آراءأرشيف الرأيالفكر والرأي

عودة المومياء

في بكائية صالح الأخيرة في احتفاليته المختلفة عن أحتفالات الشعب بأكمله (فقد عودنا منذ القدم بأن افراحه في غير وقتها واحتفلاته لا تمت لوطنه بصلة هي تخصه دون غيره ) الا انه وكقصيدة طللية بائدة بداء وانتهى وختم بشكواه أن المشترك والاصلاح خاصة يحاولا جاهدا إقصائه عن الحياة السياسية والتي بدورها هي حياته ككل وانه يرفض ذلك تماما في جملة كبيرة من الرفض المتسلسل للأنفصال والتخريب وقطع الكهرباء ..و..و

ومع أن هذا الخوف والرعب فيه عزاء كبير لأولئك الذين يرون أن اليمن هي الدولة الوحيدة في العالم التي تنعم وبشكل خاص برئيسين كل واحد اضلع من الاخر لغويا احدهما مجنون بداء العظمة والاخر هاديء اكثر من المطلوب .

وانها تتمتع بكيانين مختلفين منقسمين لدولة فاشلة وفاقية كل قسم يعمل جاهدا على إفشال الأخر وإظهار مساوئه بدلا من الأهتمام بشئون وزاراته.

ومع مخاوفنا المتفاقمة من الإنقسامات العجيبة التي تحدث في اليمن وكأن اليمن منقسم على نفسه رغما عن انفه ونحن بذلك نشبه الخلية الأم حين تواصل الأنقسام والتكاثر حتى يأتي يوم يمثل كل مواطن دولة مستقلة خاصة به .

أن وجود صالح في الحياة السياسية مصرا على الظهور بين فينة واخري بين حشد كبير من انصاره مدفوعي الأجر ينظر لمستقبل اليمن ويرمي بأرائه القيمة في وجوه اليمنيين ليس استفزاز لمشاعر الثوار فقط بل هي مهزلة خاصة بهذا الرجل الغريب الذي يصر على البقاء رئيسا حتى بعد احتراقه كرجل سياسة .

الا اننا في غمرة الحماسة الثورية نتناسى أن لكل بلد خصوصيته والقالب الثوري الملائم له فليس ما يصلح لدولة كمصر مثلا يصلح عندنا . فاليمن بلد فريد في مكوناته وقد تكاثرت علية التهديدات في تمزيق اوصاله وأي تفكير بحل ثوري غير المبادرة الخليجية وماترتب عليها من تدريجية إزالة النظام هو الأنسب حتى لا نكون كسوريا مثلا التي دخلت عامها الثالث في حرب دامية لم يشهد القرن الحالي بشاعة كبشاعتها .

ولقد اعتبر الاصلاح في انتخابات 97 إدخال قانون جديد في الدستور اليمني ينص على الترشح لمنصب رئيس الجمهورية انتصارا في ذلك الوقت وعملا تدريجيا لتغيير النظام خاصة أن صالح كان يشرع لنفسه متى شاء بقوانين دستورية تضمن بقاؤه في السلطة منفردا ومن ثم توريثه لأبنه ولقد اعتبر انتصارا عظيما رغم أن مرشحهم الوحيد كان صالح رضوخا عند فكرة العمل التدريجي وفق ضرورة ووضع البلاد الراهن وهذا ما أًخذ على حزب الاصلاح بعد ذلك .

الا ان ترشيحهم للمرحوم بن شملان كان بمثابة تهيئة لشعب ظل ينادي زمنا طويلا (مالنا الا علي) ومقولة (جني تعرفه احسن من انسي لا تعرفه).

ولعل ثورتنا هذه والتي ظللنا نتحسر كونها ثورة ناقصة مازال اعداؤها وقاتلي شهدائها في مراكزهم لعل ثورتنا هذه ستكون ناجحة ومع اقل الخسائر ولكن بصبر وتروي يتيح لنا بتر اذرع الاخطبوط ونزع مخالب الضباع التي كانت مغروزة في مفاصل الدولة ومتمكنة من اسلحة فتاكة موجهة لصدور اليمنيين في صنعاء وخارجها وحتى تأتي نهاية الرأس بعد ان يشل الجسد تدريجيا وهذا امر لا بد منه فأقصاء صالح من الحياة السياسية ليس مطلب الاصلاح فقط بل هو مطلب كل الشرفاء في اليمن فهذا الرجل مازال يمثل رأس الافعي التي تتلاعب في وجه اليمن ملوحا بأكثر من ورقة سوداء اهمها الانفصال والحرب السابعة للحوثيين ...

زر الذهاب إلى الأعلى