[esi views ttl="1"]
آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

سقوط الأقنعة بين السودان وإيران

السودان لا يمكن أن يغيب عن الجغرافيا السياسية والاقتصادية العربية، لأنه يتمتع بعمق هام عربي وأفريقي ولديه كل الظروف التي تجعله قوة نفوذ مادي بثرواته الهائلة، والقابلة أن تكون أهم رافد اقتصادي له وللوطن العربي، ومحيطه الأفريقي، لكن غيابه وتهميشه هذا الدور من قبل الانقلابيين العسكر حوله إلى دولة هامشية لا ترقى لدور دول شبه مجهرية في المنطقة وخارجها..

السودان يمر بحالة فقدان التوازن عندما فقد صداقته العربية وخاصة دول الخليج العربي التي تعرف دقائق تحالفه مع إيران عسكرياً وسياسياً، ولا ندري هل الدافع تحدي هذه الدول بتحويل بلده قاعدة مذهبية حين انتشرت المراكز الثقافية والحسينيات الإيرانية تنطلق عربياً وأفريقياً، وتعليل مسألة لجوء البشير لإيران جاء بسبب عزلته ليس صحيحاً، فكل الدول العربية بادرت أن تكون ذات علاقات أخوية تنسجم مع المواقف، وتتعامل مع المصالح بروح طبيعية غير منغلقة الأبواب والمنافذ..

ليس وجود قوات بحرية إيرانية في السودان، وبعد تدمير مصنع اليرموك، حالة عادية أو رمزية، بل إعلان إثبات أن البلدين على خط واحد في الشراكة العسكرية وأن الضربة هي تمرين قامت به إسرائيل، وقطعت المسافات البعيدة لتحاكي فيها ضرب إيران، وهو تحليل قابل للقراءة بشكل آخر أي إن إسرائيل قامت بعملها لترسل خطاب تهديد لإيران، والمشكل في حكومة البشير أن لجوءها لدولة تتقاطع سياسياً وأمنياً مع معظم الدول العربية لا يوجد له مبرر منطقي، أي إن ما تقوم به إيران بدعم الحوثيين وحزب الله والقفز لدول آسيا الوسطى وأفريقيا وتوسيع دائرة الطائفة الشيعية أمام الكثرة الإسلامية، يذكرنا بعسكرة معظم دول العالم بالحزام الشيوعي، والذي انتهى مع آخر محطة للاتحاد السوفيتي، لكن أن يحدث تحالف مع السودان فالأمر مختلف، أي يضع هذا البلد على قائمة التشكيك بأهدافه وتطلعاته..

الشيء الذي كشف صورة الحكومة السودانية، أنها في ضرب مصنع الأدوية التف الشارع وحتى المعارضون حولها، عكس ما حدث مع مصنع اليرموك العسكري، فقد فقدت التأييد وحتى التعاطف الداخلي والعربي والأفريقي، وهذا يكشف مدى الصورة المعاكسة لحكومة الخرطوم، مما ينعكس سلباً عليها..

فإيران تمر بظروف حصار وقلاقل داخلية ومواردها المادية أصبحت شحيحة في سد احتياجاتها الداخلية، والسودان بثرواته الكبيرة إذا لم يواز إيران بها فهو يتفوق عليها لكن ذلك يحتاج إلى عقل سياسي واقتصادي راجح، وقادر على فتح الأبواب للمستثمر العربي الخليجي والأجنبي، غير أن ضيق الأفق، وخلق العداوات والصراع، والالتفاف على المواقف بسذاجة التحالفات الضارة فوتت عليه هذه المكاسب..

سوريا لم تعلن بشكل مكشوف تحالفها مع إيران إلا ما ادعت أنهما في خندق المقاومة والممانعة ككذبة كبرى، لكن السودان ليس لديه نفس التعليل لفقدان مصداقيته وحقيقة ما يقوم به من سياسة ساذجة..

زر الذهاب إلى الأعلى