلة وتنفيذ حكم القصاص فوراً في حق هذا القاتل وال....الخ ، وبالتالي أخانا المخلل الجهبذ وهو يقف منتشياً أمام الشاشة يصر على أن يكون كما وصُف (الخبير والمحلل السياسي) الذي يستند على فكره النير وتحليله الصائب ، يؤسفنا أن يكون هؤلاء بائعي الوهم والتضليل والخيال هم ضيوف غالبية وسائل الإعلام .

يستحضرنا هنا عبارات من الدراما المصرية تنطبق على مثل هؤلاء مثل (شاهد ماشفش حاجة ) وهو حال الكثير من المحللين السياسيين حيث يستنسخون ما يسمعون من وسائل الإعلام ويحولوها إلى حقائق كأنهم شاهدوها ،وإشكالية ذلك ترجع إلى الاستهانة بعقل المشاهد والتدليس عليه ، حتى يعيش في وهم معتقداً بأن هؤلاء هم النخبة وهم الأعلم بحقيقة الأمور لأن وسائل الإعلام تقدم هؤلاء كخبراء ومفكرين و..الخ ، وللأسف ينطبق ذلك على المقولة الكوميدية المصرية أيضاً(ربنا يأدرنا عالطيب) أي أن حال وسائل الإعلام تلك وضيوفها تتعامل من المجتمع وفق هذه الرؤية التي لا نعرف بالضبط مقاصدها ، هل هدفهم فعل الطيب وتنوير الناس بالحقيقة ، أم العكس هدفهم يدعون الله يعينهم على تضليل هذا الجمهور الطيب(المغفل)، الذي يسمع ويرى ويصدق دون أن يفكر ، وللأسف المقصد الثاني هو المحتمل لأن الكثير من البرامج الإعلامية في هذه الأيام تدار برؤية تسعى لتحقيق أهداف سياسية بعيداً عن المهنية الإعلامية.

وقد مثل المشهد السياسي الراهن في البلاد العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص مجالاً خصباً لإثارة الجمهور، ويمكننا أن نقدم نموذجاً بارزاً على تلك الإشكالية في وسائل الإعلام بمختلف توجهاتها ذلك النموذج تمثله حادثة مسجد النهدين بالقصر الرئاسي بصنعاء ، وسوف نتتبع الخبر حتى كتابة هذا الموضوع خطوة بخطوة دون الإشارة إلى أسماء الأشخاص أو الوسائل الإعلامية لأننا هنا بصدد تحليل الموضوع وليس التشهير بأحد:

أولاً/يوم الحادث الجمعة 3/6/2011م : نتابع بإيجاز مع ملاحظة إضافة قبل كل فقرة (صرح مصدر...):

