علي عبد الله صالح حتى هذه اللحظة لم يستوعب ما حدث، ويعتقد بالفعل إنه يواجه علي محسن وحزب الإصلاح. ليس فقط لأن صالح يريد أن يفهم الأمر على هذا النحو؛ بل لأنه يعاني من انحراف عميق على مستوى الوعي والبنية النفسية، حتى إن استجابته غريبة ومتناقضة. ولعلم النفس شروح مطولة حول كيف يصل القائد إلى هذه المرحلة المعقدة من التركيب النفسي والذهني.
في الأخير هي حالة مرضية مخيفة. نحن في مواجهة رجل مرض، أو كما وصفته افتتاحية الخليج هذا النهار: "لقد صار صالح عبداً لكرسي الرئاسة وهي حالة مرضية في علم السياسة تستعصي على الشفاء".
هذا الرجل لن يفهم حجم الكارثة التي أغرق اليمن، ونفسه، فيها، ولا يملك القدرة على تخيل المخاطر التي تحيط به.. ها هو يعلن إنه يعتقد على نحو عميق أن ما يحدث في اليمن يشبه انشقاق عبد الله عبدالعالم.
إن الثورة تحاصره، لكنه يحاصرها بقصر نظره وبانحرافاته على مستوى الإدراك والسلوك، يقتل الناس في الشوارع ويقول إنه لا يخاف من الموت لأنه قد مات بالفعل.
هذا الرجل كارثة. إنه مهزوم بصورة قاطعة لكنه ذلك المهزوم الذي لا يعلم إن المعركة محسومة ضده فيجعل المواجهة أكثر ألماً للطرف المنتصر، في حين يبدو هو كما لو كان الرجل الذي لا يدرك أنه آن له الأوان لكي يتألم.