أعجبني رفض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي استقبال مبعوث الرئيس الإيراني لحضور قمة حركة عدم الانحياز التي ستعقد في طهران الشهر الجاري احتجاجاً على تدخلات إيران في شؤون بلاده الداخلية، حيث تم كشف شبكة تجسس قبل أسابيع تقودها إيران في العاصمة صنعاء عن طريق قائد سابق بالحرس الثوري الإيراني، وهي بمثابة الرسالة الواضحة للنظام الإيراني تعبر عن استياء صنعاء من سياسة طهران بشأن اليمن والتدخلات في الشأن اليمن الداخلي.
إن الموقف اليمني والتهديد المباشر لإيران في كلمة الرئيس هادي خلال تخريجه دفعة من الضباط اليمنيين ومطالبتها بعدم التدخل في شؤون اليمن جعل المبعوث الإيراني يؤكد خلال لقائه وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي أن طهران تحترم سيادة اليمن وأنها لن تتدخل في شؤونها الداخلية، وهذا الموقف الإيراني من الرئيس أحمدي نجاد جاء بعد التهديد اليمني بأن الرد على شبكة التجسس سيكون قاسياً وهي محاولة يائسة لحل الأزمة التي نشبت بين البلدين مؤخراً بعد اكتشاف الخلية.
لا ألوم اليمن وقيادتها من موقفها تجاه التدخل الإيراني في شؤونها لأن الخلية التي تم اكتشافها لم تكن الأولى، فقد سبق أن تمت محاكمة خلية من أربعة جواسيس في العام 2009 كانت إيران هي من تحرضهم، وتلتها عمليات تجسس أخرى تمتد منذ العام 1994، ويعني ذلك أن إيران لا تريد الخير والاستقرار لليمن، وهي تسعى من ذلك للضغط على دول الخليج من جنوبها العربي لمعرفتها مدى حساسية موقع اليمن بالنسبة لدول مجلس التعاون خصوصاً المملكة العربية السعودية.
كانت مقولة الرئيس اليمني قوية وصريحة لا تقبل اللبس أو التأويل، حين قال لإيران “نقول لكم كفى”، حتى أن هادي المعروف عنه الهدوء قد خرج عن صمته وهدوئه المعهود لدى اليمنيين وكانت كلماته التي وجهها للنظام الإيراني قد آتت مفعولها سريعاً وجعل طهران ترضخ لمكانة اليمن وقوتها وتبعث دعوة للرئيس عبدربه لحضور قمة حركة عدم الانحياز وهي كما يقال “عذر أقبح من ذنب”، إلا أن الرد جاء سريعاً وبلا تردد أيضاً من الرئيس اليمني الذي بدأت شعبيته تكبر حين يعبر في مواقفه عن نبض الشارع وبما يمليه عليه ضميره الوطني في مواجهة من يكيد ببلاده ويحيك لها الدسائس.
إن الجمهورية الإيرانية التي يتحكم بها الملالي لم تتدخل في اليمن فقط بخلية تجسس هنا أو هناك بل إنها متورطة بالأدلة في دعم الحوثيين بالمال والسلاح وحتى المقاتلين لمواجهة الجيش اليمني في محاولة منهم للانفصال عن الوطن الأم وتكوين دويلة مستقلة لهم تدين بالولاء لإيران، كما إن طهران تسعى لدعم انفصال الجنوب عن طريق التنسيق مع رئيسها السابق علي سالم البيض وعرقلة المبادرة الخليجية التي أخرجت اليمن من أزمة كادت أن تودي إلى حرب أهلية، كانت تريد إيران وغيرها أن تقع على أرض اليمن السعيد، إلا أن إرادة الله سبحانه ووقوف دول الخليج ووعي النخب والقوى السياسية والشعب اليمني حال دون ذلك.
بعد أن قام الرئيس اليمني بإحراج مبعوث نجاد وعدم اللقاء به وعودته خائباً منكس الرأس بدا واضحاً أن إيران تأتي لمن يهينها ويذلها ويهددها صراحة وبشكل مباشر، وهو ما يجب على دول مجلس التعاون أن تتبعه مع هذه الدولة الخبيثة وأن لا تستخدم لغة الدبلوماسية معها لأنها لا تحترم الجوار، وبالتالي ما نتمناه أن ترفض السعودية والبحرين الدعوة التي وجهها لهما الرئيس نجاد لحضور قمة حركة عدم الانحياز بسبب انحياز إيران وتحريضها جماعات لزعزعة أمن واستقرار دول المجلس واليمن، وهو ما يجب معه أن تدرك القيادات السياسية حجم الخطر الذي تشكله إيران على أمنها القومي ووجودها في الخليج الذي مازالت بعنصريتها تسميه “خليج فارس”.
- همسة..
طالبت سابقاً وسأبقى كذلك أن يتم اتخاذ موقف خليجي يمني موحد، بل وعربي، ضد إيران وقطع العلاقة معها وعليها أن تعرف حجمها وأن لا تدس أنفها في شؤون بلداننا الداخلية وإن وصل إلى المواجهة معها عسكرياً.. رغم ما تقوم به إيران ستقوم سلطنة عُمان بتسيير رحلات جوية مباشرة إلى طهران!