* بث شريط الأخبار (...) حول تردد أنباء عن مقتل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ..
* تضارب الأنباء حول صحة الرئيس صالح (يلاحظ انتقال الخبر من الموت إلى الحالة الصحية).
* مصدر مسئول(صالح بخير وسيعقد مؤتمراً صحفياً خلال الساعات القادمة(يلاحظ نفي للأخبار السابقة بما فيها حتى حدوث إصابة..الخ).
* صالح بصحة جيدة وسوف يقدم بياناً في الساعات القادمة(يلاحظ الصحة جيدة وبدل المؤتمر الصحفي بيان).
* بأن إصابات الرئيس علي عبدالله صالح كانت خفيفة وأنه سيعقد مؤتمراً صحفياً خلال ساعات(يلاحظ العودة مرة أخرى للمؤتمر الصحفي).
* أن "المنبر الخشبي الذي يقف وراءه الإمام تفتت إلى شظايا" مشيرا إلى أن "معظم جروح وحروق الرئيس ناتجة عن هذه الشظايا.
* لمحطة (...) أن صالح بحاجة "لعملية تجميل" بسبب حروقه وجروحه في الوجه.
* مصدر يؤكد إصابة صالح الجمعة بجروح اثر سقوط قذيفة على مسجد القصر الرئاسي في صنعاء. والرئيس يؤكد في تسجيل صوتي بعد القصف بثه التلفزيون انه بخير.
* صالح يسعف إلى مستشفى 48 الخاص بقوات نجله أحمد. ثم صالح يسعف إلى مستشفى العرضي .
* هروب صالح وأبناءه خارج العاصمة.
* تم إرجاء المؤتمر الصحفي الذي كان مقررا أن يعقده الرئيس اليمني على عبدالله صالح يوم الجمعة لحين تلقيه ''العلاج من (الخدوش الطفيفة) التي أصيب بها خلال القصف الذي استهدفه. وأضاف المصدر أن الرئيس صالح سيتماثل للشفاء قريباً وسيخرج على الجميع لعقد مؤتمر صحفي يظهر فيه حقيقة ما جرى أمام الجميع.
* تضارب الأنباء حول صحة صالح .
* مصادر رسمية تصف الانفجار بأن قوته وحرارته تذيب الصخر ولكن الرئيس أصيب بخدوش بسيطة؟؟؟؟!!!!
* الهجوم الذي ألقت الحكومة باللائمة فيه على رجال قبائل تتزعمها عائلة الأحمر التي تؤيد المحتجين المطالبين بخروج صالح من السلطة.
* رفض تصريح رئاسي توجيه التهمة إلى بيت الأحمر صراحة , على عكس ما أدلى به صالح أثناء خطابة الصوتي " .
* ذكر مسئول طلب عدم كشف اسمه أن نائب رئيس الوزراء رشاد العليمي أصيب أيضا بشكل بالغ وفقد الوعي أثناء نقله إلى المستشفى فيما فقد محافظ صنعاء "رجله ويده".
* أكد بيان رسمي للرئاسة اليمنية نقلته وكالة الأنباء الرسمية أن ثلاثة أشخاص من الحراسة قتلوا في القصف الذي استهدف مسجد القصر الرئاسي، وكانت الوكالة نشرت صيغة أولى للبيان الرئاسي أشارت إلى مقتل إمام المسجد الشيخ علي محسن المطري مع ثلاثة من الحراسة .
* أكد البيان إن الرئيس علي عبد الله صالح "في خير وعافية وفي صحة جيدة". وأوضح البيان انه "أثناء صلاة الجمعة حدث اعتداء غادر بقذيفة ناسفة على مقدمة مسجد دار الرئاسة أثناء تواجد فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية ومعه كبار قادة الدولة والحكومة لأداء الصلاة.
* أعلن التلفزيون الرسمي اليمني انه سيذيع كلمة لصالح يوجهها إلى اليمنيين في وقت لاحق الليلة.
* من جانبه، أكد (...) أن الرئيس اليمني بخير و"لا يوجد شيء يؤثر على صحته" لكن تم تأجيل مؤتمر صحافي كان يفترض أن يعقده بسبب "الخدوش" التي تعرض لها.
* وأكد (..) في مؤتمر صحافي أن صالح بخير ودعا الإعلام إلى التعامل مع ذلك على انه "حقيقة لا يوجد خلفها أي شيء غير معروف". وقال إن "الرئيس بصحة جيدة وقد تم تأجيل المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده نظرا لما يوجد من خدوش".وأوضح أن صالح "سيتماثل في القريب العاجل إلى الشفاء وسوف يظهر أمام الإخوة في الداخل والخارج".وأضاف "لا يوجد أي شيء يؤثر على صحته ... وفي القريب العاجل سوف تقابلونه في مؤتمر صحفي سيوضح لهؤلاء الجبناء والخونة بأنهم ...أرادوا له الموت وأراد الله له الحياة.
* مسئول كبير في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم صرح أن "الرئيس صالح أصيب إصابة خفيفة في مؤخرة الرأس".
* أكد شهود عيان ومصادر قبلية إن منازل الشيخ حميد الأحمر واثنين من إخوانه إضافة إلى منزل اللواء المنشق علي محسن الأحمر قد قصفت بعد القصف الذي طاول القصر الرئاسي .
* في غضون ذلك، كشفت مصادر مطلعة إن التحقيقات التي أجرتها السلطات اليمنية بالاستعانة بفريق من شركة أمنية أمريكية عن محاولة اغتيال الرئيس على عبدالله صالح بهجوم استهدف جامع النهدين بدار الرئاسة في 3 يونيو الجاري تمت بصاروخ موجه عن بعد. وقالت ل القبس إن الصاروخ أطلق من عمارة تحت الإنشاء تقع بالقرب من مجمع سكني لآل الأحمر في منطقة حدة في الضاحية الجنوبية من صنعاء كان مسلحون من مليشيات آل الأحمر استولوا عليها، وان الصاروخ أطلق بعد أن وجه وفق إحداثيات دقيقة بثتها شريحة الكترونية وضعت بمحاذاة الجدار الشمالي للمسجد (قبلة الجامع) وأضافت «إن الصاروخ أطلق بعد اقل من ساعة من مغادرة وفد وساطة بين الرئيس صالح وال الأحمر لدار الرئاسة.
وكانت مصادر صحفية قد ذكرت أن فريق المحققين الأميركيين توصل إلى أن الهجوم تم بواسطة صاروخ أميركي متطور مخصص للاغتيالات يسمى (فوقاز).
* ونقلت الوكالة الفرنسية عن الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، تأكيده أن العبوة انفجرت داخل المسجد "وتم اكتشاف وتفكيك عدة عبوات لم تنفجر"، كما أكد مصدر أمني يمني ذلك، وقال لفرانس برس انه تم بالفعل العثور على ست عبوات أخرى خمس منها داخل المسجد وسادسة في الخارج.

