أرشيف الرأي

موالون للخارج يلتقون لفك الارتباط

رأي العين هي الحشود في الجنوب للتصالح والتسامح وبشعار محدد (الحب فيما بيننا كجنوب الكراهية للشمال، والوحدة في الجنوب والانفصال عن الشمال) هذه هي الرسالة التي قدمتها الحشود المليونية أو الألفية كل ذلك لا يهم أمام حقيقة واضحة أن ثمة قوى انفصال صوتها أكبر من أن نغالطه أو نتجاهله، وينبغي التعامل معه بجدية ووضوح بعيداً عن خداع الذات وخداع وطن.

ما لم يبرز الصوت الوحدوي الجنوبي في اليمن كظاهرة أكبر حضوراً ويخرج إلى دائرة الضوء ويعمل بوتيرة متسارعة على تقديم نفسه كمنتمٍ للوحدة من قلب الجنوب. أو الانفصال ولا ضير في ذلك، فالوحدة ليست بالقوة وما ينبغي لها أن تكون، ومن حق الولد أن يستقل عن أبيه فما بالنا بجهة تنفصل عن أخرى. أقول هذا حتى لا نصل بالوطن إلى مرحلة اختناق وفوضى وإرهاق حال وتبديد إمكانيات، وحتى لا تبلغ الكراهية مبلغاً لا يستطيع بعدها أن يحب أحد أحداً.

ومما يحز في النفس أن الذين مع الوحدة الوطنية من جنوبنا الحبيب لا يحددون ما الذي يجب عليهم أن يقوموا به إزاء معترك الوحدة والانفصال، فالبعض منهم قلوبهم مع الوحدة وسيوفهم مع الانفصال، وبمعنى آخر يريدون خيرات الوحدة ورضا الجنوب. لذلك موقفهم على استحياء من طروحات الحراك الخاص بفك الارتباط إن لم يكن البعض قد أغرته التطورات، فذهب إلى مواقع هو ليس مقتنع بها، لكنها التطورات التي تدفع باتجاه الحديث عن الانفصال. ولعلنا نرى ما يجري اليوم على أرض الواقع حيث الأرض بتتكلم جنوبي وتتحدث عن قوة حقيقية، فيما نجد وحدوي الجنوب صامتين أكانوا ملايين أم عشرات هذا لا يهم.

وما نريده أن تكون الديمقراطية هي التي تقدم نفسها وأن يقدم الطرف المقابل ل (حراك فك الارتباط) نفسه بثقة ويرينا مقدار حضوره كنوع من التصويت الشكلي لما هو قائم، أما أن نظل نبحث عن تسويفات ومسوغات حوار وطرائق حلول ومعالجات موضعية وقفز على الواقع وحوار بلا محددات وبلا وضوح، فكل ذلك يزيد الطين بلة ولا نريد حواراً كهذا ولا نرجوه مادام وهو تعبير عن أفراد وليس قناعات جماهير، وهروب من المشكلة وليس حلاً لها.

وإذا لا سبيل للخروج من واقع يتشظى وتطورات قد تلحق أذى بالوطن إلا من خلال معالجات سريعة وحلول محددة لقضايا الجنوب كلها ودونما تهرب وترحيل أزمة، فالمؤكد أن الجنوب اليوم غيره بالأمس. أكان الدعم خارجي إيراني سافر أم نزوع داخلي نحو الانفصال، فالحشود تكشف عن ظاهرة ينبغي التعاطي معها بمسؤولية ولا أدعو هنا لمحاربتها أو الوقوف ضدها أو تجاوزها كمطلب، إنما أريد أن نستجيب لما ترفعه من شعار ما لم يقدم الوحدويون خلاف ذلك وينزلون الساحات بحب واحترام ليعبروا عن وجودهم، ونشعر نحن أن القضية في الجنوب الحبيب هي مظالم لابد من إزالتها ولكن ليس بطريقة الحوار الذي جمع كل من هب ودب واتسع فيه الرقع على الواقع، وصار بفعل كثرة المتحاورين لا معنى له ولا فائدة ترتجى منه، وأي حوار كما هو متعارف عليه تاريخياً لا يتم إلا عبر أشخاص محددين لا يتجاوزون العشرات.

في حين حوار القادم الوطني هو إرضاء وجاهات وتعبير عن قوى وليس شعب ووطن، وحوار كهذا محكوم عليه بالفشل لأنه أنبنى على رغبات ومطامح وتطلعات ذاتية وإرضاء وتراضي بين قوى معينة وليس تعبير عن واقع فيه الانفصال يبرز بقوة ويؤكد على تواجده ويحدد مطالبه في رحيل المستعمر الشمالي كما هي الشعارات تقول ذلك ويرددها جمهور الحراك الانفصالي.

