[esi views ttl="1"]
أرشيف الرأي

وزراء الوفاق

في خبر مؤسف حد الحزن والألم ، قرأت "أن وزيري الشؤون القانونية الدكتور محمد المخلافي والإعلام علي العمراني يقرران مقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء التي تنعقد كل ثلاثاء" .

- اتدرون لماذا ؟؟
- "لأن جنوداً من الأمن المركزي - بحسب المواقع الاخبارية - فتشوا الوزيرين"!!!!.

وأن يفتش الجنود وزيرين، فتلك لا شك كارثة ما بعدها كارثة ، ومصيبة لم يسبق لها مثيل في التاريخ .. فكيف يمكن للجنود الذين تعودوا تفتيش المواطنين ، وملاحقة "الغلابة" من المارة ، وأصحاب الموترات والدبابات ، والتاكسيات أن يجرؤوا ويفتشوا وزيرين بطولهما وعرضهما ؟؟!! ..إنه عمل أخرق، وجرم كبير لا يجوز السكوت عليه.

وهذا الخبر ، بقدر ما كان ملفتا للكثيرين كان بالنسبة إلي صادما ، فهذان الوزيران مدنيّان – يعني ضد السلاح ومع النظام والقانون - ولم يعودا يناديان بدولة مدنية حديثة ، وإنما هما من موقعهما كوزيرين يبنيان لنا نحن اليمنيين دولة مدنية حديثة، بل وفوق هذا وذاك جاءآ إلى الحكومة محمولين على اكتاف شباب الساحات ، فهما محسوبان على الثورة والتغيير، ومن أبرز مطالب التغيير هي أن يقف الناس متساوون أمام النظام والقانون في التفتيش ، والسير على الاقدام في الشوارع، وأكل "الكدم" و"الروتي" اليابس ، والخمير المحمر، وشرب الشاي المحوّج في قهوة العم سعيد.

فكم كنت أتمنى على الوزيرين ، وأحدهما يقود وزارة تمسك بتلابيب النظام والقانون، وتعمل على سن وإعداد التشريعات ، والآخر يمسك بزمام وزارة سيادية تهتم بالتوعية والتنوير في المجتمع، وتعلم الناس كيف يطبقون الانظمة والقوانين ، كم كنت أتمنى عليهما ، وهما صديقان عزيزان ، أن يقاطعا اجتماعات مجلس الوزراء لأسباب أخرى، لها علاقة بمعاناة الناس ، وهمومهم ومشاكلهم ودمائهم ، والتي تبرز في مقدمتها :

- الاحتجاج على تتالي سقوط الطائرات الحربية فوق رؤس الناس في الأحياء السكنية في العاصمة صنعاء ، وعدم قدرتها على الكشف عن الاسباب الحقيقية وراء مثل هذه الحوادث التي ينتج عنها الخراب وسقوط الأبرياء من المواطنين.

- كنت أتمنى من الوزيرين وغيرهما من وزراء حكومة "الوفاق الحزبي" أن يقاطعوا لقاءات الثلاثاء احتجاجا على عدم توفير الحكومة علاجات لمرضى السرطان، والفشل الكلوي ، وأمراض الكبد ، التي تفتك بأبناء شعبنا من الاطفال والنساء والشيوخ. وليس احتجاجا على خضوعهما كبقية عباد الله للتفتيش أمام أجهزة أمنية مختصة.

- واحتجاجا على عجز الحكومة وعدم قدرتها على منع تهريب أطفالنا إلى السعودية حيث تداس كراماتهم وتنتهك إنسانياتهم ، وتباع أجزاؤهم، ويتعرضون للاغتصاب والتجويع والامتهان والموت أيضا.

- كنت اتمنى أن يقاطع الوزيران اجتماعات الحكومة لأن رئيس الوزراء أصبح محاصراً وعاجزاً عن أداء مهامه ، ولا يعرف ما لذي يجري بداخل أروقة وزارتي الدفاع والداخلية والأمن القومي والسياسي ، ولا يعرف كيف يضرب الأمريكيون المواطنين بالطائرات بدون طيار، ولا يدري كيف تهرب الاسلحة والمتفجرات إلى داخل البلاد.

- كنت أتمنى ان يبرر الوزيران مقاطعتهما اجتماعات مجلس الوزراء لأن قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لم يصدر حتى الآن وهما يحكمان عبر وزارتين سياديتين في الحكومة.

