وَسَألْتُ قَارِئَةَ الوَدَعْ
كَاْنَتْ بِقَارِعَةِ الطَّرِيْقِ يَلُمُّهَا
وَجْهٌ صَبُوحٌ لَوْ غَشَىْ لَيلَاً تَوَلَّى وانْقَشَعْ
وَجْهٌ كَنُورٍ لَوْ سَكَرْ
أغْضَى وَسَامَحَ أَوْ غَفَرْ
يَأتِيكَ وَحْيَاً كَالسُّوَرْ
أَشْتَى وَأَصْيَفَ وَارْتَبَعْ
هَلْ أَنْتِ قَارِئةُ الوَدَعْ
قَالُوا لِيَ النَّاسُ اذْهَبَنْ
فِيْ قَرْيَتِيْ إَنَّ النِّسَاءَ تَحَدَّثَنْ
إِذْهَبْ إِلَيهَا إِنَّهَا عَسَلٌ تَقطَّرَ فِيْ القِصَعْ
قَالَتْ : نَعَمْ . إَنِّيْ أَنَا
كُلُّ القُرَى قَدْ طُفْتُهَا مَاهَدَّنِي غَيرُ الوَجَعْ
وَعَبَرْتُ مِنْ أَلَقِ المَوَاجِعِ بالنَّدَى
فَوْقَ المَخَاطِر وَالأَذَى
طَيرَاً يُسَافِرُ أَوْ رَجَعْ
وَالْحُبُّ فِيْ قَلْبِيْ هُدَىْ
وَالصِّدْقُ فُيْ رُوحِيْ صَدَى
جرَسَاً بِأَوْجَاعِيْ قَرَعْ
سِحْرُ الْكَهَاْنَةِ سَاْهِمٌ عِنْدي وَسِرٌّ مِنْ وَرَعْ
.. وَتَبَسَّمَتْ
قَاْلَتْ لِي : فَاجلِسْ - لَاْ تَخَفْ - جَنْبِي
فَلَسْتُ بِسَاْحِرٍ إِنِّيْ لَقَاْرِئَةً وَدَعْ
وَدَعَاْتُِنَا مِنْ عُمْرِ أَجْدَادِي الكِرَامِ
وَرَثْتُهَا عَنْ حِرْفَةٍ مِنْ وَاْلِدِي الرَّجُلِ المَطَيَّبِ وَالْوَرِعْ
فاقْعُدْ .
وَلا تَخْشََ .
فلمْ أكْذِبْ
وَلمْ أَسْرِقْ
وَلا خُنْتُ البَضَائِعَ والسِّلَعْ
حَاشَاكِ مَا قُلْتِيهِ فَاتِنَتِيْ تمتْرَسَ فِيْ فُؤَآدِيَ فَانْصَدَعْ
أَبِضِاعَتِي نَالتْ هوَىً !
قُلْ ما تَشَاءُ فَإِنَّنِيْ قَدْ قُلْتُ أَنِّيْ لَمْ أَخُنْ
كمِّلْ جَمِيلَكَ يَا فَتَىً
إِنَّ الجَمَائِلَ لَا تُزَعْ
مَاْ كُنْتُ يَومَاً حَاسِبَاً أَنِّيْ بِمَازِحَةٍ لُكَعْ
أَوْ أَنَّنِيْ خُنْتُ خَبَايَا النَّاسِ أَرْفَعُ أَوْ أَضَعْ
أَوَمَا بِجَيْبِكَ دَرْهَمٌ
تِلْكَ الحِكَايَةُ كُلُّهَا
قُمْ يَا فَتَىْ أَتْعَبْتَنِي .
خَلِّيْكَ عَنِّي وَالطَّمَعْ
فَلَقَدْ مَلَلْتُ النَّاسَ يَاهَذَا
فَمَاْ كَفٌّ تَكَرَّمَ بِالقَلِيْلِ
وَلَاْ بَدَى قَلْبٌ تَحرَّكَ أَوْ خَشَعْ
وَالنَّاْسُ أَضْحَتْ طَبْعُهَاْ
كُرْهَاً
وَحِقْداً ضارِيَاً
أَوْ نَرْجَسِيَّةَ تَصْطَرعْ
... وَجَلَسْتُ .
