عندما وقفت ملكة اليمن بلقيس تستشير قومها في التصرف الانسب لمواجهة سليمان، لم يكن ذلك شورى فحسب؛ بل كان أيضا رحمة الحاكم العطوف بأبناء شعبه ان يقحمهم بقرار يصدره هو يدفعون ثمنه من دمائهم وأمنهم..
وعندما كان يبكي عمر بن الخطاب عن تعثر دابة في مكان ما ويسأل عنها هو لم يكن ذلك خوفا على نفسه فقط بل خوفا ورحمة بأمته كلها حتى دوابها..
ولم يكن آخر الحكام عدلاً عمر بن عبدالعزيز كثير البكاء شفقة على نفسه فحسب بل شفقة ورحمة بكل فقير وجائع وارملة ويتيم، وأمة تحمل مسؤوليتها وصار راعيها، أما هو فقد كان قبل الخلافة مضرب المثل في الشاب الأنيق المتبختر صاحب المشية العمرية ينضح عطره حيث سار راض عن أدائه وحياته حتى تسلم أمور الأمة وأنيط به الحكم وطلب منه العدل والإنصاف والسعي نحو مجد المسلمين..
والبكاء ليس دليلا على ضعف أو عجز بل هو قوة عاطفه نحو الشيء الذي نبكي لأجله ودافعا لإنقاذه والسير به إلى بر الامان.. ولأن يشعر الحاكم بشعور شعبه ويبكي لأجله فهذه مكرمه وهبة من الله..
فهل آن الأوان أن يمنحنا الله حكاما رحماء بنا وبأنفسهم ان يقصروا في واجبهم نحو الوطن.. وهل آن الأوان أن يأتي حاكما يفكر بقلبه وعقله من اجل اليمن لا ان يفكر بكرسيه وسلطته وسحق الوطن..
فهاهو باسندوة وللمرة الثانية يريق دموعه حزنا على وطنه وأمنه واستقراره، ويقول لمرات إنما تبقى من عمره ليس اكثر مما رحل، وإنه لا يريد من منصبه إلا أن يدخل التأريخ بعمل شيء لهذا الوطن وهو يمر بهذه المرحلة الحرجة من تأريخه..
قد يقول بعض المغرضين: ماذا نفعل بدموع باسندوة ومشاكلنا تتفاقم وتزداد سواء؟، ونقول متفائلين ما زينت الرحمة قلبا الا كان الصدق والاخلاص سبيلاً.. وحاكم تبكي عيناه من الرحمة أحق وأفضل من حاكم يضل يبكي شعبه بآلام الجرع والكذب الممنهج، ولنا في رسول الله قدوه حين قال، من لا يرحم لا يرحم، فلعل الله يرحم باسندوو ويعينه على أمره برحمته هذا الشعب الكادح..
بل اننا نستبشر بتلك الدموع العابرة على انها اول الغيث من الخير وبداية لعدالة الحكم والاحساس بهموم الرعية، إذ لم نعهد حاكما يبكي من اجلنا أو يصل إلى منزلة المشفق علينا، بل عهدنا حاكما قاسيا وظالما أبكانا مطولا على سوء حالنا وفلذات اكبادنا..
ولماذا لا نتفاءل بأن يكون باسندوه اردوغان اليمن وقد بداء مثل اردوغان بداية سليمة.. فهاهو ينظف بمكنسته الوجه القبيح المتسخ لصنعاء العاصمة كما زين اردوغان وجه تركيا الجميل باعماله الخدمية..