العاصمة صنعاء، تنام وتصحو على بكاء الثكالى؛ بكاء كل أم، وزوج، وطفل، فقدوا عزيزا لهم دون أن يُعرف الجاني، وأنت يا أيها الذي ارتضيناك حاكم الضرورة، تحيط نفسك بسياجات أمنية حصينة ومتعددة، لا يقدر على تجاوزها عفريت من جن النبي سليمان أو صنديد من فتية الحسن بن صباح، صاحب قلعة ألمُوت!!
صنعاء التي أغرقتها القبيلة بصنوف أسلحتها المختلفة، ونامت عن واجباتها من كانت توصف بالعيون الساهرة، وتخاذل عن إنقاذها الساسة الذين تفانوا في خسيس المغنم؛ تناديك اليوم، باعتبارك الراعي الأول في اليمن -أو هكذا نظن، وبعض الظن إثم- أن تضطلع بمسئولياتك الدينية والأخلاقية لتؤمِّنها وتؤمن اليمن كلها من خوف صنعته أيدي من لا يخافون الله، ومن لا تطالهم عدالة الشرع والقانون الذين اغتالتهما رؤوس البهائم وفجاجة الأعراف.
أيها الراعي الكريم عبدربه منصور هادي، صنعاء مخزن كبير للأسلحة المختلفة، وساحة للاغتيالات السياسية والثارات القبلية، وسوق سوداء وحمراء وغبراء مكتظة بالسماسرة والأفاقين والمافيا وبائعي الذمم والنفوس، حتى أننا كدنا نقول: إنها مثل كابول، أو قندهار، أو مقديشو، أو ميانمار!!
المسلحون غير النظاميين يملأون الشوارع، والأزقة، والحدائق، والفنادق، والنوادي، والمدارس، والجامعات، ومرافقة الخدمات العامة، أما السيارات غير المرقمة والدراجات النارية التي تكاثرت كذباب الصيف؛ فهي الخطر الذي يمر أمام أعيننا ونعلم فداحته، ولم نرَ مواجهة حكومية صارمة لمثل هذه الظاهرة، أما رجال الأمن الذين أنيط بهم حماية المواطن؛ فهم يخافون من هذا الوضع أعظم مما يبديه المواطن من الخوف ذاته.
الدوريات المتحركة، والنقاط الخدمات الثابتة شحيحة، والقائم منها غير مؤهل أو مدرب، وغير منظم، والحس الأمني لدى هؤلاء الجنود منعدمٌ البتة، أما هيبة رجل الأمن؛ فلم يعد لها من أثر، وهي كما هو معروف في النظم الأمنية أول الأسلحة وأمضاها.
اليوم، صرنا في اليمن نخاف على نفوسنا من رصاصة طائشة أو مقصودة أو دراجة نارية أو عادية، ونخاف على أولادنا من سائق متهور لا يجد من يردعه، ومن ميت ضمير استباح القتل في سبيل أرخص الأشياء وأتفهها، ومن مسئول لا يعي المسئولية؛ فغادر موقع عمله يلهث وراء مصالح دنياه الفانية وأغلق هاتفه في وجه مواطن يسأله عن حقه عليه .
الأمن أيها الرئيس.. وأبعدك الله عن خيانة رعيتك.