ثانياً / الرحلة من جامع النهدين إلى أرض الحرمين:

* نفى مصدر مسئول في رئاسة الجمهورية اليمنية ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن مغادرة الرئيس علي عبد الله صالح بلاده إلى السعودية للعلاج. وقال المصدر "إن تلك الأخبار لا أساس لها من الصحة"، مؤكدا أن صالح "في صنعاء، ولم يغادرها إلى أي جهة خارج الوطن، وانه يتمتع بصحة جيدة.
* فيما قالت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن مسئول يمني أن صالح لا زال في العاصمة صنعاء وحالته لا تستدعي نقله إلى الخارج.
* تضاربت الأنباء حول مغادرة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى الرياض لتلقي العلاج بعد إصابته الجمعة في قصف استهدف القصر الجمهوري.
* وقال(..) أن "الرئيس لم يغادر صنعاء وحالته جيدة لا تستدعي العلاج في الخارج".
* ومن ناحيته، قال مسئول آخر زار صالح السبت في مستشفى صنعاء، لوكالة فرانس برس أن "الرئيس أصيب بحروق وخدوش في وجهه وفي صدره" موضحا أن حالته لا تدعو إلى القلق.
* بينما أكد مصدر سعودي لوكالة رويترز وصول الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إلى السعودية للعلاج.
كما أكد مصدر برئاسة الجمهورية اليمنية لشبكة "بي بي سي" تولي عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس اليمني مهام وصلاحيات رئيس الجمهورية نظرا للحالة الصحية للرئيس علي عبدالله صالح.
* و صرح مسئول سعودي أن صالح قبل دعوة المملكة لتلقي العلاج فيها.
* مصدر مسئول صالح جاء بناء على رغبته للعلاج في السعودية .
* وكالة الصحافة الفرنسية إلى مصدر يمني في الرياض قوله إن الرئيس علي عبد الله صالح ما يزال في وضع "صحي سيء" ، موضحاً أنه يعاني من "مشاكل في الرئة والتنفس" ويحتاج لوقت أطول في مرحلة التعافي.
* أدى فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وبعض قيادات الدولة صباح اليوم الأربعاء مناسك العمرة في الحرم المكي الشريف بعد أن من الله عليهم بالشفاء إثر إصابتهم في الجريمة الإرهابية التي استهدفت جامع النهدين بدار الرئاسة.