لِلهِ الأُمُورُ جَمِيْعُهَا
رَقَّ الْفُؤَآدُ وَمَاْ دَرَيْتُ بِمَاْ تدبَّرَ أوْ صَنَعْ ؟
وَتَبَسَّمَ الْوَجْهُ الوضِيُّ الْغَضُّ بِالأشْجَانِ وَالْهَمُّ انْدَلَعْ
وَتَنَرْجَسَتْ فِيْ عَيْنِهَا لُمَعُ الْبُرُوْقِ مِنَ الحَنِينِ
وَشَوْقُهَا غَيْثَاً يُرَاهِنُ ما انْقَطَعْ
أَلَمٌ بِثَغْرٍ مِنْ ضَنَىْ
وَبِوَجْنَتَيْهَاْ طَافَ بِيْ أَمْسَ الشَّبَابِ
مَنَابِتُ الحِرْزِ الحَلِيمِ
ومَاطِرَاً سِرَّاً وَسِحْراً قَدْ فَضَعْ
حَوَرٌ يَرِفُّ بِطَرْفِهَا
شَهْلَآءُ يَكْحُلُ رَمْشَهَا نَزَقٌ يُقَطِّعُهَا قِطَعْ
النُّورُ رَاحَ بِخَدِّهَاْ طِفْلاً
يُقَصْقِصُهَا صَبَاحَاتٍ وَشِعْرَاً مِنْ مُتَعْ
يَا لَيْلُ فَابْقَ أَوْ فَرُحْ !..
هَذَا الصَّبَاحُ وشَمْسُهُ فِيْ وَجْهِ قَارِئَةِ الوَدَعْ
وَالطَّلُّ فِيْ وَرَقُ الوُرُودِ بِكَفِّهَا
مُدُنَاً
وَعُصفُوْرَاً رَجَعْ
قَلبِي فَزَعْ
وَالنَّبْضُ فِيْهِ قَدْ تَرَعْ
مِنْ رَجْفَةٍ فِيْ رُوْحِهَاْ
نَارَاً وَبُرْكَاْنَاً وَأَمْطَارَاً وَإعْصَاْراً شَرَعْ
فَغَمَتْ مَبَاخِرُ للكَوَاذِي بِصدرِهَا
كجُمَانَتَينِ وَماسَتينِ قَدِ ارْتَفَعْ
وَنَبِيذُهَا فِيْ ثَغْرِهَا زَارَ المَحَارِمَ فَانْتَفَعْ
وَشَقَائِقُ النُّعْمَانِ فِيْ الشَّفَتَينِ طَوْعَاً قَدْ رَكَعْ
فِيْ كِتْفِهَاْ عصفورَةٌ نَامَتْ عَلَىْ أَحْلامِهَا أمْنَاً
وَطَيرٌ قَدْ هَجَعْ
فَتَنَفَّسَتْ رُوْحِيْ كَشَاةٍ تَرْتَعِيْ .
قَلْبِيْ ( تَزَنْقَلَ ) وَ ( ابْتَرَعْ )
وَالنَّفْسُ رَاحَتْ مِثلَمَا حَمَلٍ تَشَلْشلَ إِذْ رَتَعْ
وَمَدَاْئِحُ الْعُشَّاْقِ قَدْ شَاقَتْ لَهَا
فَعَلِمْتُ أَنَّ الْعِشْقَ ذَلَّ مَنِ امْتَنَعْ
وَمَدَاْمِعُ الْأَحْدَاْقِ قَدْ غَرَقَتْ
وَلَاْ عَرَفَ المَجَامِرَ فِيْ العِيُونِ كَمَنْ دَمَعْ
قَدْ بَسْمَلَتْ .
هِيَّا اصْمُتُوا !
وَرَنَتْ إلَيَّ بُرْهَةً
كَالنَّجْمِ خَوْفَاً لَوْ طَلَعْ
فَرَمَتْ عَلَى قِلبِي حِجَارَ مَزَادِهَا
وَتَفَرَّسَتْ فِيْ أعْيُنَ الْأصْدَافِ
رَاْنَتْ سَاعَةً
لّمَّا تَقَعْ
فِيْ عَيْنُهَا عَيْنِيْ
وَخَدٌّ يَرْتَمِي فِيْ كَفِّهَاْ
مِنْ خَوْفِهَا !
مِنْ فَرْحِهَا !
مِنْ هَوْلِ قَارِعَةِ الْجَزَعْ !
كمْ قَلَّبَتْ فَوْقَ الحِجَارِ أَنَامِلاً
كمْ تَمْتَمَتْ
كمْ حَاوَلَتْ
مَا عَادَ فِيْ أَصْدَائِهَا مَا تَنْتَقِيْ
أْوْ تَتَقِيْ
أوْ مَا تَدَعْ
مَاذَاْ تَرَيْنَ مَلِيْحَتِيْ
إِنَّيْ أرَى حُزْنَاً مِساحَتُهُ طَوىْ
دُنيَا بِهَا أَمْنُ المَحَارِيبِ جَزَعْ !
سَرَحَتْ تُقَلِّبُ كَفَّهَا
مَاذَا تَرَيْنَ ؟
قِيَامَةً !
نَظَرَتْ إليَّ بُرْهَةً
قَاْلَتْ : تَمَهَّلْ يَا فَتَى ..