- كنت آمل أن يرفض كل الوزراء استمرار عجز الحكومة ووزارة الداخلية في ضبط موترات الموت السياسي.
- كنت أتمنى أن يقاطع الوزيران والوزراء جميعهم اجتماعات الحكومة لأن الثورة والتغيير ودماء الشهداء سرقت بليل.

- وكنت أتمنى أن يعلن الوزراء الآتيين من الساحات استقالة جماعية من الحكومة لأن أول الثائرين أحمد سيف حاشد تعرض للضرب ومحاولة اغتيال ، وسفكت دمه أمام بوابة رئاسة الوزراء ، وهو يطالب الحكومة بمعالجة جرحى ومعاقي ثورة التغيير، الذين تركتهم الحكومة ينزفون دماً، ويموتون أمام رئاسة مجلس الوزراء دون أن تمد لهم يد العون ، بينما نجدها مشغولة بتعويض الزعامات والمليشيات المسلحة بأموال طائلة من الخزينة العامة للدولة ومن قوت الشعب.

- كنت أعتقد أن الوزيرين المثقفين سيقاطعان اجتماعات الاستاذ باسندوة لأنه يشغل منصب رئيس للوزراء وهو مجرد من الصلاحيات ، ولا يدري لماذا هو رئيس للوزراء، ولا يعلم أو يعرف بشيء مما يجري في البلد ، أكثر ما يعرفه المواطن العادي – كما يقول

- كنت أرجو وأتمنى من الوزيرين وهما يمثلان رغبة الانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة مقاطعة إقلاق وتخويف الناس في الشوارع وهما أو بعض زملائهما يجوبون الأحياء والحارات بأطقم الحماية والمسلحين .. ويعلنون جميعا احتجاجهم ورفضهم لاستمرار انتشار المليشيات القبلية والحزبية المسلحة التي تسرح وتمرح في العاصمة صنعاء وبعض عواصم المحافظات دون أن تحرك الحكومة ساكنا بشأنها.

نعم، كنت أتمنى على الوزيرين بل على الحكومة ، أن تفعل الكثير، وأن تستقيل بكامل قوامها فقط احتجاجاً على انشغال "الوفاق الحزبي" عن الوطن وكل قضاياه ، بالتسابق للسيطرة على الوظائف العامة، والسيطرة على المفاصل الهامة بتوظيف الأقارب والمحاسيب وأعضاء أحزابهم دون غيرهم من المواطنين اليمنيين المؤهلين ، والمتقاعدين قسرا في سن الشباب في بيوتهم – إن وجدت لهم بيوت ..

لكن هناك أسئلة تتبادر إلى ذهني اللحظة، فيما لو استقالت الحكومة فعلا ..!!! ما الذي سيحدث ..؟؟!!

أنا لا أصدق .. كيف ستسير أمور العباد والبلاد .. ؟؟
- كيف لو استقالت الحكومة ؟! وتحررت ساحة الحرية أما مجلس الوزراء من الاغلاق والحراسات المشددة ؟؟
- ثم ، من سيغلق الشوارع والساحات ونحن بدون حكومة ؟!
- بماذا ستنشغل القوات المسلحة والأمن ؟؟ ومع من ستتحرك الأطقم المسلحة ، ومن ستحمي والوزراء غائبون؟
- مع من سيتحاور مذيع السعيدة محمد العامري ، والوزراء مافيش ؟؟
- من سيوظف أبناء الوزراء وبناتهم وأقاربهم وأنسابهم وأحفادهم ؟؟!
- من سيبتعثهم إلى الخارج ويرصد لهم المنح الدراسية والمالية، وهم فاشلون في مدارسهم؟
- ثم من سيوقع على الشيكات، ومن سيقر ويوجه بصرف المليارات للشخصيات والقوى النافذة بالحق والباطل ..؟؟!!

أنا شخصيا لا أتخيل بلدنا بلا حكومة ... ولذا أعلن هنا تضامني مع ما تعرض له الوزيران العمراني والمخلافي من تفتيش في الأمن المركزي، أو في أي نقطة أو شارع ، فتفتيش الوزير والمسئول ، أو حتى توقيفه مخالف للنظام والقانون ويجب محاسبة ومعابقة المتسببين.
وإنا لله وإنا اليه راجعون.

زر الذهاب إلى الأعلى