ثالثاً/ العودة إلى أرض الوطن:

* ذكرت مصادر يمنية أن الرئيس على عبدالله صالح سيعود إلى صنعاء الخميس القادم(23/6/2011م)، ونسبت إلى مصادر سياسية يمنية في الرياض قولها «أن عودة جماعية وشيكة للرئيس صالح وكبار المسئولين اليمنيين الذين يتلقون العلاج في الرياض بعد إصابتهم في الهجوم الذي استهدفهم أثناء تأديتهم صلاة الجمعة في مسجد دار الرئاسة في 3 يونيو الجاري. وأضافت: أن ترتيبات بدأت في الرياض لعودة الرئيس صالح و25 شخصية حكومية، في موعد أقصاه الخميس القادم على متن طائرة رئاسية، وبمراسيم توديع ملكية رسمية من قبل قيادة المملكة.
* تعكف قيادات وأعضاء المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم) على التحضير لتنظيم احتفالات ومهرجانات خطابية يوم الجمعة(24/6/2011م) بمناسبة، عودة الرئيس اليمني. وقال(..)نائب رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام إنه سيتم تنظيم هذه الاحتفالات بالعاصمة صنعاء ومختلف المحافظات سواء كانت عودة الرئيس يوم الجمعة أو قبل ذلك.
* كشف مصدر أن صالح سيعود إلى اليمن نهاية الأسبوع الحالي، موضحاً أن "الرئيس لم يسمح لعائلته بزيارته في الرياض بعد نجاح العملية الجراحية الخطيرة لأنه ينوي العودة إلى اليمن.
* قال (...) السكرتيرالإعلامي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح أمس الأحد26/6/2011م إن صالح سيظهر أمام الإعلام خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة(طبعاً انتهت دون نتيجة).
* طاقم إعلامي يذهب إلى الرياض لتغطية مقابلة الرئيس(طبعاً لم يقابل الرئيس..وجاء وزيري الصحة والخارجية بتصريحات)؟؟؟!!!
* وللكذب بقية مع الشعب اليمني الطيب!!!

أخيراً ما سبق كان باختصار من المصادر دون تدخل(فقط حذفت الأسماء وأضيفت تعليقات بسيطة)، والملاحظ أن وسائل الإعلام بدأت بأنباء عن مقتل الرئيس كسبق صحفي ، ثم جاءت ردود الأفعال لتنفي الإصابة أصلاً ، ثم الإصابة الطفيفة ، ثم السفر وعدم السفر، وبعد السفر تراوحت الإخبار بين إصابات طفيفة عمليات تجميل وشديدة الخطورة حتى التنفس الصناعي، ثم تأتي أخبار العودة وأداء العمرة ، وتجهيز مهرجانات القدوم لما قبل الجمعة 24/6/2011م ، تلك الرحلة الطويلة من الأوهام والاحتفالات وخاصة منها إمطار سماء الجمهورية بملايين الطلقات النارية في حالة هستيريا غير مسبوقة ليلة 8/6/2011م وبتغطية إعلامية مباشرة !!!وعلى الرغم من تلك الحملة الإعلامية التي شغلت وقت العديد من وسائل الإعلام المحلية والدولية ،فقد غابت أداة الإعلام الرئيسة (الصوت والصورة) باستثناء مشهد وحيد عرض بعد أيام من حادث جمعة القصر الرئاسي ، وهو مشهد قصير لجامع النهدين وفيه( فرش غير محروق- منبر غير محطم - طاقيات عسكرية تبدو مرتبة على الأرض ، مع جدار يبدو مدفوعاً بانفجار في اتجاه الخارج؟؟!!) والحقيقة بمجملها لازالت لغز محير...أترك للقارئ الكريم الحكم وكفى(شريطة البعد عن المخللين والمخمنيين والمطنيين والمطبلين و... من السياسيين والإعلاميين وغيرهم).

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى