يقول تقرير وضعه المفتش العام العراقي ان الاميركيين لم يبنوا مشروعاً واحداً في العراق يمكن الاشارة اليه رغم انفاق 60 ملياراً من الدولارات، لكن يمكن القول الآن في الذكرى العاشرة لاحتلال العراق ان هذا الكلام غير صحيح، لأن الاميركيين بنوا اخطر مشروع تدميري للمنطقة، وافضل دليل عليه تصريح نوري المالكي قبل ايام بأن "الحرب المذهبية على الابواب ولن يسلم منها احد"!
في 23 ايار عام 2003 اي بعد اسابيع من احتلال العراق، تلقى بول بريمر موافقة جورج بوش على حل الجيش العراقي تحت عنوان "اجتثاث البعث"، وكان هذا بداية خطة لنشر الفوضى أريد لها ان تشكل مدخلاً إلى صناعة الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة، التي قد تشعل المنطقة وتغرقها في حروب بغيضة.
في موازاة هذه الخطة راهن الاميركيون على الاطماع التوسعية الإيرانية في العراق والاقليم لتشكّل زيتاً يلقى على نار الفوضى الامنية. فاذا كان العراق منصة اميركا لجعل المنطقة مستنقعاً لصراع تشعله حرب اهلية عراقية، فانه ايضاً منصة إيران، لا للثأر من العراق بعد حرب الاعوام الثمانية فحسب بل لمد نفوذها الاقليمي وتعزيزه في اتجاهين، شرقاً وصولاً إلى لبنان وغزة عبر "الجسر" السوري، وجنوباً في اتجاه دول الخليج وصولاً إلى الحوثيين لجعلهم كفكي كماشة عند خليج عدن!
وهكذا وافق شنٌّ طبقة، الرغبة الاميركية في إشعال نزاع مذهبي طويل يغطي على فشل الحل السلمي في فلسطين بما يريح اسرائيل ويفتح باباً مزدهراً لبيع السلاح، وفي المقابل الرغبة الإيرانية في لعب دور محوري في الخليج ينشّط تدخلاتها بما يعزز اوراقها النووية. لكن الامور كانت في حاجة إلى اشعال الفتائل المذهبية النائمة،وهنا تكشف وثائق مثبتة، ان الاميركيين انشأوا فرقاً للتعذيب الطائفي في العراق شنت حرباً قذرة بادارة الكولونيل جيمس ستيل واشرف عليها دونالد رامسفيلد شخصياً.
في تحقيق لصحيفة "الغارديان" و"بي بي سي" ان البنتاغون اقام وحدات تعذيب واعتقال اشرك فيها ميليشيات شيعية مثل "فيلق بدر" وادارها جيمس هوفمان بالتعاون مع ستيل وبتوجيه من الجنرال ديفيد بترايوس الخبير في حروب اهلية ادارتها واشنطن في اميركا اللاتينية، وفق صحيفة الجيش الاميركي "ستارز اند سترايبس"، وكان واضحاً انه في سجن "ابو غريب" وغيره جرت الممارسات المتوحشة لإثارة الضغائن المذهبية، وخصوصاً بعد تعمّد نشر صور عمليات التعذيب التي تعرض لها السنّة والبعثيون.
عندما يتم تجاوز نتيجة الانتخابات ويفرض نوري المالكي رئيساً للحكومة في اطار صفقة اميركية إيرانية، ويتورط العراق في دعم النظام السوري بالسلاح والمال وتتحرك المناطق السنية في الأنبار وغيرها، ليس كثيراً القول إن "الحرب المذهبية على الابواب"، ولكن من الذي مهّد لها وينفخ في ابواقها؟!