رحل هذا الرجل الإنسان كما يرحل الرجال.. وبدون ضجيج ولا مقدمات.. المسكون بحب الخير، والذي لم يتردد مطلقا عن مد يد العون والمساعدة لكل محتاج، إن مواقف الراحل الدكتور علي هود باعباد تدل على أنه أدرك أن الحياة عطاء وبذل وسخاء، فأعطى وتفانى في العطاء، فقد عاش فاعلاً وناجحاً وتصرف كما يتصرف الرجال ورحل رحيل الرجال رحمه الله رحمه الأبرار وتغمده بشآبيب المغفرة والرضوان وأسكنه الفردوس الأعلى ..
كان هاجس تأسيس جامعة حضرموت هو الهاجس الذي يشغل الدكتور علي هود باعباد يرحمه الله فلقد تم التواصل مع الكثير من الشخصيات المؤثرة على مختلف الأصعدة وتمت الكثير من اللقاءات حتى تمكنا من الخروج بفضله وفضل الخيرين من تأسيس جامعة حضرموت ، ولم يكتفِ بهذا بل بما يحمله من الهمة العالية فلقد واصل فطرح فكرة استقطاب مدرسين ذو كفاءة عالية ولما كانت المرتبات لا تكفي في الدرجات المخصصة لتلك الوظائف فطلب استكمال المبالغ للوافدين من مدرسين للجامعة حيث تمكنا من توفير المبالغ ونجحنا في تدبير ما طلبه لمدرسي جامعة حضرموت .
كما أن المغفور له بأذن الله تع إلى كان وراء تكوين مجلس أمناء جامعة حضرموت ، وكان على تنسيق مع هذا المجلس وتحققت الكثير من المشاريع بفضله وفضل علاقته الوطيدة بمجلس الأمناء .
ولقد كان هذا الرجل حريصاً لعودتي إلى حضرموت بعد انقطاع لظروف ليس هذا مكان استعراضها وقد كنت أواعده كلما تواصلنا ولم أقرر موعداً للزيارة ، حتى كنت مصادفة في زيارة لمكتب الشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان وكان في تواصل عبر الهاتف مع المغفور له بأذن الله علي باعباد وفي نهاية المكالمة كان أبا فيصل يقول له هلل لك من طلبات أخرى ..؟؟ ، فقال : إقناع الأخ عمر بامحسون زيارتنا في حضرموت . ، فرد عليه أبا فيصل مباشرة : حدد التاريخ ..؟ ، فحدد يوم احتفال محافظة حضرموت بذكرى الوحدة في مايو 2005م ، ولم استطع إلا أن أقول للشيخ المهندس عبدالله أحمد بقشان غير كلمة " موافق " على ذلك وكان على رأس مستقبلينا في مطار الريان بالمكلا عند أول زيارة لي إلى حضرموت ، وكان أن حظينا بتكريمنا من الجامعة .
وبعد أن ترك الجامعة وانتقل أميناً عاماً مساعداً للأمين العام لاتحاد الجامعات العربية في العاصمة الأردنية عمّان حيث تجددت اللقاءات معه عند زيارتي لطلاب مؤسسة الصندوق الخيري للطلاب المتفوقين حيث استمر في هذا المنصب من العام 2006م وحتى 2011م .
وفي آخر زيارة له لمدينة الرياض وبعد أن شرف منتدى ثلوثية بامحسون الثقافي في ندوتها ( كنفدرالية الجزيرة العربية ) بتاريخ 15 يناير 2013م التي قدم فيها مداخلة ثرية وكانت الندوة تضم النخبة من الأكاديميين والأساتذة والمتخصصين واستند في تعقيبه على تاريخه القديم عندما كان أستاذاً في جامعة صنعاء التي حصل منها على الماجستير والدكتوراه وكان مدرساً للثقافة الإسلامية بجامعة صنعاء وكان في محاضراته لطلابه يركز على وحدة الجزيرة العربية كمشروع يراه مناسباً للأمة .
وقد كان له في تلك الزيارة رغبتين ملحتين الأولى هي المشاركة في الاحتفالات التي ستقام بمناسبة اختيار الطيبة " المدينة المنورة " عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2013م ، وكان لديه أمل أن يقدم ورقة بهذه المناسبة ، أما الرغبة الثانية فقد سلمني بحث أعده عن الأسباب والمسببات التي تدفع لإخراج " جامعة الوادي " من حيز القرار الجمهوري الذي جمّد إلى حيز الواقع لحاجة الطالبات والطلاب لجامعة الوادي مع تزايد أعداد الخريجين والخريجات من الثانوية العامة بدلاً من عناء السفر والانتقال إلى جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا في المكلا .
ولا يسعني ونحن نتذكر مآثر الفقيد ودوره في خدمة العلم والعلماء ، وما قدمه لليمن وللثقافة الإسلامية وهو الذي قاد إدارة جامعة حضرموت بكل كفاءة وجدارة في مرحلة تأسيسها وغرسها في التربة الصالحة بإخلاص ونفانٍ ومحبة للخير ولحضرموت ، وحضرموت وأبناءها الذين سيتذكرونه اليوم وقد فارقهم وسيرفعون أكفهم تضرعاً ودعاءً له بما قدمه لهم لخدمة الجامعة وأبنائها .
أما في ورقته التي يرغب في تقديمها بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية فعلى ورثته أن يرسلوا لنا ببحث الفقيد كي نقوم بطباعته بما يليق بمدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وإبراز تاريخها الثقافي الذي هو ثقافة الأمة بأجمعها ، خاصة وأننا قررنا أن نقيم ندوة عن " المدينة المنورة " في "منتدى ثلوثية بامحسون الثقافي " بهذه المناسبة .
كما نتوجه إلى رئيس جامعة حضرموت الدكتور محمد سعيد خنبش بإقامة ندوة عن الفقيد يشارك فيها خريجي الجامعة للتعبير عن خصال الراحل الفقيد يرحمه الله وما قدمه لحضرموت وأبنائها ، كما نطالب أن تخصص قاعة من قاعات الجامعة لتحمل أسمه بل من حقه على محافظة حضرموت أن يحمل أحد شوارعها أسمه .
وأتقدم إلى طلابه الذين درسوا وتعلموا على يده في صنعاء وحضرموت أن يؤسسوا منتدى يحمل أسم "علي هود باعباد" لتبيان مآثره وما قدمه للعلم وطلاب العلم ، ودراسات ما قدمه من كتب قيمّة منها : " مشكلات الشباب اليمني " و"خطورة الغزو الفكري والعسكري على الأمة العربية والإسلامية" و"أنظمة التعليم وفلسفتها في دول العالم" و"جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا حلمًا أصبح حقيقة" ...
رحم الله الصديق والحبيب والزميل ، رحمه الله رحمة واسعة ، عرفته باذلاً بسخاء ، وفاعلاً في الخير والعلم ، رحم الله الدكتور " علي هود باعباد " وجمعنا به في جنات النعيم ..