آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

لا تحملوهم أعباء الأَنبياء

تحدثَ كثيرون عمَّا يريدهُ النَّاسُ من هادي وباسندوة . تحدثَ الناسُ أنفسهم عما يريدونهُ منهما. وامتلأت صحف المخارج الإعلامية بما لذَّ وطابَ مِنَ سِلالِ الأماني . أطلقوا العنانَ للخيال في أقلامهم لرصدِ رغبات الناس . أحصَوا أمآلاً كباراً فوقَ طاقاتِ الجبال . وكأني بهم قد رَمَوَهُم بما فقدوهُ في ثلثِ قرن ؛ بل قُلْ في نصفِ قرن ؛ بلْ قُلْ في ثلاثةِ ألْفٍ عام !..

.. وحَمَّلوهُما أعباءَ حروبِ الحِميَرين ، والسبأيين ، والمعِنِيين ، والقتبانيين ؛ وثأراتِ التَّبَابعة ، والأقيال ؛ وانتحارِ ذي نوَّاس ، وخطيئة إبن ذي يَزَن . حمَّلوهما حتى آثارَ الهُدهد ، وعُزُوفَ بلقيس عن زواج رَجُلٍ منَّا ؛ وأوزارَ فِيَلَة أبرهةَ الأشرم ، وخلافَ سقيفةَ بني ساعدة ، وردَّةَ الأسود العَنسي ؛ وقتلَ عثمان ، ودماءَ ' صِفِّين ' و ' الجمل ' ، وانعزالَ إبنِ وَقَّاص ، وخلافَ علي ومعاوية ؛ واتهامَ إبنِ العاص !

.. وطرحوا أخطاءَ بني أُميةَ أمامهم ؛ ومشانقَ بني العبَّاس خلفهم ؛ وانتقاماتِ اليمانيةِ في الأندلس بين أيديهم ؛ ونرجسيةَ الطوائفِ فيها بين أرجلهم ؛ وانهزامَ بني عثمان ، وسقوطَ عاصمةِ الخلافة فوق طاولتهم !
.. وأثقلوهم بتجاربِ القومية ، وإخفاقِ الإشتراكية ، وأزماتِ الرأسمالية ، وسقوط البورصة، ومؤمرآتِ الإستعمار البريطاني ، وإتفاقياتِ ' سايكسْ - بيكو ' ، ومراسلاتِ ' حسين - مكماهون ' ، وصُلحِ ' دَعَّان ' ، واتفاقيةِ ' الطائف ' !

يا سادة ..
أينَ نحن !؟
لنهدأ قليلاً ، ونسأل ( ماذا يريدون هم منَّا ) !؟
يا سادة ..
هؤلآء بشرٌ مثلنا !
إنَّا كَمَنْ يضعُ العربةَ أمامَ الحصان .
هل سألَ أحدُنا ماذا يريدُ هادي وباسندوة مِنَّا .
يا سادة ..
إنهما يريدان شعباً بمعنى الكلمة .
فلا تُحَمِّلوهم أعباءَ الأنبياء !

وسامحونا .

عبدالكريم عبدالله عبدالوهاب نعمان .
في 18 فبراير 2012

زر الذهاب إلى الأعلى