طفت على سطح الحياة السياسية اليمنية والاهتمام الإعلامي (المحلي والخارجي), قضية ازدياد التدخل الإيراني في اليمن وضاعفها الكشف عن خلية تجسس يقودها ضابط سابق بالحرس الثوري وتحت غطاء استثماري.
يقلقني أن تكون القضية لمجرد الاستهلاك الاعلامي كسابقاتها في عهد النظام السابق, ولا يتم تقديم دلائل دامغة واطلاع الشعب والرأي العام على حقائق لاتقبل الشك, كتقديم أفراد الخلية لمحاكمة علنية تلتزم بالمعايير المتعارف عليها دولياً لأي محاكمة عادلة, وهذا يتطلب شغلاً محترماً ومهنياً من قبل أجهزة النيابة العامة والمخابرات والأمن.
غالبيتنا يعرف أن إيران تشتغل في اليمن انطلاقاً من طهران وبيروت ودمشق وصعدة وصنعاء لتشمل تعز وعدن والحديدة وحضرموت وغيرها.
وأعرف أن أحد مسؤولي سفارة إيران بصنعاء التقوا عقب توقيع المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية بالرياض في نوفمبر الماضي بمجموعة صحفيين وناشطين وقال لهم إن بلاده على استعداد لتمويل أي أفراد وجماعات ستعمل على إفشال المبادرة والتسوية السياسية التي سيكون البديل لها حرباً أهلية ستكلف اليمن الكثير.
وليس ما تسرب من معلومات خلال الأشهر الأخيرة إلا غيض من فيض, وبالطبع هناك (شغل) من جانب سفارات عربية وأجنبية أخرى تعمل في المقابل لأجل تحقيق مصالحها بصورة أو بأخرى.لكن إيران لم نجد منها أي مبادرات لمساعدة اليمن تنموياً وفي البنية التحتية ولم يكن لها سوى مستشفى ومركز صحي يتيمين في صنعاء.
حتى محافظة صعدة رغم اختطافها من وكلاء إيران, جماعة الحوثي, لكنها تسيّر خدماتها وتدفع مرتبات موظفيها من الخزينة العامة للدولة اليمنية وليس خزينة الجمهورية الإسلامية،حينما كان يتم الاتفاق على إعادة إعمار صعدة بعد الحروب الست التي شهدتها المحافظة لم تبادر جمهورية إيران للإعلان عن أي مساهمة في هذا الجانب, يعني أن إيران فقط, تقوم بتمويل جماعات وأفراد وللتخندق وراء غطاء المذهب الشيعي وهو منها براء والدفاع عن مصالح سياسية خاصة بها كدولة ولا تخدم اليمن واليمنيين بأي وجه من الأوجه.الغريب, هو فيمن يدعون حرصهم على استقلالية اليمن وسيادتها وعلى مدنية الدولة اليمنية التي ستتمخض عن نضال اليمنيين وشبابهم وثورتهم السلمية، فيما يتناقضون مع ذلك من خلال موقفهم الرافض للثورة في سوريا ودفاعهم عن نظام الديكتاتور بشار الأسد.
وأيضاً, يعيث الحوثيون فساداً في صعدة ويخنقون المختلفين معهم سياسياً ومذهبياً بصورة جنونية وصلت حد إحراق مدارس تحفيظ القرآن ومداهمتها واعتقال مدرسيها وطلابها والنكث بالاتفاقات في حجة والجوف, فيما لم نسمع أي إدانة من أدعياء حقوق الانسان والمدنية وحرية الرأي والمعتقد.
لقد وقفنا وكتبنا لسنوات مع الحوثيين كمظلومين, وهاهم يتحولون إلى طغاة وظلمة وديكتاتوريين بصورة أسوأ من ظالميهم.
ولو كان الاصلاح أو غيرهم هم من حرموا الأغاني وداهموا المنازل التي يسمع منها صوت الأغاني, وقاموا بجباية المواطنين وفرض (الخمس) ولو يخوضون مواجهات في حجة وغيرها لفرض سيطرتهم بقوة السلاح, لتقافز الكثير من الأدعياء للعويل والاستنكار والتنديد بالاصلاح والفرقة منتهكي الحقوق والحريات والذين ينصبون محاكم التفتيش ويسيطرون ويمنعون قيام حلم الثوار بالدولة المدنية ويريدون خوض مؤتمر الحوار الوطني كممثلين لمذهب ومحافظة ولا زالوا جماعة مسلحة ترفض تسليم السلاح للدولة والامتثال للنظام والقانون والرضوخ لإرادة الشعب والثوار.
أرفض التدخل الأجنبي وأي محاولات للتدخل والوصاية بعيداً عن القنوات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية المتعارف عليها, ومثل ذلك نرفض تدخل إيران ووصايتها على صعدة المحافظة أو المذهب الزيدي البريء منها والثورة السلمية وشبابها.
نرفض انتهاكات الحوثي للحقوق والحريات وتضييق مليشياته الخناق على المختلفين معه سياسياً ومذهبياً وتزمته وتطرفه بمنع الأغاني وغيرها من الاجراءات والتصرفات.
وندعوه للتخلي عن سلاحه ومليشياته المسلحة قبل الحديث وليس المشاركة فقط في الحوار الوطني وتأكيداً لرغبته بدولة مدنية حقيقية وليس كما يريد هو وحسب مقاساته والمؤيدين له.