يتحدث التيار الإسلامي في اليمن بإسهاب وإعجاب عن التجربة التركية والتونسية ثم المصرية أخيرا. يتحدثون ورؤوسهم وعيونهم تذرع الفضاء تيها، وفخرا، واعتزازا، بينما أقدامهم عالقة على الأرض بقيود وسلاسل واقعٍ مريرٍ ومختلف، هو أقرب إلى مستنقع آسن يشدّهم إلى قاعٍ بلا قرار، وهاوية بلا نهاية.
وفي الواقع، أن أقدام الكل في اليمن وبلا استثناء عالقة، بينما رؤوسهم وأعناقهم مشرئبّة نحو حلمٍ لا يجيء، وضوءٍ لا يطل!
ثورة التغيير في اليمن قابعة في انتظار ما لا يجيء! بينما النخب كامنةٌ مثل صياد، وليس ثمّة طريدة سوى الشعب وأحلامه في تغيّرٍ حقيقي، يحقق العدالة، والحرية، والكرامة، بينما أعداء التغيير ما يزالون يعيثون فسادا، ويعبثون بكل قيمة ومعنى.. ما دامت القوة والمال بأيديهم، عبر فكرة قاتلة هي تقاسم السلطة! وعبر مبعوث دولي لا يفعل شيئا!
شتّان بين ما هو حاصل في مصر وما نحن عالقون بين براثنه وأنيابه! ما يفصلنا عن مصر ليس مجرد أربعة آلاف كيلومتر، بل أربعمائة سنة أيضا! أقول ذلك لأننا _كما يبدو_ ما نزال في طور مجتمع اللادولة! فالدولة عادة تفرض سلطتها وهيبتها وقانونها على كامل ترابها، وشعبها، وإلا فهي دولة فاشلة كما يقال! أو رخوة كما يشار!
ليت أنا وقفنا عند منحدر الدولة الفاشلة أو الرخوة! فنحن تجاوزنا ذلك إلى حافة هاويةٍ بلا اسمٍ أو تعريف! فعندما ينقسم الجيش، وبعض فصائله تقطع الطريق، وبأموال الشعب، بعد أن أغمضت عيونها عن قاطع الكهرباء والنفط! ولمدة سنةٍ ونصف.. ولا يتم تنفيذ أوامر رئيس الجمهورية.. ماذا يمكن أن يسمي العالم هذا الوضع !؟ ومع ذلك غضب أحدهم من هيكل حينما تحدّث عن الدولة والثورة في اليمن.. وشتمه من على منبر الجمعة وفي ساحة الثورة!
نريد من الإصلاح أن يفسح المجال للأجيال الجديدة فيه.. نقول ذلك حرصا على استمرارية الثورة، وتجددها، وائتلاف شملها.
لقد فزعتُ حين اكتشفت أن بعضا من شباب الساحات اليمنية كان يحبّذ فوز شفيق على مرسي! لا حبّا في شفيق بل خوفا من مرسي !
مرسي اليمن عليه أن يتغير أيضا!
ألا نقول دائما أنها ثورة التغيير!
صحيح أن تغيرّا مهما قد حدث لدى الجميع في ساحات الثورة وميادينها، بعد أن وحّدتهم أماسي النار، وصباحات الدم والتضحيات والآمال في غد أفضل وأجمل.. لكن التغير لم يحدث كما يجب.. وأظن أنه لو حدث كما يجب_ ولدى الإصلاح أكثر من غيره_ إذا.. لتغيّرت أمور كثيرة، وائتلفت أغصانٌ متنافرة، وأزهرت براعم كانت مقفلةً واجمة!
في اليمن، الوقت يمر بطيئا ثقيلا دون تغيير يُذكر. الكل قابع في الظلام، ينتظر ما لا يجيء.. أو حتى يلوح!
من أوصلنا إلى هنا؟! إنهم أعداء التغيير والتقدم.. إنهم الجدعان الأربعة!
لكن يومهم قريب، ونهايتهم ظاهرة.. ولأنهم لا يقرؤون التاريخ، ولا يعتبرون بالأحداث، فقد غشيت عيونهم اللحظة، ولكن هيهات للحظةٍ تحاول أن تصبح دهرا.. إنها مجرد لحظة أو غمضة في الزمان الجديد الذي نريده.