انتصرت الناشطة اليمنية، توكل كرمان، على العقيد علي عبدالله صالح مرتين: الاولى: عندما واصلت قيادة المسيرات والاحتجاجات ضد نظام حكمه القمعي الاستبدادي، فلم تجبن، ولم تنكسر ارادتها، ولم تتراجع، رغم سجنها، ورغم التهديدات التي تلقتها من بلطجية النظام.
الثانية: فوزها بجائزة نوبل، ما يعني بصريح العبارة، أن الثورة اليمنية انتصرت، وأن نظام الطاغية زائل لا محالة، طال الزمان أم قصر.
تكريم توكل،ابنة تعز معقل الثورة والثوار، هو تكريم لنهج ثورة اليمن السلمية، تكريم لشباب اليمن، ولشهداء الثورة، تكريم للمرأة اليمنية والعربية، التي مزقت الاغلال، وكسرت القيود، وخرجت من القمقم، منحازة لانسانيتها وحريتها وكرامتها، فقررت المشاركة جنبا إلى جنب مع شعبها، في المظاهرات والمسيرات السلمية لاسقاط الطغاة، وكان لمساهمتها تأثير كبير في انجاح الثورتين المصرية والتونسية، وفي تغيير النظرة إلى المرأة العربية، ما أدى إلى ترشيح العديد من الاسماء، وخاصة ممن كان لهن باع كبير في التواصل الاجتماعي بين الشباب العربي، للفوز بجائزة نوبل.
تصريحات الناشطة اليمنية كرمان عقب فوزها بالجائزة، تؤكد أننا أمام ناشطة سياسية من طراز رفيع، تعرف طريقها جيدا، ومتمسكة برسالتها، فعلاوة على أنها أهدت الفوز للثورة والثوار، الا أنها ايضا، طلبت من الشباب اليمني أن يتمسكوا بثورتهم، بسلميتها، واهدافها، وأن يضاعفوا من الحشود في الأيام القادمة لحسم الصراع، مع الاستبداد والقوى الظلامية والفاسدين، والتخلص نهائيا من الطاغية، وقد لاحت خيوط الفجر من فوق شواهق اليمن، تبشر بموعد جديد مع اليمن السعيد.
رسالة كرمان هذه، تؤكد اخلاصها المنقطع النظير للثورة الشعبية السلمية، كوسيلة وحيدة للتخلص من نظام القمع والفساد، واقامة الدولة المدنية الحديثة، القائمة على الديمقراطية والتعددية، وتداول السلطة سلميا، وصولا إلى الحكم الرشيد، ما املى على مجلة “تايم” اختيارها من بين مئة شخصية مهمة في العالم، كما اعتبرتها منظمة “صحفيون بلا حدود” من أهم الشخصيات العربية المؤثرة في الربيع العربي.
فوز توكل كرمان، المرأة اليمنية المناضلة، والأم لثلاثة أطفال “32عاما”، ارجعنا إلى التاريخ لتذكير القارئ العربي، بان كرمان هذه هي حفيدة بلقيس، ملكة اليمن في العصور القديمة “القرن الثاني عشر قبل الميلاد”، والتي ذكر القرآن الكريم قصتها مع النبي سليمان، وانها حرصت على الاخذ برأي اهل الشورى قبل أن ترد على كتاب سليمان “قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري، ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون” الاية 22 سورة النمل.
باختصار.. فوز الناشطة اليمنية كرمان، بأهم جائزة دولية، هو اعتراف بدور المرأة العربية في الربيع العربي، والذي لن يكتمل بدون مشاركتها الفاعلة. فهي أم التضحيات، والمؤتمنة على بقاء الشعلة متقدة لا تخبو.