شكلت القرارات الجمهورية الأخيرة التي أصدرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي والمتصلة بإجراء تغييرات جوهرية في القيادات العسكرية، التي ظلت مهيمنة على مقاليد الأمور في البلاد منذ أكثر من ربع قرن، وارتبطت بدرجة رئيسة بعهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فرصة لإعادة ترتيب الأوضاع المختلة في اليمن منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام قبل أكثر من عام.
لقد أدرك هادي أن بداية تصحيح الأوضاع تكمن في فك الاشتباك بين الوظيفة العامة التي تخدم الدولة والمنصب العائلي، الذي ظل حكراً على أقارب الرئيس السابق، حيث تحول هذا المنصب مع مرور السنوات إلى أشبه بإقطاعيات يرفض فيه المتنفذون ترك مناصبهم حفاظاً على إرث خاص لا إرث الدولة.
من المهم الإشارة إلى ضرورة التزام الأطراف السياسية في البلاد، بخاصة من ظل ممسكاً بالسلطة لعقود طويلة ويريد استمرار الوضع كما كان عليه قبل ثورة الشباب التي أطاحت مشروع التوريث بشكل نهائي، بالقرارات التي يصدرها الرئيس هادي، والتي تترجم الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية الخاصة بنقل السلطة، من أجل الحفاظ على اليمن والخروج الآمن من الأزمة التي طحنتها ولا تزال تطحنها منذ أكثر من عام، وعلى الجميع ألايقف حجر عثرة أمام هذه التسويات التي شرع باتخاذها هادي المدعوم بشرعية شعبية وإقليمية ودولية غير مسبوقة، حتى لايكونوا عرضة لعقوبات المجتمع الدولي.
والرئيس هادي مطالب بأن يزيد وتيرة الخطوات الكفيلة بتطبيع الأوضاع في البلاد، والتخلص من مراكز القوى والنفوذ التي سلبت الدولة هيبتها خلال فترة حكم الرئيس السابق.
يحتاج الرئيس هادي إلى مساندة قوية من قبل الأطراف السياسية كافة، وأن يستجيب كل من موقعه لخطة إعادة بناء الدولة التي فقدت هويتها خلال حكم صالح، والمطلوب أيضاً الضغط على الرئيس السابق ليستجيب لمتطلبات الوضع الجديد، وإقناعه بضرورة مغادرته المشهد السياسي خلال الفترة الانتقالية المحددة بعامين بموجب المبادرة الخليجية، لإتاحة الفرصة لهادي لمعالجة ما خلّفه نظام حكمه من صراعات وأزمات اقتصادية وسياسية مستحكمة وعدم المزايدة من خلال مطالبة الحكومة بتنفيذ إصلاحات خلال أشهر قليلة كان نظامه السبب في عدم تنفيذها خلال أكثر من 33 عاماً.