الْخَرْقُ فِيْ الثَّوْبِ اتَّسَعْ
الثَّوْبُ رَثٌّ نَسْجُهُ
مَاْ عَادَ رَفٌّ نَافِعٌ أَوْ عَادَ تَنْفَعُهُ الرُّقَعْ
وَالْكَوْنُ ضَاقَ كَخَاْتَمٍ مَهْمَاْ تَمَدَّدَ وَاتَّسَعْ
حُلمٌ كَحُلْمِكَ يا فَتَى
نَارَاً وَجْمَرَا لَوْ أَتَتْ بَحْرَاً وَغَيمَاً لَا تَدَعْ
فِيْ البَحْرِ إِلا مِلْحَهُ وَالْغَيْمَ إِلا كَالبُقَعْ
الْخَرْقُ وَالجُرْحُ اتَّسَعْ
حَتَّى المَسَافَةَ تَنْطَوِيْ تَحْتَ المجَانَةِ والصَّرَعْ
إنْ كَانَ فِيْ وَدَعِ الطَّوَالِعِ نَحْسُهُ
أَوْ شُؤْمُهُ
أَوْ أَنَّ نَجْماً قَدْ وَقَعْ
قُولِيْ
فَلَاْ كُنْتُ
وَلَاْ كُنْتِ
وَلَاْ نَجَمٌ طَلَعْ
فالخَوْفُ مَا خَافَ الْفَتَى فِيمَا بِقَلْبِهِ قَدْ زَرَعْ
وَالْأمْنُ مَا فِيْ رَوْعِهِ شَاءَ الشُّجَاعُ أَوِ اخْتَرَعْ
الْخَرقُ وَالجُرْحُ اتَّسَعْ
الْخَرْقُ وَالجُرْحُ اتَّسَعْ
كُفِّيْ سِيَاْطَكِ عَنْ مُجَالَدَتِيْ
فَإِنِّيْ رَاحِلٌ
وَالوَجْهُ مِنِّيْ قَدْ بَشَعْ
هَيَّا افْصِحِيْ . أرْهَقْتِنِيْ
فالْجُرْحُ قَاحَ وهَدَّنِي وجَعٌ يُنَافِسُهُ الوَجَعْ
قَاْلَتْ تَمَهَّلْ قَدْ تَسَرْطَنَتِ الجُرُوحُ
تَعَرَّجَتْ
وَتَشَرْيَنَتْ
والسُّمُّ وَالَى وَانْتَقَعْ
وَدَوَاؤُهُ لَيْسَ الأنِينُ
أوِالدُّمُوعُ
أوِالصِّرَاخُ الْمُرْتَفِعْ
دَاْوِي الْجُروحَ وَشُقَّهَا مِنْ عُمْقِهَا أَوْ فَلْتَدَعْ
ثُمَّ اكْوِهِ كَيَّ الطَّبِيْبِ إذَاْ بَرَعْ
دَمْعٌ قَلِيْلٌ
إوْ بُكَآءٌ نَاْحِبٌ
إلَّاْ لِعَافِيَةٍ شَفَعْ
وَارْحَلْ لِبَحْرِ الْخَيْرِ فَتِّشْ فِيْ شِوَاْطِئِهِ
تَرَ سِرَّ الْبِدَعْ
تَلْقَى مَحَارَاً مِلْءَ حَوزَتِهَا
حَوَارِيَّاً بِأَصْدَافٍ
وَحُرَّاً لُؤْلُؤاً صَافٍ تَزَاحَمَ وَانْدَفَعْ
خُذْ واشْتَرِيْ مِنْهُ وَحَاذِرْ أَنْ تُرَاهِنَ مَنْ خدَعْ
مُسْتَوْدَعُ الْبَحْرِ الرَّهِيبِ آِذَا بَدَى
قَلْبُ الشُّجَاعِ لَهُ خَضَعْ
مَاْسُ الْمَنَاْجِمِ يُرْتَجِىْ فِيْ جَوْفِهَا
إلا إَذَا مِنْ نَارِهَا أنْ يُصْطَنَعْ
يَلْقَى بِهَا قَلْبَ الشُّمُوْسِ
وَيَرْتَضِيْ مُنْ تَاجِهَا تَاجَاً ترصَّعَ بِالوَجَعْ
إَنْ شِئْتَ مُنْتَجَعَاً فَفِيْ بَطْنِ السُّفُوحِ مَنَاجِعٌ
إِنْ شِئْتَ حَسْبُكَ مُتَّسَعْ
.. وَدَّعْتُهَا
وَمَسَحَتُ رُوحِيْ فِيْ دُمُوعِ حَرِيقِهَا
وَرَجِعْتُ دَاْرِي إَنَّمَا قَلْبِيْ ودارَيْ مَاْرَجَعْ
عبدالكريم عبدالله عبدالوهاب نعمان
فرچينيا - الولايات المتحدة الإمريكية
20 إبريل 2012