كان الرئيس هادي خلال الفترة الماضية يراعي نفسية صالح على اعتبار انه يمر بوضع نفسي صعب يستدعي من الناحية الإنسانية قدر من المراعاة وأيضا لتجنيب اليمن كل مسببات التوتر، بالاضافة إلى نصائح تقدم للرئيس هادي بتجاهل استفزازات صالح خصوصا في مرحلة ما قبل الانتخابات..
الا ان هذه المراعاة بدأت تتراجع وتتلاشي، كلما تمادى صالح في مضايقة هادي وبما يهدد حالة الوفاق، لكن الامر اختلاف بعد الانتخابات الرئاسية فلم يعد من المقبول ان يظهر الرئيس هادي إلى جوار صالح في لقاء يديره صالح، فهذا امر يعد خرق لحالة التوافق فالرئيس هادي جاء كرئيس للبلاد يمثل كل القوى السياسية ولا يمثل المؤتمر الشعبي العام، ومحاولة إظهاره تابعا للرئيس السابق كاستمرار للوضع الذي كان قائما قبل الانتخابات لا يخدم السير نحو إخراج البلاد من الأوضاع الراهنة بل يؤدي إلى مزيد من التأزم فسيبدو الرئيس هادي امام الشعب فاقد المصداقية وعابث بالإرادة الشعبية التى اختارته رئيسا للبلاد وسيتضاءل الأمل بقدرته على قيادة البلاد في عملية التغيير المنشودة..
كان لخطاب صالح في جامع الصالح تأثيره في خلق صيغة جديدة في العلاقة بينهما بما حمله من مضامين حيث وصف صالح عملية نقل السلطة بالمؤامرة وهذا يعنى من ناحية أخرى عدم اعترافه بشرعية انتخاب هادي ولا بشرعية حكومة الوفاق وخطاب صالح يعد أيضا تراجعا مبطنا عن المبادرة الخليجية وملحقاتها..
صالح لا يدرك ان الوضع قد اختلف عقب إجراء الانتخابات فعبدربه منصور هادي لم يعد النائب اوالقائم باعمال الرئيس بل اصبح رئيسا بكامل الصلاحيات ولا مجال أمامه يسمح له بالقبول بخروقات صالح ومضايقاته وأعماله الصبيانية.
وأمام مضامين خطاب صالح كان على هادي ان يكشف لصالح حقيقة الأمور و إلى اين تتجه ليضع بذلك حدا لتصرفات صالح واستفزازته وممارساته المرفوضة فكان قراره بمنح شهداء الثورة مزايا شهداء الوطن رسالة شديدة تحمل مضامين اعتراف الرئيس بنهج الثورة وإيمانه بأهدافها والسير نحو تحقيقها، ثم أعقبه خطاب باسندوه في احتفالية الوفاء للشهداء وكان خطاب باسندوه مواكبا لروح قرار تكريم شهداء الثورة، الأمر الذي يعني ان وضع العلاقة بين هادي وصالح قد تغيرت شكلا ومضمونا وان هادي اعلان رسميا مواجهة خرف صالح، لكن انعكاسات هذا الأمر ستكون كبيرة على المؤتمر الشعبي العام، فعلى المؤتمر ان يتعامل براسين صالح من جهة وهادي من جهة أخرى، وهذا الأمر لن يطول فالمؤتمر أمام خيارين اما الاصطفاف مع الرئيس السابق أو الانحياز إلى الرئيس هادي، فان كان خيار المؤتمر التمسك بالرئيس السابق فانه بذلك سيخسر الرئيس هادي الذي سيعلن انه لا يمثل المؤتمر الشعبي العام ولا يسير وفق سياسية المؤتمر، ومن المرجح ان المؤتمر سيفضل السير مع الرئيس هادي وهذا هو الخيار المناسب والمنطقي، لان قيادة المؤتمر تدرك ان استمرار صالح في قيادة الحزب تعنى ان صالح سوف يستخدم المؤتمر ويستغله لتنفيذ رغباته الانتقامية ومؤامراته ومكائده وسيكون المؤتمر هو الخاسر في نهاية المطاف بخروجه من مسرح الحياة السياسية كحزب خائن للشعب ومتآمر على الوطن.
كل ذلك يعنى ان الأيام القادمة ستشهد حراكا داخل مؤسسات حزب المؤتمر تؤدي إلى فرز جديد ربما يفضي إلى خروج صالح من قيادة الجزب هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان مواقف الرئيس هادي الاخيرة ستفرز وضع اخر في التعامل مع صالح وعائلته والمتعاونين معه فلم يعد مقبولا استمرار عبث صالح وعائلته داخل البلاد..
وامام مواقف هادي التى ستسعى حثيثا نحو استكمال نزع تأثير صالح على مختلف الاجهزة والمؤسسات السيادية في البلاد، وامام ذلك فان صالح سيتجه إلى الضغط عبر وزراء المؤتمر والمقربين له الذين لا يزلون في مواقعهم لإحداث مزيد من التوترات وخلق الازمات امام الحكومة والرئيس الجديد..
هذه الاوضاع بمجملها ستستدعي تحركا دوليا موازنا، فان على الدول الضامنة للشعب اليمني بتنفيذ المبادرة ان تفي بالتزاماتها اتجاه اغلاق ملف الرئيس السابق بصورة نهائية، وليس امام تلك الدول من خيار سوى اجبار صالح على مغادرة البلاد والا فان الوضع مرشح لمزيد من التوترات والتصعيد في ظل استمرار عبث صالح ومن معه بأمن واستقرار الوطن..