وإذا نحن إزاء حالات واضحة سواء المطالب مشروعة أو غير مشروعة في النهاية هي تقدم نفسها كثقل وكجماهير وقوى تحتشد وتنادي برحيل المستعمر ولست أعرف إلى أين يرحل على سبيل المثال نظام اليوم المتمثل في فخامة رئيس الجمهورية (عبد ربه منصور هادي ودولة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة) وهم يمثلون النظام في اليمن وبأي معنى نسميهم محتلين أو مستعمرين للجنوب.

الواقع أن ثمة شعارات تطلق جزافاً وتعبر عن نوازع أخرى، لكن حتى وهي هكذا تبقى تعبر عن وجود قوي وحيوي وفاعل وإذا ما أستمر في تناميه، فقد يصل الوطن إلى مرحلة مخيفة من تدهور أمني وربما صراع مسلح لا نرجوه.

من أجل ذلك نؤكد أن من الضرورة بمكان أن يكون حضور القوى النضالية الوحدوية في الجنوب حضورها، فهي مطالبة اليوم بعدم الصمت وأن تعبر سلمياً وديمقراطياً عن وجودها وتواجدها في الساحات وأن لا تكتفي بالبيات الشتوي والصمت حيال ما يجري، فالوحدة لا تخص الشماليين وحدهم وإلا بطلت من أن تكون كذلك.

كما أنه من العيب لذات القوى في الجنوب أن تحب الوطن كما تهوى، فهي مع الجنوب وضده في آن، هي مع الوحدة مادامت تعيش رغدها ومع الانفصال ومدارات جماهير الحراك إن فقدت مصالحها، هذا على الأقل ما وجدناه لدى طرف جنوبي كانت له مصالحه مع النظام السابق حتى إذا ما أنهار وخرج عن مدار السلطة والتسلط رأيناه في مقدمة حشود فك الارتباط. ذلك لأن المنطلق في كل هذه الأمور هي المصالح لا غير ولو كانت قناعات وطنية ونضال حقيقي لما رأينا تحول هذه القوى إلى متطرفة انفصال.

وباختصار شديد ما نعيشه اليوم من تداعيات لا ينبغي الصمت حياله ولا ترحيله كأزمة ولا انتظار الحوار الذي لن يكون حواراً جاداً بحشود كبيرة ورغبات شخصيات لا تجد نفسها إلا من خلال التناقضات كما خبرناها ورأيناها وكانت في كل أعمالها تنزع إلى التفرد واغتنام فرص التناقضات لتنوجد كطرف يحتوي الأطراف المتناقضة بذريعة الوقوف عند مسافة واحدة من جميع القوى المتناقضة وهو وقوف انتهازي وتعبير عن مداهنة ورغبة في السيطرة عندما ترى طرفاً يتغلب على آخر، فتقف معه وتسنده وتنزع إلى التعبير عن حضورها بمزيد من الولاء للقوى المهيمنة.

وهنا لابد من صحوة جماهير لتعرف مكامن وأخطار الحوار القادم الذي لن يكون مثمراً وفيه العديد من الشخصيات هي في المحصلة أو الكثير منها كان سبباً رئيساً في صنع الأزمات والتداعيات إبان مرحلة التغيير أو في حرب صيف 18994.وهذا ما لا يجعلنا نثق في مدخلات الحوار ولا في مخرجاته.

سيما وثمة متغير رأيناه قبل يومين على لسان الحبيب الجفري) الذي نراه يقدم نفسه على الدوام أنه أول من طرح حل الفيدرالية والأقاليم بين الجنوب والشمال، وبالأمس من على قناة الحرة يطل ليقول إنه أول من دعا إلى الانفصال وبكل تأكيد مواقف (الجفري) لا تكون جزافاً ولا ينطق عن هوى ما لم يكن لديه ضوء أخضر خارجي ومعه في نفس التيار (حيدر العطاس) ليلتقي موالون للخليج والسعودية وطهران على مسألة فك الارتباط والقارئ اللبيب عليه أن يعرف مكمن الخلل ويسأل لما الخارج يتفق على الداخل في انفصاله؟ وما هو القادم من طهران والجيران؟ ما حدوده؟ وأين يقف؟ ومتى سيلتقي؟ وبأي معنى سيقدم نفسه في الحوار؟الذي أنا شخصياً أخافه كونه كمن يقفز في الظلام وكون القائمين عليه صناع أزمات بدقة كما عرفناهم سابقا....

زر الذهاب إلى الأعلى