في مقابلة كنت أجريتها مع الاستاذ حسين باسليم رئيس قطاع التلفزيون لقناتي اليمن والاولى تحدث باسليم لمجلة أبواب عن حصار يواجهه القطاع من قبل المؤسسة العامة للاذاعة والتلفزيون وشجون أُخر.
كان رئيس القطاع متبرما جدا من الوضع وكان المشهد السياسي محتدما وملتهبا حينها وقد كانت تلك المقابلة الصحفية ؛الاخيرة إذ قدم باسليم استقالته بعدها بأسبوع؛ احتجاجا على مجزرة جمعة الكرامة.
وقد كان ذلك متوقعا (بالنسبة لقناعاتي الشخصية تجاهه)وعرفت حينها وأنا في أروقة مبنى التلفزيون بعد اجراء المقابلة أن باسليم يجلس في منصبه على مضض و حاول اكثر من مرة تقديم استقالته حتى في فترة ماقبل ثورة فبراير 2011.
وكأي اسم يحمل لازمة "با" التي هي سمة حضرمية واجه الحضرمي ذو البشرة المائلة للسمرة والمؤهلات الاعلامية والعلمية العليا والمتعددة ؛صعوبات في في بيئة عمله بصنعاء. لكن الاعلام الرسمي ممثلا بأهم نافذة فيه "قناة اليمن " لم يكن في عهد باسليم بذلك السوء الذي أعقب استقالة رئيس القطاع.
و بالرغم من وجود فلتات في خطاب اليمن " الاعلامي خاصة في الايام الاولي للثورة الشعبية ليس بوسع احد انكار أن القناة احتفظت بقدر ما من التوازن ويمكن رؤية هذا التوازن واضحا بمجرد مقارنة بسيطة مع خطابها الاعلامي مابعد استقالة باسليم.
استقال باسليم في اللحظة التي قصمت ظهر الاعلام الرسمي ..كانت الاستقالة هي الاقوى قياسا باستقالات اداريين في مؤسسات اعلامية .وتأكد للكثير ممن يدركون هفوات "اليمن" الرسمية ان ثمة يمنيا خلف الشاشة يتالم على اليمن.
وما إن غادر الرجل القناة تحولت إلى بوق في سوق الضلال والتضليل ..لم يعد بعد باسليم ثمة كابح أو رجل رشيد على مايبدو وشاهد اليمنيون والعالم وسمعوا من القناة الرسمية ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من السفه الاعلامي. فيما كانت دماء الشهداء تسيل. وعُد انضمام باسليم للثورة ظفرا لشباب التغيير ..ثم اتسعت الكراهة لدى كل اليمنين لقناة رأوا انها لاتمثلهم في شئ بل تعمد إلى تشويه الذاكرة والوجدان اليمني على مرأى ومسمع. وباتت القناة شاشة للفضائح اليومية الامر الذي جعل الثوار يدرجون كثيرا من أصواتها ووجوهها في القائمة السوداء واعتبروا القناة العدو رقم 1.
ذلك لم يجد نفعا مع خطابها الذي زاد تفاقما ضد الثورة ..وحصل رئيس القطاع المستقيل على نقاهة مكنته من متابعة ورصد كل عثرات وثغرات الخطاب الاعلامي الرسمي.
اخيرا عاد باسليم إلى "اليمن" وهو أدرى الناس بشعابها .عاد بشرعية جديدة هي الشرعية الثورية .يقول باسليم إنه الان بصدد اعادة الاعتبار للاعلام الرسمي ..هي مهمة شاقة بالفعل لكن اعادة رئيس القطاع إلى منصبه تعد أول الاعتبار .