[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

جمال بن عمر والكعكة المسمومة!

في كل مرة أرى أو أسمع فيها المبعوث الدولي الخاص باليمن جمال بن عمر أكاد لا أفهم شيئا! ولا تبين أحاديثه عن وضوح في الرؤية والغاية، أو فهم في الوسائل والتفاصيل.

ربما شعرت أن هذا النمط من الرجال، هو المطلوب والمفضل على غيره من رسل ومبعوثي الأمم المتحدة لتقصّي أزمات العالم واقتراح معالجاتها.. هذا النمط الذي يغمرُ الحياءُ إطلالة وجهه، وترتسم الحيرة دوما على محيّاه، وتتعثر الحروف والكلمات بين شفتيه، كان يمكن أن يكون فنانا أو حتى شاعرا، وربما سفيرا هادئا في دولة نائمة ناعسة! وليس في بلد مثل اليمن، البركان الثائر دوما، والصخب الذي يبلغ عنان السماء في كل وقت!

هذا الرجل الطيب، والمحترم، شاء حظه أو حظ اليمن أن يكون مبعوث العالم كله وليس مبعوث الأمم المتحدة فقط كما قد يظن البعض إلى اليمن. وهي مهمة جليلةٌ وخطيرة، ولكن أكثر الناس لا يعلمون وفي طليعتهم المبعوث الطيب والخجول أكثر مما يجب!

الأرجح أن المبعوث الدولي الطيب لا يعرف أن ما تزرعه يداه الآن على ثرى هذه البلاد سيشكل مستقبلها، ويصنع قادم أيامها، وأن الكلمة منه-والتي لم نسمعها بعد- هي لبنةُ مؤسٍّسة وركنٌ مهم في صرح البناء الذي نريده، والمستقبل الذي نأمله لليمن الجديد.

يصل جمال بن عمر إلى صنعاء، فتتناوشهُ الأيدي، والدعوات، والأحزاب، واللقاءات والمآدب، وحتى الزعامات بلا زعامة! وهي كثيرة في بلادنا منذ قال قائلها " إن البُغاث بأرضنا يستنسر"!

وفي غمرة مشاغل الرجل ، واندهاشه بين أنواع البُغاث والجوارح، وحتى الثعابين-ينسى الأهم! ينسى اللقاء بشباب الساحات اليمنية الثائرة، والأرجح أنّه اعتذر عن اللقاء حتى كتابة هذه السطور!

لا أحب -وأنا أكتب- أن أقول لأحد يجب أو لا يجب! وخاصة وأنا أخاطب رجلا شديد الطيبة والسكينة الزائدة عن الحد مثل جمال بن عمر! لكنني أحب فقط أن أذكّره فحسب بأن الشباب الثائر في الساحات هو الوردة الوحيدة الرائعة و المتوحشة في حديقة الرماد الكبرى التي نعيش دقائق غبارها الآن، وسراب سوادها اللامع في بيداء الوقت البطيء الثقيل.

وحدهم شباب اليمن الثائر في الساحات من تعوّل عليهم البلاد، وهم يحملون أحلام الملايين بين جوانحهم في التقدم، والكرامة، ومدنية الدولة، نظاما وقانونا، وعدالةً ومساواة.

لا، ليست اليمن كعكة يمكن تقسيمها بين زعامات أو قادة، أو أحزاب، إرضاءً لفلان، أو إهداءً لعلان، ولو كانت كذلك، إذن، لكانت الكعكة المسمومة التي لن يبرأ اليمن بعدها أبدا.
اليمن ليست كعكة أحد، حتى يجهَز عليها بسكين الجشع الذي لا يشبع، أو بشوكة الطمع الذي لا يقنع.

تذكّر دائما أيها الرجل الطيب أنك تمثّل ضمير العالم، وأنك إذا ما حققت نجاحا حقيقيا في مضمار أحلام الشعب اليمني فإن ذلك سيكون أفضل ما يمكن أن تنجزه في حياتك.

أتمنى أيّها الرجل الطيب جمال بن عمر، لو أنّ بارقةً من محيّا جمال عبدالناصر تلوح على سيماك، أو عزيمةً من عزائم عمر بن الخطاب تضيءُ على مسراك،.. أقول ذلك لأن اسمك يظل أجمل ما فيك!

زر الذهاب إلى الأعلى