أرشيف الرأي

هكذا اصبحنا.. !

اختلت معايير الحياة في الواقع كما اختلت ذائقة الناس للأمور ..اصبح للقوارض من البشر قصور من الثناء والتقدير واصبح للشرفاء بيوتا في الحفر..

اصبحنا ننصف الظالم من المظلوم ونزيد على ذلك ونعتذر نستنكر الفطرة السليمة ونعدها تخلف ورجعية... ويعلو فوقنا من خف عقله وثقل وزنه واستخف بعقولنا ..لنخشى العقلاء خوفا من تعقلهم ..وليظل عالقا في القاع من له حكمة أو بصر .

كنا نرتضي أن تسلب منا حقوقنا خوفا أن تدوسنا الأقدام الكبيرة أذا لهثنا خلف حقا انتزع منا.. والان هل نقبل التشظي وجلب الموت إلى الديار بدلا من الخبز والامل..
فماذا فعلت بنا الثوارت هل منحتنا قلبا شجاعا يتسع لأسراب المعاناة وطعنات الرصاص واصواتا تصم آذان الباطل وتزعزع عروش التصقت في دماء واجساد الشعوب ...

هل هذا كل ما منحتنا تلك اليقظة ؟ ام أن انتفاضة الذبيح تلك لن تكون رقصة الموت الأخير ..وانما ميلاد عهد جديد ..بعقلية جديدة لا تلك العقلية المريضة التي تقبل تحميل برامج جاهزة مفيرسة لا تحاول ابدا فحصها أو البحث عن نقاط الخلل فيها كي تدمر بعد ذلك كل ما حاولت الثورة بناءه في قلوبنا..

ما للبعض يعيش محشوا بالخرق البالية القذرة كاللعبة في يدي طفل يعاني الانفصام...فيظل يسرح بيننا يتنقل بين الفئات ناشرا رائحة حشوته العفنة..
يسير مع التيار فأذا نعق داعي الفتنة اسرج خيله وخاض في دماء العدالة وكأنه صاحب حق اريد به باطل يشتت على الناس افكارهم ويسوقهم في ثورة مضادة ..تسمى الأنقاذ..

كالاقلام المساقطة تعثرت برداء النبل والاخلاق فقط لأنه يعيق اي تحرك ملتوي مشبوه فأمتشقت عارية من كل شيء يستر عوارها ..متجردة من كل حياء الزمان والمكان رافضة ان تصبح قلما لأنسان ..بل كائنا ينفث احباره الاخطبوطية لتضليل وجه الحقيقة..
ماذا منحتنا الثورة ؟... انقساما جديدا.. ومتعددا واذرع اخرى ..اقوى كي تخنق ربيعنا المزهر بصور كانت لأبناءنا لكنهم قتلوا ..شهادة لنيل حقهم في الحياة؟

لقد كنا شعبا.. نواجه غولا يأكل احلامنا فكيف حدث الانقسام ولماذا ضاعت ملامح الثورة في وجوه المرتزقة ..واصبح اعداء الامس اخوة..

هل ظهرت اصوات الساحرات المغرية ذات الرنيين والحفيف الورقي العذب فتقبلها الضعفاء واصغوا لها تجذبهم إلى اعماق بحر من الاطماع والرغبات المدمرة .. ام هي قوى الشر تتجمع وتتساند ليوم الملحمة...

كأنما الامور كلها في الحياة تدور على محورين اثنين لا ثالث لهما وان ادعى البعض وجود اكثر من محور تدور عليه حياة البشر..

هذان الامران هما الصح والخطاء أو بمعنى اخر الشر والخير... وتكمن مشكلتنا اننا جميعا نعتقد اننا الخير وان مانفعله هو الأصوب ..انما الخير لمن ومن اجل من؟
هل من اجل انفسنا و رغباتنا وتطلعاتنا ام من اجل الوطن أو مصلحة الوطن التي اصبحت هي السفلى وليس كما نتشدق انها هي العليا...

سنظل ندور في هذا الفلك تتقاذفنا موجات تعلو وتهبط ننتصر حينا ونهزم حينا في صراع دائم ... صراع بين الخير والشر..

زر الذهاب إلى الأعلى