إلى حد كبير أخذ إعلان المجلس الوطني الأربعاء الماضي جدلا كبيرا لدى الأوساط السياسية والثقافية في اليمن ما بين مؤيد ومعترض وآخر فيما بين الطرفين، بصرف النظر عن الدوافع الحقيقية وراء مذهب كل فئة أو شخص فذلك ما لا نستطيع الخوض فيه..
شخصيا أرى أن إعلان المعارضة في اليمن للمجلس الوطنيخطوة متأخرة في الاتجاه الصحيح مع بعض الملاحظات التي أراها أيضا بدوري كما رأى آخرون أن بعض الشخصيات المنضوية في إطار المجلس تعد إضافتها سوأة سياسية ضررها أكثر من نفعها بل لا نفع لها البتة، وقد كانت في واقع الأمر من الشخصيات التي كانت سببا للثورة، وكان الأجدر بهم أن يتصدروا القائمة السوداء وأن يكونوا في أول المشمولين بالمحاكمة بسبب ما اقترفوه في حق الشعب وهم معروفون "تشير إليهم بالفجور الأصابع"!!
وقد بادر بعضهم فأعلن تخليه عن هذه المكرمة وهذه المنحة التي أصبغها عليه قادة المشترك للأسف وبدوا كمن أعطى ما لا يملك لمن لم يستحق!! وكانت الحسنة الوحيدة التي تحسب لهم في حياتهم وبدا الأمر كما قال الشاعر العربي قديما:
إن الصنيعة للأنذال تفسدهم كما تضر رياح الورد بالجعل
ما هو جدير بالطرح هنا هو الإشارة إلى جميل ما صنعه القائمون على أمر هذا الاختيار أن تجاوزا إلى حد كبير القوى التقليدية من الاتجاه الديني وإن لم يفعلوا بحجمه في القوى التقليدية من الاتجاه القبلي وربما أن لهذا العمل مبرره الموضوعي غير أن ثمة تجاوزا لبعض الشخصيات من الرموز الثقافية والأكاديمية والتي لها حضورها الفاعل والمؤثر في مجالها ما كان ينبغي أن يتجاوزها القوم مثل الدكتور سيف العسلي وهو واحد من الاقتصاديين الكبار إن لم يكن أكبرهم، والذي كان الجميع قد استبشروا خيرا بتعيينه وزيرا للمالية سابقا، خاصة والرجل صاحب رؤية اقتصادية شاملة وعلمية في نفس الوقت، وكذا الدكتور فؤاد الصلاحي أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء وهو من القامات العلمية السامة المعروفة، وثالث الاثنين شخصية وطنية ثقافية سياسية مخضرمة هو الأستاذ مفضل إسماعيل غالب عضو مجلس النواب الذي تجمعه أكثر من صفة فهو نجل واحد من أقيال اليمن سابقا الشيخ إسماعيل غالب الأبارة رحمه الله، وهو الشخصية الثقافية والأدبية السامقة التي لا يختلف فيها اثنان، وهو السياسي البارع والمرجعية الاجتماعية في كثير في أكثر من مجال، وكان انضواؤه ضمن قوام المجلس يشكل إضافة نوعية في العطاء مع من ذكرت آنفا، مع ثقتي أن الرجل ليس حريصا على ذلك وأنه على استعداد للعطاء من خارج المجلس كما لو كان أحد أعضائه فقط تبقى العضوية من باب التقدير باعتبار المسئولية تكليفا وتشريفا معا.. وفي تقديري فإن هذه معضلة الشخصيات المستقلة التي فضلت البقاء خارج دهاليز الحزبية فيما يتعلق بالدكتور سيف العسلي والدكتور فؤاد الصلاحي وأيضا الأستاذ مفضل إسماعيل الرجل الذي طالما كان سلوكه أكبر من الحزبية ذاتها..
وإلى جانب هؤلاء فثمة شخصيات أخر جديرة أن تكون في قائمة الصدارة عرفت بوطنيتها وبإخلاصها خلال مسيرتها السابقة بدلا من تلك الشخصيات العتيقة والتقليدية التي تمثل في حد ذاتها ثقلا على المجلس وعلى الوطن وقد كانت كذلك..
فقط مجرد ملاحظات لا تنتقص من قيمة الجهد المبذول والاجتهاد الموفق في غالبه، ولله الأمر من قبل ومن بعد.